نطقت أخيرا محكمة الجنايات بالبليدة، بأحكامها في حق المتهمين في فضيحة الخليفة، ووسط أجواء غير مسبوقة داخل وخارج القاعة، حاولت هيئة المحاكمة تخفيف قدر الإمكان الأحكام في حق المتهمين المتابعين في هذه القضية الحسّاسة التي تنظر فيها محكمة الجنايات بالبليدة، حيث جاءت الأحكام مخففة جدا على الأقل، مقارنة بالإلتماسات التي قدمها النائب العام خلال مرافعته أثناء المحاكمة. 50 في المائة من المتهمين يستفيدون من البراءة وفي قراءة أولية للأحكام التي نطقت بها القاضية فتيحة ابراهيمي نهار أمس، سجل استفادة عدد معتبر من المتهمين من البراءة، رغم أن النائب العام التمس في حقهم أحكاما بالسجن لا تقل عن 18 شهرا نافذا كأقل عقوبة، لكن هيئة المحاكمة وبعد حوالي 11 يوما من المداولات، تمكنت من تبرئة 49 متهما من إجمالي ال 104 المتابعين في هذه القضية وهو رقم يقارب ال 50 % من إجمالي المتهمين، ما ساهم في طغيان أجواء الفرحة على أجواء السخط والغضب. من جهة أخرى، فإن الصدمة كانت كبيرة على عائلات ثمانية متهمين أكثر من غيرهم، ويتعلق الأمر بالمتهمين الذين أصدرت في حقهم هيئة المحكمة أمرا بإيداع في الجلسة استجابة لالتماس النائب العام، ويتعلق الأمر بكل من المتهم بن شقرة أحمد، مدير وكالة الترقية والتسيير العقاري لولاية قسنطينة، وكرار سليمان وجديدي توفيق، مدير صندوق التقاعد لولاية أم البواقي، وكذا مناد مصطفى، الذي أحدث الحكم عليه ضجة كبيرة في القاعة، خاصة من طرف شقيقه جمال مناد، اللاعب الدولي السابق في صفوف المنتخب الوطني والذي صاح بأنها محكمة غير عادلة، ويوجد كذلك في هذه القائمة اسم بن ناصر عبد المجيد، المدير العام السابق للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي (CNAS) ومدير صندوق "كاسنوس" بوبدرة حسان، إضافة إلى مزياني عبد القادر، رئيس مجلس إدارة الصندوق الوطني للتقاعد وعضو الأمانة الوطنية للإتحاد العام للعمال الجزائريين، إضافة إلى المتهم الثامن وهو بن عامر فريد. ليمي جمال وإيسير إيدير.. في الصدارة؟ وكان واضحا أن من بين الذين لم تكن الأحكام الصادرة أمس، "غير رحيمة" في حقهم، المتهم جمال قليمي، الذي حكم عليه ب 15 سنة سجنا نافذا وهي أقسى عقوبة في كل العقوبات التي صدرت أمس، في حق المتهمين الماثلين أمام المحكمة، بغض النظر عن أولئك الموجودين في حالة فرار، ويأتي بعد المتهم قليمي، الذي كان يشغل منصب مدير عام تلفزيون الخليفة في فرنسا، المتهم إيسير إيدير، المدير العام لبنك وكالة التنمية المحلية بسطاوالي الذي منح قروضا لعبد المومن خليفة، سهلت له إنشاء بنكه فيما بعد، حيث أن إيسير حصل على ثاني أقسى عقوبة ب 12 سنة سجنا نافذا. 10 سنوات في حق 9 متهمين كبار وبعد كل من قليمي جمال، وإيسير إيدير كانت العقوبات الكبيرة في حق بقية المتهمين من نصيب 9 متهمين، أغلبهم مدراء الوكالات الجهوية لبنك الخليفة، حيث يوجد في هذه القائمة اسم الموثق عمر رحال الذي رغم استفادته من إجراءات التحقيق بحكم كبر سنه "78 سنة" وتدهور حالته الصحية، إلا أنه عوقب ب 10 سنوات سجنا نافذا، وقد كان النائب العام التمس في حقه 20 سنة سجنا نافذا، لكن القاضية وهيئة المحكمة اكتفت عموما بعقوبة 10 سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية ب 100 مليون سنتيم، مثل بقية المتهمين مدراء وكالات بنك الخليفة، على غرار كشاد بلعيد، مدير وكالة البليدة، ومير عمر مدير وكالة الشراقة وسوالمي حسين مدير وكالة "المذابح" بحسين داي، وكذا قرس حكيم مدير وكالة وهران وعزيز جمال، مدير وكالة الحراش، كلهم كان النائب العام قد التمس في حقهم 20 سنة سجنا نافذا، لكن هيئة المحكمة صوتت بالأغلبية على عقوبة 10 سنوات وغرامة ب 100 مليون سنتيم في حق كل واحد منهم، وفي هذه الخانة بالذات، نجد "آكلي يوسف" الاسم الأكثر تداولا خلال المحاكمة، وهو أمين الصندوق الرئيسي لبنك الخليفة، وكذا شعشوع عبد الحفيظ مدير الأمن والوقاية بمجمع الخليفة. 5 سنوات نافذة لمدير مدرسة الشرطة في حين تراوحت بقية العقوبات بين 8 سنوات سجنا نافذا وسنتين، زيادة على غرامات مالية لا تقل عن 5 آلاف دينار وتصل إلى 500 ألف دينار بالنسبة للبعض منهم، وهنا كانت الصدمة لدى عائلة المتهم فوداد عدّة الذي كان يطلب استعادة أمواله وهو موقوف منذ 17 شهرا، حيث يشغل منصب مدير مدرسة الشرطة بعين البنيان، لكن المحكمة حكمت عليه بخمس سنوات سجنا نافذا و20 ألف دينار غرامة مالية. من جهة أخرى، فإن الفئة التي تمّت إدانتها بالسجن غير النافذ، ضمّت أسماء 9 متهمين، وهم: العربي سليم، دحماني نور الدين، شعشوع أحمد، ميمي لخضر، سخارة حميد، بوكرمة حكيم، بن ويس ليندة، لحلو توفيق، ومزيان بن طاهر مزيان. مشاعر متباينة وأصوات صاخبة؟ هذا وقد جرت وقائع جلسة النطق بالحكم في ظل أجواء متباينة ومشاعر مختلفة اختلاف الأحكام الصادرة في حق جميع المتهمين، حيث امتزجت دموع الفرح بدموع الحزن والصدمة، كما امتزجت صراخات الإشادة بالدولة والعدالة بصراخات العداء للعدالة وللدولة من طرف عائلات بعض المتهمين، خاصة أولئك الذين صدرت في حقهم أوامر بالإيداع في الجلسة نسيم لكحل:[email protected]