أبرز الفنان والمخرج نصر محبوب، خلال مداخلته في المنتدى الأكاديمي للدراسات التاريخية بجامعة الشهيد حمه لخضر بالوادي، العلاقة بين كتابة التاريخ وصناعة السينما، بالإضافة لضرورة التمييز بين ما هو وثائقي وبين ما هو روائي، مستشهدا على ذلك بالفيلم الوثائقي الذي أنجزه، حول شخصية ”المجاهد الطيب خراز”، والذي حاز به على المرتبة الأولى وجوائز في مسابقات وطنية للفيلم الوثائقي. وشدّد المخرج نصر، على ضرورة التوافق بين كتابة التاريخ وصناعة السينما من أجل إيصال الحقيقة إلى الجمهور دون زيف أو تضليل، على اعتبار أن الفيلم الوثائقي في عصرنا هذا، أصبح وثيقة مهمة ويعتد بها في كتابة التاريخ، بالإضافة لكونها مرجعا يمكن أن تستقى منه المعلومة، في حين أن الفيلم الروائي، لا يمكن أن يصل إلى مرتبة الوثائقي، بل من خلال هذا الأخير يمكن أن ينسج كاتب السيناريو رواية تحاكي ما هو موجود في الفيلم الوثائقي، ويضيف المخرج نصر بأن الفيلم الوثائقي كما يقال أصل السينما. وعرج ذات المتحدث على هامش مداخلته، في دردشة مع الشروق اليومي، على أن السينما بصفة عامة بحاجة لكتابة التاريخ من طرف المحققين من أهل الاختصاص، والثقات في نقل المادة التاريخية بعيدا عن الذاتية وبكل صدق وموضوعية، حتى يقدموا معلومات محققة لصانعي السينما وذلك من أجل تسهيل عمل المخرج، فبدل أن يقوم هذا الأخير بالبحث عن الحقائق والوقائع، التي تستغرق جهدا ووقتا، قد تنعكس على نوعية العمل السينمائي، حيث من المفروض أن يجد المخرج أدق التفاصيل عن حدث تاريخي حققه وجمعه أهل الاختصاص بكل مصداقية واحترافية وفقا للمنهج العلمي في كتابة التاريخ. وعن الفرق بين الفيلم الوثائقي والفيلم الروائي، ذكر المخرج نصر محبوب، بأن الفيلم الوثائقي هو شكل مميز من الإنتاج السينمائي، يعتمد على الواقع، سواء في مادته التاريخية أو أثناء تنفيذه، مع وضع نصب الأعين بأن الهدف من إنتاج الفيلم الوثائقي، ليس الربح المادي أو التسلية، بل يهتم بالدرجة الأولي بتحقيق أهداف خاصة، ترتبط بالنواحي الإعلامية أو التعليمية أو الثقافية أو حفظ التراث والتاريخ، ويكون فحوى الفيلم الوثائقي في العادة، يخاطب العقل بشكل أو بآخر، ويتسم بالمباشرة والوضوح، وغالباً ما تكون مدة عرضه قصيرة، لأنه يتطلب درجة عالية من التركيز، ويتوجه في الغالب إلى فئة محددة، أي بعبارة أخرى مجموعة مستهدفة من المتفرجين، بالإضافة لكون الفيلم الروائي والسينما الروائية عادة تنفذ تحت شعار ”السينما فن وصناعة وتجارة”، فإن شعار الفيلم الوثائقي عموماً هو ”السينما رسالة وفن وعلم”. وعن تجربته في إخراج وإنتاج الفيلم الوثائقي ”المجاهد الطيب خراز”، ذكر المخرج نصر، بأن عمله أنجزه ليخدم به العمل التوثيقي التاريخي، من خلال شهادات حيّة لأناس عاصروا المجاهد نفسه، بالإضافة لكونه مادة إعلامية تخدم الموروث اللامادي لمنطقة سوف، ويؤرخ لحقبة زمنية، ستكون في يوم من الأيام وثيقة تاريخية حيّة. تجدر الإشارة، أن المنتدى الأكاديمي للدراسات التاريخية بجامعة الوادي، نظم نهاية الأسبوع الماضي، بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، ندوة تاريخية بعنوان ”السينما الثورية بين الإبداع الفني والتوثيق التاريخي”، حيث تضمنت الندوة، عرض شريط وثائقي حول السينما الثورية في الجزائر، بالإضافة لمداخلة للمخرج نصر محبوب، لعرض تجربة إنتاج فيلم وثائقي تاريخي ”الطيب خراز” أنموذجا، ثم مداخلة للدكتور عثمان زقب، الذي تكلم على مسألة الفيلم التاريخي وكتابة التاريخ، ومداخلة أخرى للدكتور رضوان شافو، حول القراءة النقدية التاريخية لمنع عرض فيلم العربي بن مهيدي، وبعدها جرت مناقشة عامة، لتختتم الندوة بعد ذلك.