اعتبر السفير الإيراني في الجزائر ، السيد حسين عبدي أبيانه أن التعجيل بإعدام الرئيس العراقي السابق مؤامرة أمريكية بهدف الى طمس حقائق التورط الأمريكي في الحرب العراقية الإيرانية ونفى السفير الإيراني في حوار خص به "الشروق اليومي" دعم بلاده للمليشيات المسلحة في العراق ،، مبرزا أنها تعارض تقسيم العراق وتطالب بخروج قوات الاحتلال الأمريكي في أقرب وقت باعتبار أن هذا الانسحاب هو أهم شرط لعودة الأمن والاستقرار الى هذا البلد .. ومن جهة أخرى ،كشف السفير الجديد للجمهورية الإسلامية في بلادنا عن زيارة مرتقبة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى الجزائر من اجل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين .وكذلك أخرى مرتقبة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الى طهران ... الشروق : كيف تقرأ الحكومة الإيرانية عملية إعدام صدام حسين ؟ السفير الإيراني: في هذه المسألة هناك عدة مواضيع يجب أن تطرح .أولا : من هو صدام حسين ، ماذا فعل ، لماذا كان يجب أن يعدم ، من أعدمه ، ما الذي حصلوا عليه لإعدامه يوم عيد الأضحى ؟ لقد قام صدام حسين بجرائم عديدة في حق شعبه وأفراد أسرته ،وقام بغزو الكويت كما شن حربا على إيران ..ومع ذلك تخالف الجمهورية الإسلامية الإيرانية إعدام الرجل بهذه السرعة وتعتبر هذا الفعل مؤامرة من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية . فصحيح أن مسألة قتل جماعة في الدجيل هي قضية مهمة وداخلية بالنسبة للعراق ،ولكن القضية التي لها صدى وتكشف تورط الأمريكيين هي تلك المتعلقة بحرب صدام مع إيران والكويت ..ويحتمل أن الولاياتالمتحدة عجلت بإعدام صدام لأنه بدأ يكشف عن بعض الأمور الخفية ،حيث كان قد قال " أنا أفتخر بأني ضربت إيران بالكيماوي .." وقد شعرت واشنطن بأن صدام بدأ يتكلم عن المحظور ولذلك أعدموه قبل أن يقول من أين حصل على الأسلحة التي ضرب بها إيران من طائرات وقاذفات وقنابل نووية .. وبالتالي إذا كان صدام سيكشف الخبايا التي تؤكد تورط الأمريكيين والغرب فهو يشكل خطر كبير جدا على هذه الأطراف .والآمر الثاني هو لماذا لم يسمحوا باطالة محاكمة صدام ويطرحوا المسائل التي قدمتها إيران للمحكمة ،ولو كان الأمر بأيدينا لما سمحنا بإنهاء هذه المحاكمة إلا بعد انتهاء كل الأمور التي قام بها الرئيس العراقي السابق .. و التساؤل الثاني هو : لماذا لم يتم إعدام برزان التكريتي وعواد البندر مع صدام رغم أنهم كانوا شركاؤه وصدر بحقهم نفس الحكم ؟ ومن المفارقة أن الأمريكيين هم من أخذ جثة صدام الى تكريت بطائرة أمريكية وطلبوا من كبير شيخ تكريت القيام بدفنه في نفس الليلة التي أعدموه فيها ..كل هذه الدلائل تثبت أن عملية إعدام صدام حسين هي مؤامرة أمريكية ، وما اختيار يوم عيد الأضحى المبارك إلا دليل أخر على أنهم يريدون إثارة الفتنة المذهبية والطائفية بين العراقيين وبين المسلمين .. الشروق : كيف تؤيد إيران محاكمة صدام وإعدامه في ظل الاحتلال وهي التي تعارض هذا الاحتلال ؟ السفير الإيراني: طبقا لاتفاقية جنيف ،فان حكومة القوة المحتلة ليس لها حق وضع قوانين في البلد المحتل ماعدا القرارات التي تؤدي الى استقرار البلد .ولكن الحكومة العراقية الحالية ورغم وجود الاحتلال الأجنبي فقد انتخبت على أساس الدستور وأراء الشعب الذي شارك في تلك الانتخابات . وقد نالت هذه الحكومة اعترافا دوليا والجزائر تعترف بها وهناك تبادل للسفراء بين بلدكم والعراق .