عكس ما كان منتظرا ومترقبا من خرجة رئيس الجمهورية في زيارة للعاصمة أمس من تصريحات سياسية تكون بمثابة الكلمة الفصل والتعليق النهائي الذي يقطع لسان كل خطيب عما شهدته العاصمة من تفجيرات يوم الأربعاء الماضي، فضل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة اعتماد الصمت من دون إبداء ولا تعليق حتى لدى زيارته للجرحى ضحايا الانفجار. وفيما اكتفى بعبارات المواساة للجرحى، خاصة الطفل أمين الذي فقد بصره، يبدو أن الرئيس فضل أن يخاطب الجزائريين بإنجازاته عوض خطابه. فالأحوال الجوية المتردية والممطرة التي شهدتها العاصمة أمس لم تثن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة من النزول لعاصمة البلاد في زيارة لتدشين ثلاثة منشآت جديدة، حملت هذه الزيارة من الرمزية أكثر مما حملته من الجهة العملية. فنزول رئيس الجمهورية يعد بمثابة الرسالة الواضحة الى المواطنين و"جماعات الموت" التي أرجعت لأذهان العاصميين حالات الفزع والخوف، فخرجة الرئيس وإن كانت صامتة تماما أريد لها أن تحمل دلالات قوية، تؤكد مواصلة عزم الدولة على تأكيد وقوفها وبقائها، من حيث أنها توفر كميات من "المسكنات والمهدئات" لحالة الهلع والخوف التي سكنت قلوب المواطنين بعد التفجيرات. فصمت السلطات العمومية التي تعمدت أن "تغم" التفجيرات وتتفهها وتدرجها في سياق "اللاحدث" حتى تبطل مفعولها في قلوب المواطنين، دعمتها أمس إرادة الرئيس بصمته، وعلى نقيض حالة الترقب التي كان عليها المواطنون الذين ربما كانوا ينتظرون تطمينات أو تعليقات جديدة، اكتفى الرئيس بتدشين ثلاثة مرافق خدماتية جديدة، كان أُولاها معهد باستور بدالي ابراهيم، وثانيها المركز الوطني لسير النظام الكهربائي بجسر قسنطينة، وآخرها المقر الجديد لمجلس قضاء العاصمة. الرئيس فضل أن لا يكتفي بتدشين إنجازاته الجديدة فقط، بل آثر أن يقوم بواجب زيارة جرحى الاعتداءين الإرهابيين اللذين إقترفا الأربعاء الماضي، حيث وقف على حالتهم الصحية، وقد استهل رئيس الجمهورية زيارته بتفقد الحالة الصحية لأربعة جرحى يتلقون علاجهم على مستوى مصلحة طب العيون، حيث تلقى شروحات من رئيس المصلحة حول تحسن الحالة الصحية للجرحى الذين خضعوا لعمليات جراحية إستعجالية. وبمصلحة جراحة الأطفال، تحدث رئيس الجمهورية مع والد الطفل الجريح أمين الذي يبلغ من العمر5 سنوات، حاثا إياه على التحلي بالشجاعة والصبر.. وكان الطفل قد أصيب على مستوى عينيه وجروح أخرى في رأسه، أين وقف على مشهد مؤثر للغاية، دعا الطفل الذي كان يجهل خطورة إصابته والده في العديد من المرات الى التوقف عن البكاء، حتى هذا الموقف فضل الرئيس أن يقف عنده بعبارات المواساة والصمت. فهل سيخرج الرئيس عن صمته اليوم بعاصمة الشرق الجزائري، وهو الذي سجل صمتا منذ عدة أسابيع، أم أنه سيفوض إنجازاته ومشاريعه ومرافقه الخدماتية التي سيدشنها اليوم مهمة الحديث عنه وتطمين الجزائريين بالنيابة؟ سميرة بلعمري:[email protected]