"كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي"..كلمة قديمة قيلت في الحرب العالمية الثانية ولم يكن أحد يعرف أنها ستنسحب بقوة على المشهد السياسي الوطني أياما قليلة قبل التشريعيات، فالقوائم التي عرفت حروبا طاحنة قبل تحديد أسمائها، أغرت الديناصورات التي لا تنقرض، حاولت جذب الرياضيين الذين لا يفرقون بين كراسي الاحتياط وكراسي البرلمان... ليكون حظ المثقفين والشعراء كحظ النساء، يغازلون لفظا ولكن لا يزكون فعلا. التشريعات في تحضيراتها وحروبها وكواليسها بغرب البلاد لا تختلف عن تلك الموجودة ببقية جهات الوطن، فالبحث سيستغرق وقتا طويلا وجهدا متعبا أثناء التنقيب عن مثقفين من شعراء وفنانين وكتاب في قوائم الأحزاب، في وهران مثلا حيث الثقافة تعمل وفقا لرؤية خاصة لمديرة القطاع لا نجد أسماء مثقفين في القوائم وكأن الولاية المتهمة بأنها عاصمة الزهو والفرح المجاني لم تنتج مثقفين بإمكانهم تمثيل الناس والدفاع عن مشاكلهم وهمومهم، إنهم بنظر السياسيين غير قادرين على تمثيل أنفسهم فما بالك بتمثيل الآخرين، إضافة إلى صعوبة إقناع الأحزاب السياسية بفكرة وضع اسم كاتب أو شاعر أو مغني في القائمة أما تصدرها فهو من المستحيلات السبع حتى كتابة هذه الأسطر. كما لم تتضح في وهران رغبة مثقفيها أو أولئك الذين لهم علاقة بالقطاع في الاقتراب من ميادين السياسة المليئة بالألغام، مثلا ما تردد عن الأخوة بن حمادي ورغبة بعض الأحزاب في جذبهم لكن دون فائدة حيث فضلت العائلة الاستثمار في الكتاب من خلال أكبر دار نشر في غرب البلاد وهي "دار الغرب"، إضافة إلى توزيع الصحف والاكتفاء بالمناصب الإدارية على غرار زواوي بن حمادي مدير الإذاعة السابق والذي كان بإمكانه الترشح في مسقط رأسه في بلعباس لكنه رفض الفكرة. أما في ولاية البيض، فقد تأكد أن شاعرا أصدر ديوان أسماه "العزة والكرامة" قرر المشاركة في قائمة "البياناسدي"، لعله يظفر بموقع في البرلمان المزمع تشكيله بعد 17 ماي المقبل، ويتعلق الأمر بمدير دار الشباب بلفضيل سليمان الذي له عدة مسرحيات وقصائد قد يكون محل نقدها الفني بيد المتخصصين لكن النقد السياسي المباشر سيكون للناخبين وأصحاب الكلمة الفصل في الترشح وفائدته، ورغم ذلك فان حظ هذا الشاعر الباحث عن المنصب التشريعي، قد يكون أفضل كثيرا من حظ مغني وعازف من ولاية بلعباس يدعى حانيتات والذي جرب التمرد على القيثارة ففشل في أول امتحان عقب رفض ملف ترشحه من طرف حزب القوى الاشتراكية قبل أن يقرر حزب "الدّا الحسين" الخروج من السباق باكرا والاكتفاء بالتفرج والدعوة إلى المقاطعة. ولعل "حانيتات" كان يبحث في خرجته عن تكرار سيناريو المغني بعزيز مع حزب التجديد ونور الدين بوكروح..لكنه فشل، وأدرك تماما أن أوتار السياسة تختلف عن أوتار قيتاره الغنائي....وفي غليزان، يبدو المشهد أكثر وضوحا لكنه غامض، مع الكاتب محمد مفلاح الذي تعرض هذه المرة للإقصاء وووجه بسيف التداول على المناصب وعدم احتكارها.. قادة بن عمار