حَمّل قادة أحزاب سياسية بارزة الحكومة مسؤولية الفساد المالي للطبقة السياسية وانتشار ثقافة "الشكارة" في الوصول إلى المجالس المنتخبة وعلى رأسها البرلمان، محذرين من أن شراء المناصب سيتعدى البرلمان إلى الحكومة في حال عدم تدخل مصالح الأمن لوضع حد للظاهرة التي تشكل تهديدا مباشرا للمصالح الاقتصادية والسياسية للبلاد. وقال عمارة بن يونس الأمين العام للحركة الشعبية الجزائرية، في تصريحات ل"الشروق"، إن الحل الوحيد لحماية المصالح الاقتصادية والسياسية للجزائر، من لوبيات المال وجماعات الضغط المختلفة يمر عبر التزام الحكومة بضمان التمويل العمومي للأحزاب السياسية التي تنشط وفق القانون، مضيفا أن التشريع الحالي الخاص بالأحزاب تجاهل القضية الأخطر في العملية، وهي موضوع تمويل الأحزاب، مطالبا وزارة العدل بالتحقيق في مدى صحة المزاعم الخاصة بالانتشار الخطير لظاهرة "الشكارة" في العملية السياسية. وندّد موسى تواتي، بالحملة التي استهدفت حزبه والاتهامات التي وجهت لحزبه بشأن اشتراط مبالغ مالية على المرشحين، مشيرا في تصريحات ل"الشروق"، إن الجهات التي استهدفت حزبه لا تملك الشجاعة الأخلاقية لكشف المبالغ التي جمعتها لتمويل حملتها أو المبالغ التي حصلت عليها من أصحاب المال القذر، مؤكدا أن حزبه كلف المرشحين عبر 48 ولاية و600 دائرة و1325 بلدية بالتكفل لتمويل الحملة عن طريق المبالغ التي تم جمعها بطريقة شفافة، والتي قدرها تواتي ب6 ملايير سنتيم، تم إيداعها في حساب الحزب الذي يقوم بطباعة 30 ألف صورة لقائمة الحزب في كل ولاية. وأوضح تواتي أن الحملة ستكلف حزبه 9 ملايير سنتيم على المستوى الوطني والجالية، وأنه سيقوم بنشر جميع الأرقام الخاصة بميزانية الحملة بشكل شفاف وتقديم الحسابات لكل الجهات التي يهمها الأمر، مشددا على أن الحكومة برفضها المساهمة في تمويل الأحزاب، فإنها تريد أن تجعل من المال وسيلة للوصول إلى المجالس المنتخبة ومنها البرلمان، متهما أحزابا سياسية لم يسمها قامت بشراء منصب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني خلال العهدة السابقة، مما ساهم في تشويه صورة المجلس الشعبي الوطني ومصداقية الدولة. وأكد رمضان تعزيبت من حزب العمال في تصريحات ل"الشروق"، أن المال الوسخ أصبح يهدد كيان الدولة الجزائرية بعدما تمكنت جهات نافذة من إيصال ممثلين عنها إلى البرلمان، ونجحوا في إسقاط قوانين وفرض توجهات اقتصادية محددة على الدولة الجزائرية مثل قضية استيراد الشيفون ورفضهم لمنع استيراد الأدوية المنتجة محليا، موضحا أن المسألة أصبحت قضية دولة وليست قضية أحزاب صغرى أو كبيرة، كما يصوّرها من يريد التهوين من مخاطرها على البلاد، مطالبا الحكومة بمحاربة المال الوسخ الذي يعتبر سرطان العملية السياسية بعد أن تم تحييد دور قانون التنافي مع العهدة بشكل غريب من قبل بعض القوى السياسية في المجلس المنتهية عهدته. واستهجن محمد السعيد رئيس حزب الحرية والعدالة، رفض الحكومة تمويل الأحزاب السياسية، بالقول إنه ليس من العدل أن تساهم الحكومة في تمويل أحزاب سياسية تأسست بعد دستور 1989بالمال والتجهيزات والمقرات، ثم تأتي اليوم لمطالبة أحزاب فتية بالمنافسة الشريفة مع قوى سياسية صنعت قوّتها بالمال العام، مؤكدا أن الفرص غير متساوية بين جميع التشكيلات الحزبية، وهو ما يعكس الإرادة السياسية لإبقاء الساحة حكرا على الأحزاب المستفيدة. وحمل محمد السعيد وزير الداخلية السابق مسؤولية ما يحصل في الساحة الحزبية، مشيرا إلى أن زرهوني لم يطالب يوما الأحزاب التي كانت تنشط في الساحة بالحصيلة المالية السنوية على الرغم من أن القانون يلزمها بذلك مما فتح المجال أمام القوى السياسية القديمة على تشجيع الممارسات المالية غير السليمة المرتبطة ب"الشكارة". وقال الخبير الاقتصادي أمحمد حميدوش ل"الشروق"، إن محاربة الظاهرة يمر عبر سن قانون خاص بتحديد العلاقة بين الجماعات الضاغطة والمنتخبين، كما هو معمول به في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية، بشكل شفاف يمنع النواب أو المنتخبين على جميع المستويات من الحصول على الهبات والهدايا أو الحصول على معاملة تفضيلية مهما كانت، أو إعفاء أو عنصر له قيمة مادية أو خدمة على حساب جهة لها مصلحة.