بداية مثالية لنادي شباب قسنطينة، في دور المجموعات من منافسة رابطة أبطال إفريقيا، حيث جمع ثلاث نقاط ثمينة في أول خرجة خارج الديار، مما يعني حسابيا بأن تحقيق الفوز في المباريات التي سيلعبها على أرضه سيعني التأهل للدور الربع النهائي الذي صار قريب جدا بالنسبة للفريق الذي سيقابل بعد خمسة أيام نادي مازمبي الكونغولي. الجماهير العريضة للنادي داخل وخارج قسنطينة التي تابعت المباراة عبر قناة بي.إين.سبورت، خرجت راضية على طول الخط، سواء بالأداء أو بالتكتيك العالي، وبالنتيجة طبعا، وبالأنصار الذين بصموا على شعبية الكرة في الجزائر، حيث لم يُشعروا اللاعبين أبدا بأنهم خارج ديارهم، وإذا كان حكم المباراة قد حرم النادي الإفريقي من هدف صحيح وأضاع التونسيون هدفا من ركلة جزاء، فإن الشباب لم يسرق الانتصار، وكان بإمكانه أن يحسم المباراة لصالحه قبل موعد الهدف الأول الذي سجله بلخير إثر هجوم قاده بلجيلالي وكلاهما دخلا في الدقائق الخمس الأخيرة، وستكون خيبة كبرى لو فشل الفريق في استغلال هذه الظروف التي جعلته يضع قدمه على السكة الصحيحة في رحلة البحث عن التأهل أمام نادي إفريقي يلعب بعيدا عن ملعبه، ونادي الإسماعيلي الذي يحتل المركز الأخير في الدوري المصري، ونادي كونغولي لم يعد غولا كما عهدناه. أنصار شباب قسنطينة الذين تنقلوا بالآلاف إلى سوسة، لم يتوقفوا عن التشجيع طوال أطوار المباراة، وشحنوا اللاعبين، وأشعروهم بالراحة، وسيكون في الجولة القادمة من الصعب إيجاد مكان في ملعب حملاوي، أمام حماس السنافير الذين صاروا يملئون ملاعب الأندية المنافسة داخل وخارج البلاد، فما بالك في قسنطينة. أما عن اللاعبين، فبالرغم من محدودية بعضهم من الذين لا يمتلكون الدقة في تمرير الكرة، ونقص خبرة البعض الآخر، إلا انهم جميعا لعبوا بروح قتالية كتمت أنفاس لاعبي النادي الإفريقي، بالرغم من الأخطاء الساذجة التي وقع فيها بعض اللاعبين ومنهم المدافع زعلاني الذي كاد يذبح آمال رفاقه والأنصار بارتكابه حماقة عرقلة لاعب تونسي في الأنفاس الأخيرة داخل منطقة العمليات ولحسن الحظ أضاع التونسيون الضربة، كما أن الاحتفال بهدف، بنزع القميص صارت موضة قديمة، وأضرت ببلخير بحصوله على بطاقة صفراء مجانية كان من المفروض أن يتفاداها، أما قوة الفريق فهي الانتشار الرائع فوق أرضية الميدان الذي يحسب لمدرب الفريق، حتى أنك تشعر بالتفوق العديد للشباب في كل الخطوط، ويبقى السؤال عن الوجه الذي سيظهر به الشباب أمام مازمبي داخل الديار، من حيث اللعب الهجومي، لأن الشباب سيكون مضطرا على البناء وليس رد الفعل والهجوم المعاكس. وواصل الشباب صنع الحدث من خلال المباراة الخامسة في رابطة أبطال إفريقيا من دون أن يتلقى أي هدف، حيث لعب لحد الآن خمس مباريات، من بينها ثلاث خارج الديار، حقق فيها أربع انتصارات وتعادل واحد وسجل فيها خمسة أهداف ولم يتلق أي هدف على الطريقة الإيطالية التي يفوز فيها بأقل نتيجة ولا يترك أي حظ لهجوم الفريق المنافس. آمال الجمهور القسنطيني لن تتوقف الآن عند الوجه المشرف، ولا حتى بالتأهل للدور القادم أي الربع النهائي، فالفريق يمثل الجزائر إحدى القوى الكروية في القارة السمراء، وهذا اللقب القاري حققته أندية وفاق سطيف