تعززت المكتبات الجزائرية والعربية، برواية جديدة للكاتب محمد بن جبار وسمها ب"هايدغر في المشفى" تعدّ ثالث أعماله الروائية بعد "أربعمائة متر فوق مستوى الوعي" و"الحركي" التي أثارت ضجة العام الماضي. وصدرت رواية "هايدغر في المشفى" حديثا عن منشورات "بوهيم" ويرتقب أن تكون حاضرة في معرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته القادمة. وتعدّ هذه الرواية الثالثة في المسيرة الأدبية لمحمد بن جبار، وبها يكون قد حجز لنفسه مكانة محترمة بين روائيي الجزائر، في ظل بعض الظروف التي لم تسمح له بممارسة الكتابة الإبداعية في وقت مبكر، بحكم ارتباطه بوظيفة إدارية شغلت وقته دائما. وأيضا خاصة بعد صدور رواية الحركي عام 2016، التي خلّفت وراءها جدلا في أوساط مجتمع القراء والمثقفين والطبقة السياسية. يقول بن جبار عن نفسه إنّه كاتب لا يعترف ب"النمطية" التي درج الكتاب نهجها، قام بكسر القواعد التي يتعامل بها الجميع، أكثر من ذلك ولا يأبه إلا لما تمليه عليه وجهة نظره المختلفة. وقال بن جبار في تصريح إلى "الشروق: "ما إن بلغ القراء خبر صدور روايته الثالثة "هايدغر في المشفى" عبر شبكة التواصل الاجتماعي حتى هرعوا يستفسرون متلهفين إلى النص الجديد الذي سوف يكون "قنبلة الموسم" بحسب وصفه. وأضاف: "كنتُ من القلائل الذين اقتربوا من نصوصه السابقة وتعاملت معها بشكل جيد". وفي روايته الجديدة الصادرة عن دار "بوهيما" يشكل عالمه المتفرد بداية من الإحباط الشخصي، كاتب "تحاربه لوبيات ثقافية مكرسة، يرحل بعيدا بحثا عن شيخ يعلمه "ألفية ابن مالك" لأجل التحكم الكامل في قواعد النحو، ولكنه يجد نفسه في مشفى "الأمراض العقلية"، حيث ينتظم النزلاء إلى فريقين، فريق ينتمي إلى عقيدة هايدجر وفريق آخر ينتمي إلى كارل بوبر، في بداية الأمر يلتزم الحياد، لكن الحياد في مشفى المجانين "صعب للغاية" إذ إن هناك حروب مصالحة متأججة، ما يلبث أن ينضم إلى الهايدجريين ويدخل في تجربة العمل السياسي والمقاومة، فسلطة إدارة المشفى من مصلحتها أن يبقى الفريقان في صراع دائم حتى يتسنى لها تمرير مخططاتها، وفي الأخير يتحد الفريقان لمواجهة سلطة الإدارة الديكتاتورية من أجل الحصول على "الكرامة الإنسانية". ويقول بن جبار إنّ فلسفة هايدجر وكارل بوبر حاضرة ضمن المشهد الروائي، عبر شخصيات مثل عواد والناصر وفريد ونينو وغيرهم، تتفاعل وتتصارع وجهات النظر لتشكل وحدة روائية رائعة، حيث الإثارة والحركة لا تتوقف. وبهذا العمل ينبش بن جبار محمد في جراح الحاضر والمعاناة التي يعيشها الجزائريون في ظل حرب المصالح ودكتاتورية الإدارة..و..و.. حيث لا ينفع الحياد. ويشار إلى أنّ العمل الذي يضم مشاهد روائية متداخلة يسلط بن جبار محمد الضوء على المصالحة الوطنية التي بموجبها تصالحت السلطة مع الإرهاب وأعفتهم من المسؤولية الإجرامية، حيث يعود الحديث عنها من خلال شخصية البطل عواد.