وصدام نفسه عندما كان يحاكم كان أمام خيارين : إما أن يصمت ولا يعترف بشرعية المحكمة واما أن يتكلم ، وهو ما فعله مما يعني أنه وافق على صلاحية المحكمة .كما أن قاضي المحكمة كان قد قال لصدام : أنا أحاكمك على أساس القانون الجزائي الذي وضعته أنت ، لذلك سكت صدام بعد ذلك وأجاب على أسئلة المحكمة .. الشروق : هناك اتهامات صريحة توجه لإيران بدعم المليشيات المسلحة في العراق مثل جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر ، ما رأيكم ؟ السفير الإيراني: هذه إحدى الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة ونحن نكذبها تكذيبا قاطعا ونتهم الاحتلال بالترويج لها أي دعم تقدمه الجمهورية الإسلامية للعراق يكون موجها للحكومة وللشعب وبلدنا لا يتدخل في الشؤون الداخلية للعراق وانما يحرص على وحدته واستقراره الذي لن يتحقق في رأينا إلا بخروج قوات الاحتلال .. أنا أريد أن أتكلم بشكل صريح وأقول أن إيران ليس لها فقط تأثير معنوي على الشيعة وانما على السنة أيضا . و أي تأثير لها على السنة والشيعة تستخذمه في توحيد العراق وتحقيق أمنه واستقراره .. .ثم من يتهم إيران ؟ إذا كانوا مسؤولين على مستوى رأس الدولة العراقية فاثنان منهم ينتمون إلى الطائفة السنية ،أي الرئيس جلال طالباني وهو كردي سني ورئيس البرلمان وهو سني أيضا .. وهل يعقل أن تدعم إيران المليشيات المسلحة وتتسبب في إثارة الفوضى وهي التي تجاور العراق وتنفصل عنه بمجرد جدار. في اعتقادنا أن القوى التي احتلت العراق هي سبب المشاكل التي تحصل فيه .فمنذ قرون والشعب العراقي يعيش مع بعضه البعض فما الذي حصل اليوم حتى ينقسم إلى شيعة وسنة يتصارعان فيما بينهما ؟.ليس هناك لبس في أن المحتل هو الذي يقوم بتأجيج النعرات الطائفية والمذهبية في بلاد الرافدين من أجل تحقيق أهدافه ومنها ضرب المسلمين ببعضهم البعض والاستيلاء على نفط هذا البلد .والدليل على ما أقول هو عدم استهداف أنابيب النفط و في المقابل فان تصدير السيارات المفخخة يكون الى قلب المدن العراقية مما يؤدي الى قتل العراقيين بسنتهم وشيعتهم على السواء .. وهناك دليل أخر يتعلق بمدينة كربلاء التي كانت تخضع لقوات الآمن العراقية و تنعم بالاستقرار حتى أن العديد من المكاتب انتقلت من بغداد الى هذه المدينة ولكن الاحتلال نقل إليها الفوضى والسيارات المفخخة حتى لا يجعلها نموذجا يحتدى به في بقية المدن العراقية .. الشروق : هل عرضت عليكم الولاياتالمتحدة أي صفقة بخصوص العراق؟ السفير الإيراني: لا لم تطرح علينا أي صفقة .وفي اعتقادي أن المسألة العراقية ومسألة الملف النووي الإيراني منفصلتان ولا علاقة بينهما .. الشروق : ما هو تقييمكم للعلاقات الجزائريةالإيرانية ؟ السفير الإيراني: هي علاقات جيدة وممتازة وعريقة ،وهذا يعود الى الأزمنة السابقة، حيث كانت لنا حتى قبل الثورة الإيرانية علاقة خاصة مع الحكومة الجزائرية والشعب أيضا بدليل أن الكتب التي كانت تطبع في إيران في تلك الفترة وبأعداد كبيرة كانت تتعلق بثورة الجزائرية التي استفاد منها الكثير من المسؤولين الإيرانيين.. والجزائر هي البلد الذي احتضن توقيع الاتفاقية بين إيران والعراق عام 1975 .