تأسّف رئيس حركة مجتمع السلم، أبو جرة سلطاني، على الطريقة التي غادر بها النائب ووزير الأشغال العمومية السابق، عمار غول وثلاثة من أبرز قيادات الحركة، وحمّلهم "المسؤولية التاريخية والأدبية والسياسية" عن تبعات قرارهم. وقال سلطاني: "البعض لم تعجبه قرارات مجلس الشورى، ونحن نتأسف لذلك، ونذكّرهم بأن حركة مجتمع السلم هي حركة مؤسسات، كان يفترض أن يحتكموا لهذه القرارات لأنها صدرت وفق الطرق الديمقراطية وبالأغلبية.. ومن يعصي قرارات هيئات قيادية فعليه تحمل مسؤوليته التاريخية والسياسية والأدبية". وأكد سلطاني في كلمة ألقاها أمس، بمناسبة افتتاح الدورة العادية لمجلس الشورى، أن الحركة لا تعود عن قرارات اتخذتها، من أجل إرضاء غول ومن معه، مضيفا: "الحركة أوسع وأكبر من الأشخاص، وإذا عزموا(على الانشقاق)، أقول لهم كما تقول الآية (لا إكراه في الدين). ونسأل الله لهم التوفيق لخدمة البلاد، ونعتبر الصفحة مطوية، لنا مستقبل وتحديات تتطلب أكثر من حزب أو تحالف". وكان النائب عمار غول ونائب رئيس الحركة الحاج حمو مغارية، وأحمد لطيفي، عضو المكتب الوطني مكلف بالإدارة والمالية، ومحمد جمعة، عضو المكتب الوطني مكلف بالشؤون الاقتصادية، قد قدموا استقالتهم من "حمس"، عشية اجتماع مجلس الشورى، وسط معلومات لم ترق إلى درجة الرسمية، تحدثت عن توجه غول وأنصاره إلى تشكيل حزب سياسي جديد. وشدد أبو جرة على ضرورة الانقياد الصارم لقرارات مؤسسات الحركة مهما كان مضمونها، وعاد إلى القرارات السابقة التي اتخذت منذ العام 1994، التي شهدت أول مشاركة ل "حمس" في دواليب الدولة، وقال: ؛لقد شاركنا عندما انفض الجميع، ودافعنا عن الدولة وعن سماحة الإسلام وبراءته من العنف المنسوب إليه ظلما، وانخرطنا في المصالحة الوطنية وراهنا على عودة السلم، شاركنا في الحكم منذ جانفي 1994، وقدمنا مصلحة الدولة على مصلحة الحركة، وضحينا". وتابع مستحضرا المواقف السابقة لحزبه: "مجلس الشورى هو من قرر الانضمام إلى التحالف الرئاسي في 2003، وهو الذي قرر دعم الرئيس بوتفليقة، لعهدة ثالثة في 2009، وهو الذي ناقش بقاء الحركة في التحالف في ثلاث دورات، ولما تبين له أن الاستمرار في هذا التحالف أصبح غير مجد، قرر فك الإرتباط". من جهته، قال رئيس مجلس الشورى عبد الرحمان سعيدي، إن الحركة "ستعالج ما تعيشه بأعصاب باردة وبقلب مفتوح"، واعتبر ما حدث أمرا مألوفا في الحياة السياسية، وعلّق على استقالة غول وأنصاره بالقول: "يحزننا عندما يغادر ولو مناضل بسيط، ولكن هذا ليس جديدا ولا بكاء على الأطلال". وأكد سعيدي أن القرارات التي اتخذها مجلس الشورى جاءت في سياق وعي تام بالتحديات التي تواجه الحركة والبلاد، مشيرا إلى أن ما تعيشه الحركة "ظروفا صعبة وليس أزمة كما يقول البعض، ونحن ندرك كيف نتجاوز ذلك"، يضيف سعيدي. ولوحظ وزراء حمس الثلاثة، وهم وزير التجارة مصطفى بن بادة، ووزير السياحة والصناعة التقليدية، اسماعيل ميمون، ووزير الصيد البحري والموارد الصيدية، عبد الله خنافو، إضافة إلى وزير التجارة السابق، الهاشمي جعبوب في الصف الأول بالقاعة التي احتضنت الاجتماع، فيما غاب عمار غول وحاج حمو مغارية، ومحمد جمعة وأحمد لطيفي. ولحد الآن لم يقدم عمار غول، على إصدار بيان يوضح أسباب انسحابه من "حمس"، ينهي به الجدل الدائر حول خلفية هذا الانسحاب، كما امتنع عن حضور لقاءات مؤسسات الحركة لشرح موقفه، تاركا الأمر للشائعات والتحليلات التي ربطت بين استقالته من الحركة وبين قرار مجلس الشورى القاضي بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة. "حمس" تدعو لتشريعيات مسبقة واستفتاء الشعب على تعديل الدستور دعا أبو جرة سلطاني، إلى حل المجلس الشعبي الوطني الذي أفرزته انتخابات العاشر ماي، والمبادرة بإجراء انتخابات تشريعية جديدة، قبل مراجعة الدستور، وهو الإجراء الذي اعتبره كفيلا بحلحلة الانسداد السياسي. وأوضح رئيس "حمس" أن البرلمان الحالي يفتقد إلى الشرعية التي تخوله الخوض في تعديل الدستور، وهو ما دفعه إلى طرح مقترح إحالته على الاستفتاء الشعبي، قبل تنظيم الانتخابات التشريعية، واقترح في الوقت ذاته، استحداث هيئة عليا لمراقبة الانتخابات، تكون مستقلة تماما عن الإدارة، على غرار تلك التي سبق العمل بها في كل من تونس ومصر وليبيا. كما دعا أبو جرة إلى تشكيل حكومة وفاق وطني موسعة، تكون ممثلة من أكبر عدد من الأحزاب، وهيئة موسعة تشرف على إعادة النظر في تعديل الدستور المرتقب، قبل انقضاء السنة الجارية، مشددا على ضرورة إقدام رئيس الجمهورية على مخاطبة الجزائريين، بخطاب مماثل لخطاب 15 أفريل المنصرم، يتعهد فيه بتحرير الساحة السياسية والنقابية من الضغوطات التي تواجهها.