أعلن نادي ريال مدريد في الساعات الأخيرة تعاقده الرسمي مع الظهير الأيسر لبنفيكا والمنتخب البرتغالي فابيو كوينتراو، بعد مفاوضات دامت عدة أيام بين إدارتي الفريقين أفضت في الأخيرة إلى الوصول لأرضية اتفاق نهائية، وهي الصفقة التي أثارت ضجة إعلامية كبيرة وأثارت ردود أفعال الكثيرين في الأوساط الكروية الإسبانية، الذين اعتبروا أن إقدام الإدارة الملكية على استقدام اللاعب البرتغالي غير مفهوم وأن هذه الصفقة تبقى غير مفيدة للنادي في ظل تواجد اللاعب مارسيلو الذي يلعب في نفس المنصب ويقدم مباريات مقبولة، وهو ما يجعلنا نخوض في هذا الموضوع ونقوم بتحليل بسيط من أجل الكشف عن الأسباب التي عجلت بقدوم هذا اللاعب إلى التشكيلة الملكية .
مورينيو زكى مواطنه ويريد تغيير ميكانيزمات اللعب ولعل السبب الأول الذي جعل الإدارة الملكية تقدم على استقدام مدافع بنفيكا كوينتراو، هو تزكيته من قبل مواطنه البرتغالي المسؤول الأول عن العارضة الفنية للنادي جوزيه مورينيو، الذي يشرف على عملية الإستقدامات وقائمة المغادرين في الفريق بعدما منحته الإدارة سلطة أكبر والبطاقة البيضاء في التصرف كما يحلو له، ومن الوهلة الأولى يتضح أن مورينيو أصر على استقدام مواطنه رفقة اللاعب التركي نوري شاهين تمهيدا منه لتغيير طريقة عمله والخطة التي سينتهجها الموسم المقبل، بعدما طبق في الموسم الفارط خطة 4-2-3-1، التي لوحظت عليها بعض النقائص والثغرات من قبل المختصين .
يعول على تقديم مارشيلو للوسط والإستفادة من دعمه غير أن السؤال المحير والذي يشغل بال كل عشاق التشكيلة الملكية ومتتبعي الكرة الإسبانية والعالمية على حد سواء هو شكل الخطة الجديدة التي سيعتمد عليه مدرب الريال، حيث تشير كل المعطيات أن النادي الملكي سيظهر الموسم المقبل بخطة 4-3-3، أين سيتم تحويل اللاعب البرازيلي مارشيلو إلى خط الوسط مقابل إشراك كوينتراو كظهير أيسر، وهذا حتى يستفيد النادي من إمكانات مارشيلو في هذا الخط والتي كشف عنها في عهد المدرب السابق بيلغريني، كما أن بعض الملاحظين أشاروا إلى أن المدرب البرتغالي قد يعتمد على خطة جديدة وهي 4-3-1-2 ، حيث سيكون نوري شاهين ومارشيلو وتشابي ألونسو (أو خضيرة كبديل لأحدهم) في وسط الميدان، ويتقدمهم مسعود أوزيل الذي سيلعب خلف الخط الأمامي، الذي سيتشكل بنسبة كبيرة من روناردو رفقة هيغوين (أو بن زيمة). .. وضمان أحسن بديل لمارشيلو في حال إصابته أو إرهاقه وفي المقابل، وبعيدا عن الحسابات التكتيكية وميكانيزمات اللعب، فإن المسؤول الأول عن العارضة الفنية للنادي الملكي أصر هذا الموسم على استقدام ظهير أيسر لضمان أحسن تغطية وبديل للاعب البرازيلي مارشيلو، بعدما أدرك مورينيو أنه كان محظوظاً جداً بعدم تلقي تشابي ألونسو أو مارشيلو لأي إصابة خطيرة الموسم الفارط بشكل يحرم الفريق من خدماتهما، وإيمانا منه بأن الحظ لا يدوم ولا يبتسم للمدربين دائما مع نفس الأسماء، فقد فضل جوزيه أن يلعب ورقة الحذر وقرر البحث عن ظهير أيسر من شأنه أن يغطي النقص الذي يعاني منه الفريق ويكون أحسن بديل في حال تعرض مارشيلو لإصابة، أو أيضا للإرهاق، باعتبار أن هذا اللاعب خاض موسما شاقا وطويلا، وقدوم كوينتراو سيمنحه الفرصة لكي يرتاح في بعض المباريات، وهو ما يؤكد بأن المدرب البرتغالي يعول على مواطنه كثير وينوي بناء حساباته عليه في المستقبل. قدومه سيخلق روح المنافسة ويجعل مارشيلو يحسن مردوده وهناك قاعدة معروفة في كرة القدم، هي أن اللاعب الأحسن استعدادا، والذي يكون في أفضل لياقة هو الذي يسجل دخوله يوم المباريات الرسمية، لكن هذه القاعدة لم يتم تطبيقها في الريال الموسم الفارط بالنظر إلى