لطالما ارتبطت أعراسنا الجزائرية بمظاهر الفرح والبهجة، حينما كان الحضور يستمتع بقعدات “الآلي” و”الشعبي” و”الزرنة” و”المزود” و”إيطبالن”، فيصنعون الفرجة، أين يتراقص الرجال في فرح وبحشمة، وسط موجات تصفيق حارة وزغاريد النسوة من خلف العوازل القماشية. غير أنه وعلى أيامنا هذه كل شيء تغيّر، فالفرجة صارت غير محتشمة، والأغاني صارت وليدة الكباريهات. ول”التمهبيل” الذي بات رقصا، ستحتاج حتما ل”مدام كوغاج” وشقيقاتها. فالقاصد للأعراس الجزائرية على أيامنا سيكتشف لا محالة التغيير الكبير الذي لحق ب”الذوق” العام، فالأغاني ماجنة والموسيقى مستهترة، والشباب يرقصون كالزومبي بإيحاءات جنسية، لكن من ليس لديه الجرأة للرقص عليه بالصواريخ والحمراء والزطلة والبيرة كأضعف الإيمان. وفي الموضوع يقول “حسام”، شاب من قسنطينة، أن أعراسهم معروفة بالزهو وهو بحكم خجله لا يمانع في تناول بعض المساعدات على الشجاعة طالما لا تفقده عقله، موضحا أنه وأبناء عمومته وأصحابه يعمدون لوضع حبات من الصاروخ في قارورة مشروب غازي ويشربون منها، فتمنحهم إحساسا بالتحرر وتزيح عنهم غمامة “الحشمة” -يضيف-. ولم تختلف شهادة “نعيم” في الظاهرة، إذ لم يخف علينا أنهم يتعمدون وضع الحبوب في المشروبات، ولو أنهم يفضلون كوكاكولا وحمود بوعلام السوداء، ويتم تركها فترة حتى تذوب الأقراص التي لا تتجاوز الثلاثة في اللتر الواحد، ثم يشربونها، مبررا هذا التصرف بطرد الحشمة. كوارث بسبب المشروب.. يروي الواقع الجزائري كوارث حدثت في الأعراس بسبب هذا المشروب، منها مشاجرات، فضائح وحوادث مرور مميتة بسبب فقدان الوعي. ومن طرائف الموضوع، عريس خرج عن طوعه وصار “يتبهلل” ويرقص بجنون، بسبب جرعة كوكا جعلت منه أضحوكة وكاد الزواج ينتهي في ساعته. وفي حادثة أخرى، وصلت قنينة الكوكا للنساء اللواتي شربن منها وكانت الفواجع، ضحك هستيري، ورقص مجنون وتدافع، جعل الحضور يفكرن في أنهن ملبوسات، إلى أن اكتشفن فيما بعد قصة قارورة الكوكا الملغمة. الظاهرة دخيلة ترى الأستاذة “تهامي نصيرة”، أن الظاهرة دخيلة على المجتمع، وهي لا تختلف عن شرب الخمر، فكلاهما تذهبان الوعي وتؤدي لأمور خادشة للنظام المجتمعي، داعية لمحاربتها للمحافظة على الأسرة الجزائرية. “مدام كوغاج” خداع نفسي ترى الطبيبة “إيراتني” أن الشباب الذين يلجأون للمهلوسات طلبا للقوة والشجاعة هم في الحقيقة شبان مهزوزو الشخصية، منعدمو الثقة، مستبعدة عنصر الخجل، معللة هذا الانقياد بتصديق هؤلاء للهالة الترويجية التي ترافق هذه المهلوسات.