أضحت رياضة التنزه بالجبال أو ما يسمى ب"ليروندولور" تنافس باقي الرياضات بولاية بجاية، بالنظر إلى العدد الكبير من الجمعيات التي أعلنت ميلادها في السنوات الأخيرة، حيث يفضل المنخرطون في هذه الجمعيات، أغلبهم كهول ومتقاعدون، المغامرة عبر الغابات والجبال من أجل اكتشاف جمال بلادهم، بعيدا عن ضوضاء المدينة وصخبها. قد تتحول هذه الرحلات إلى كابوس جراء التضاريس الصعبة التي تتميز بها بعض المناطق، كما حدث نهاية الأسبوع بجبال آيث لعزيز التي تمتد بين بلديتي درقينة وخراطة شرق بجاية، أين تحولت رحلة تنزه إلى كابوس حقيقي بعد ما علق 14 كهلا تتراوح أعمارهم بين 40 و70 سنة بأعالي جبال أذرار ملال بسبب الضباب الذي حجب عليهم طريق العودة، حيث قضى هؤلاء الليلة في الخلاء وسط البرد القارس وتحت الأمطار، فيما كان أغلبهم يرتدون ثيابا ربيعية. وقد تحدث التائهون بجبال آيث لعزيز، عن هذه المغامرة التي كادت أن تتحول إلى كابوس لولا التجربة التي اكتسبها هؤلاء خلال رحلات سابقة تحت غطاء جمعية المتنزهين "بابور" لبجاية. وأشار أحد المتنزهين أنه بمجرد وصولهم إلى قمة جبل أذرار أملال تغيرت فجأة أحوال الطقس، حيث بدأ الضباب يتشكل والأمطار تتهاطل، الأمر الذي صعب عليهم الرؤية وجعلهم يقررون المبيت بأعالي الجبال عوض المغامرة بحياتهم جراء خطورة تضاريس المنطقة. وأضاف المتحدث أن فريقهم كان متكونا من 18 شخصا ينحدرون من بلديات عديدة بإقليم الولاية على غرار آيت اسماعيل وسيدي عيش وسوق الاثنين وأوقاس وغيرها، وقد انفصل عنهم 4 أشخاص في طريق العودة، الأمر الذي أحدث طوارئ حقيقية في أوساطهم، وما زاد الطين بلة غياب التغطية بالمكان، حيث تعذر عليهم الاتصال هاتفيا بزملائهم للاطمئنان عليهم وبالعالم الخارجي لطلب النجدة. وقد قضى هؤلاء الأشخاص ليلتهم في الخلاء وسط البرد القارس، الأمر الذي أثر على البعض منهم، خاصة الذين يعانون من أمراض مزمنة، وذلك رغم النار التي تم إشعالها للاحتماء، وبطونهم خاوية، حيث قضى الجميع ليلة كالحة إلى غاية طلوع الفجر وزوال الضباب، حيث شد الجميع الطريق للعودة، فيما كان الجميع قد شرع في رحلة البحث عنهم من حماية مدنية وعناصر الدرك الوطني والعديد من المواطنين المتطوعين، قبل أن يتم العثور عليهم في صحة جيدة. ورغم هذه المغامرة الصعبة، الا أن المتنزهين قد أكدوا أنهم سيواصلون رحلاتهم الاستكشافية، في الوقت الذي تجد فيه شبابا بصحة جيدة يملأون المقاهي والساحات العمومية والشوارع ورغم الراحة الا أنهم متذمرون. وقد وجه التائهون بجبال خراطة، رسالة شكر وامتنان إلى كل الذين هبوا للبحث عنهم وعلى رأسهم رجال الحماية المدنية وعناصر الدرك الوطني وحتى السلطات المحلية وعمال المؤسسة الاستشفائية لخراطة وكذا العشرات من المواطنين.