غياب الحلول والبدائل بالنسبة للمدرب البرتغالي مورينيو وبالخصوص في بعض المناصب، على غرار الظهير الأيسر، حيث وجد مارشيلو نفسه أساسيا طوال الموسم وحتى عندما كان بعيدا عن مستواه ويقدم مباريات متواضعة لم يكن مورينيو يخرجه لأنه لم يكن يملك لاعبا قادرا على اللعب أفضل منه هجومياً بالتحديد، غير أن الأمور ستكون مختلفة في الموسم الجديد، لأن مارشيلو سيجد أمامه هذه المرة منافسا عنيدا في منصبه، وهو مواطن مدربه كوينتراو، الذي سيكون ورقة ضغط عليه وسيجبره على البقاء في أعلى مستوى ومضاعفة مردوده للبقاء في التشكيلة الأساسية، خاصة وأن اللاعب الجديد سيعطي مورينيو خياراً على مستوى التبديلات أثناء المباراة. وقد يكون أيضا بديلا لراموس على اليمين وفي المقابل، فإن النقطة التي زادت من قيمة المدافع البرتغالي الجديد في التشكيلة الملكية ورفعت أسهمه لدى المدرب جوزيه مورينيو وإدارة النادي ككل، هي أنه متعدد المناصب وبإمكانه اللعب أيضا كظهير أيمن، وهي الصفة التي كان يبحث عنها الطاقم الفني للفريق، بالنظر إلى الصعوبات الكبيرة التي عانى منها النادي الموسم الفارط في كل مرة كان يتعرض فيها سيرجيو راموس إلى الطرد أو الإصابة أو الإيقاف، حيث كان الفريق يجد صعوبات كبيرة في تعويضه في ظل افتقاد البدائل، وهو الأمر الذي يعول مورينيو على تفاديه في الموسم الجديد لمضاعفة حظوظه في اللعب على اللقب، وفي هذا السياق نتذكر ما عاشه النادي الموسم الفارط في مباراة الإياب ضد برشلونة برسم نصف نهائي دوري الأبطال، وباستقدام كوينتراو سيكون المدرب البرتغالي في منأى ومرتاح البال حول تركيبته الدفاعية، باعتبار أنه قادر على اللعب في الجهة اليمنى دون أي إشكال. مورينيو أعجب به لأنه حل هجومي ودفاعي في نفس الوقت وفضلا عن كل المحاسن والصفات النادرة التي يتمتع بها الظهير الأيسر الجديد للتشكيلة الملكية، فإن من بين النقاط التي زادت من إعجاب المدرب البرتغالي بقدراته ورفعت أسهمه بشكل كبير، هو أنه لاعب متكامل من طريقته القوية في الدفاع ومهاراته الهجومية باعتبار أنه يمكنه اللعب حتى كجناح طائر، وهو الأمر الذي يريده مورينيو بالضبط، وافتقده كثيرا في بعض المباريات الحساسة والحاسمة خلال الموسم الأخير، والتي كانت فيها التشكيلة الملكية متقدمة في النتيجة وبحاجة للاعب يلعب بشكل دفاعي أكثر مع الإبقاء على الخطة المنتهجة، لأن الجميع يدرك أن كل من كريستيانو رونالدو ودي ماريا ومسعود أوزيل مهاجمون ولا يحسنون اللعب الدفاعي، وتواجد لاعب مثل كوينتراو صاحب المهارة الهجومية المميزة والقدرات الدفاعية الكبيرة مفيد جدا للفريق يعطي مورينيو خياراً تكتيكياً عبقريا، كما أن الأمر الذي يجب التأكيد عليه هو أن كوينتراو يمكن الإعتماد عليه كذلك في حالة النقص العددي و تعرض أحد لاعبي الريال إلى الطرد، لأنه قادر على تغطية النقص وخلق التوازن ما بين خط الدفاع والهجوم. لكن هل يستحق فعلا صرف 30 مليون أورو؟ تحدثنا كثيرا عن المحاسن التي يتمتع بها الظهير الأيسر الجديد للتشكيلة الملكية، وأبرزنا المعايير التي اعتمد عليها مواطنه البرتغالي ومدرب الريال جوزيه مورينيو من أجل استقدامه إلى فريقه، لكن النقطة التي ينبغي علينا التوقف عندها في ختام مقالنا، هي قيمة الصفقة التي اعتبرها الكثير من المتتبعين مبالغا فيها ومرتفعة بالنسبة للاعب غير معروف ولم يسبق له اللعب في أندية كبيرة، وهو السؤال الذي يتبادر إلى أذهان كل عشاق التشكيلة الملكية ومتتبعي الكرة في إسبانيا، الذين يتساءلون هل فعلا يستحق كوينتراو أن يصرف إدارة الريال مبلغ 30 مليون أورو من أجل الحصول على خدماته من إدارة بنفيكا؟ إعداد: رؤوف. ب