ومولودية العاصمة وشبيبة القبائل، وحان الوقت ليتنافس عليه فريق عاصمة الشرق الجزائري كما صار يحلم أنصار السنافير الذين برهنوا باحتلالهم لساحات مدينة سوسة طوال أسبوع، بأن أحلامهم لن تتوقف عند هذا الفوز المحقق في الأراضي التونسية. المباراة الأولى انتهت، والحسابات بدأت، والفوز في مباراة مازمبي في قسنطينة، سيعني ريادة بعد مرور ثلث دور المجموعات، والفريق القسنطيني سيسافر إلى مدينة الإسماعيلية بحثا عن تعادل سيضع به قدما في الدور الربع النهائي، وحتى لو خسر فسيحتفظ بكامل حظوظه للتأهل الذي فتح أبوابه للفريق بعد الفوز الرائع في تونس الذي فتح شهية مدينة مازالت عطشانة للألقاب والأفراح الكروية. بعد العودة بفوز ثمين من تونس أنصار شباب قسنطينة كسروا هدوء المدينة واحتفلوا تحت درجتين تحت الصفر كسر أنصار فريق شباب قسنطينة، ليلة الجمعة ، هدوء مدينة الصخر العتيق، بعدما أطلقوا العنان لمنبهات سياراتهم التي جابت أرجاء المدينة، وسط الأهازيج واغاني تشجيع السنافير، الذين تمكنوا من العودة بالزاد كاملا من سفريتهم إلى تونس، بعد فوزهم على فريق النادي الإفريقي بالهدف الوحيد في المباراة والذي وقعه بلخير في الدقيقة ال 87 من المباراة، التي كان فيه اللعب متكافئا من الجانبين، رغم بعض الأفضلية في اللعب من جانب النادي الإفريقي في بداية الشوط الأول، خاصة عن طريق علي العابدي الذي كاد أن يفتتح باب التسجيل في الدقيقة الثامنة، بعد رأسية تجاوزت الحارس القسنطيني وكادت تستقر في شباكه لولا تدخل زعلاني لإنقاذ الموقف. ومع مرور الدقائق استرجع أشبال الفرنسي لافان ثقتهم وانتقلوا نحو الهجوم لنقل الخطر إلى منطقة دفاع النادي الإفريقي، الذي تمكن حارسه شرفي في الدقيقة 19 من صد كرة قوية لصالحي، كاد يسكنها الشباك. وبعدها بدقيقة واحدة جعبوط يتلقى كرة من بن عيادة ويسددها بقوة لكن احد مدافعي النادي الإفريقي أخرجا إلى الركنية بيده داخل منطقة العمليات، دون أن يعلن الحكم الغابوني عن ضربة جزاء، للسنافير الذين فرضوا سيطرة مطلقة على مدار عدة دقائق من الشوط الأول للمباراة، ما جعل تشكيلة النادي الأفريقي تخرج من منطقتها في محاولة منها للسيطرة على مدريات اللعب ونقل الخطر نحو منطقة دفاع شباب قسنطينة، الذي كان أكثر تماسكا وتنظيما، وفوت العديد من الفرص على المحليين فيما أهدر بلقاسمي أخطر فرصة للتسجيل عند الدقيقة ال 45 عندما حول فرصة سانحة للتهديف إلى كرة خارج الإطار. وخلال الشوط الثاني دخل القسنطينيون بقوة محاولين تهديد مرمى حارس النادي الغفريقي في العديد من المرات، ورد المحليون على كل تلك المحاولات بالعديد من الفرص الخطيرة والتي كادت أن تتحول غلى أهداف حقيقية في عدة مرات لولا يقظة الدفاع من جهة وتسرع المهاجمين من جهة أخرى، قبل أن يتلقى بلخير كرة في العمق من طرف بلجيلالي ويراوغ الدفاع ويسكنها في مرمى حارس الإفريقي، لتنفجر حناجر الجماهير في قسنطينة بالأهازيج والهتافات، وأطلقوا العنان لصيحاتهم ومنبهات سياراتهم التي جابت كل أحياء وشوارع مدينة الصخر العتيق إلى ساعات جد متاخرة من الليل رغم برودة الطقس وتساقط الأمطار والثلوج، التي لم تمنع السنافير للاحتفال بالانتصار المحقق في تونس على حساب النادي الإفريقي.