وبعد الثورة الإسلامية الإيرانية، فان الجزائر هي التي تدخلت لحل المشكلة بين بلدنا والولاياتالمتحدةالأمريكية. والجزائر هي التي تدخلت كذلك في الحرب العراقية الإيرانية وكانت وسيطا مهما، ولكن للأسف فان الطائرة التي كانت تحمل وزير خارجية الجزائر أنداك بن يحي قد أسقطت بين الحدود الإيرانية العراقية من قبل صدام حسين ونحن نعتبر أن بن يحي هو جزء من شهدائنا الذين سقطوا في تلك الحرب .. وقد تعززت العلاقة بين الجزائروإيران على المستوى السياسي مع الزيارة التي قام بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الى طهران وكذلك تلك التي قام بها الى بلادكم الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي. ونتوقع سفر السيد بوتفليقة مرة أخرى الى بلادنا وكذلك مجيء السيد أحمد نجاد الى الجزائر.مع العلم أن تاريخ هذه الزيارة لم يتحدد بعد ولكنه سيتم في أقرب فرصة ... وبالنسبة لمجال التعاون الاقتصادي، فان إيران مستعدة للتعاون مع الجزائر من أجل توسيع مجالات التعاون التي تشمل في الوقت الحاضر كل من مشروع المليون وحدة سكنية و بناء الطرق و نقل المياه ومجال صناعة السيارات ومشاريع الطاقة الكهربائية وغيرها .. وفي المستقبل القريب ستأتي عدة وفود إيرانية الى الجزائر .وإنشاء الله سنتعاون في مجال الوحدات السكنية ونشرع في إيجاد ألف وحدة سكنية . ومن بين الوفود التي ستأتي الى هنا وفد كبير جدا متخصص في صناعة النفط والغاز .كما أن أول بنك إيراني في الجزائر سيفتتح في أقرب وقت .كما تفكر إيران في إيجاد خط جوي مباشر بين إيرانوالجزائر .علما أن الخط البحري مشغول منذ فترة .. ولكن من أجل القيام بهذه المشاريع الاقتصادية يجب أن تتوفر التسهيلات لأصحاب الصناعة الإيرانية وخاصة البنكية منها . وتجدر الإشارة هنا الى أن أول بنك إيراني في الجزائر . الشروق : الى أي مدى وصلت العروض الإيرانية المتكررة للجزائر بخصوص التعاون في مجال الطاقة النووية؟ السفير الإيراني: في سفر وزير الطاقة الجزائري ، السيد شكيب خليل الى طهران مؤخرا ولقاءه مع الرئيس أحمد أحمدي نجاد طرح عليه مسألة التعاون في مجال الطاقة النووية. وقد أعلن رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن تعاونه طبقا لمقررات التعاون الدولي في مجال الطاقة النووية المستخدمة للأغراض السلمية .ونحن على استعداد للتعاون التام مع الجزائر في هذا الميدان إذا طلب الجانب الجزائري ذلك .. الشروق : ما هي أخر تطورات الملف النووي الإيراني في ظل تلويح الغرب بسلاح العقوبات ضدكم ؟ السفير الإيراني: قبل انتصار الثورة الإسلامية استطعنا أن نجعل الصناعة الإيرانية صناعة وطنية، وهذا شكل انتصارا كبيرا لنا. أما بالنسبة لموضوع الطاقة فيجب أن نعترف أننا وانتم وكل الدول التي تصدر النفط بان النفط والغاز سينفدان في المستقبل، وبالتالي هل يجب أن نستعطف الدول الغربية للحصول على الطاقة في المستقبل ؟ وهل سنستطيع شراء الطاقة من عندهم عندما يرفعون الأسعار؟نحن على أساس هذه التساؤلات قمنا ببرمجة للوصول الى هذه الطاقة. الغرب يقول انتم تملكون النفط والغاز ،فما حاجتكم الى الطاقة النووية ؟ ونحن في إجابتنا نقول أنه في عهد الشاه اقترحت الولاياتالمتحدة على إيران إنشاء 20 محطة نووية وقبلت بالآمر ،ولكنهم اليوم يرفضون حتى إقامة محطة واحدة رغم أننا أصبحنا بحاجة الى أضعاف المحطات باعتبار أن عدد سكان إيران ارتفع الى 70 مليون نسمة ..ولماذا الانجليز يملكون أكثر من مائة محطة نووية مع أن بحوزتهم العديد من المصادر النفطية ، ونفس الشيء بالنسبة للولايات المتحدة التي تملك ذخائر نفطية كبيرة ورغم ذلك تذهب الى الطاقة النووية .. قبل الثورة أسسنا محطة للطاقة في بوشهر وكان من المقرر أن تقوم اليابان وألمانيا بانجاز هذه المحطة ولكنهما انسحبتا بعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979 .ولذلك لجأت إيران الى الاتحاد السوفيتي. مراد أوعباس / ليلى ل