لأول مرة منذ بداية الثورة السورية، كسر النظام السوري أكبر طابو، وهو الحديث عن انتخابات رئاسية مسبقة، وأيضا إمكانية تنحي بشار الأسد عن السلطة، ولو بصوت خافت دون قوة مطالب السوريين، وإذا كان المواطنون السوريون وبعض جنرالات النظام ووزرائه، قد هربوا بين لبنان والعراق وتركيا ودول الخليج العربي، ووصولا إلى الجزائر، فإن السؤال الكبير الآن هو: عندما يحين موعد تنحي بشار الأسد وعائلته الصغيرة أين سيختار وجهته الآمنة؟ خاصة أن احتمال اختيار روسيا أو الصين وحتى إيران مستبعد ومن المستحيلات، ناهيك عن أن أي بلد في العالم لن يقبل الآن بإيواء بشار الأسد، لأن معظم الدول تحت السيطرة الأمريكية، وهو ما يطرح قضية جبال المنطقة الساحلية باللاذقية ومحافظة طرطوس التي كانت صغيرة، ولكن لأنها عاصمة العلويين، جعلها حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار الأسد أكبر وأهم محافظة في سوريا، لا يكاد يسكنها سوى العلويين الذين يمتلكون مفاتيح المنطقة، كما أن العلويين لن ينسوا لعائلة الأسد كونها أخرجتهم من فقرهم الشديد، وأدخلتهم السلطة، وعلّمت أبناءهم في مختلف الجامعات العالمية، ومنحتهم قيادات الجيش، وأودعت لديهم كل أسرار الدولة السورية، وهم يدركون أن نهاية الأسد هي نهاية سيادة الطائفة العلوية، وربما نهايتها كطائفة، مما يفسر محاولة ميولها نحو الشيعة، من أجل أن تجد إلى جانبها إيران وحزب الله والعراق، رغم الخلاف الكبير مذهبيا بين الشيعة والطائفة العلوية، التي لن تحلم بحكم مثل الذي نعمت فيه في زمن الأسد، ويمتلك الرئيس السوري بشار الأسد في اللاذقية قصرا فخما منذ عهد حافظ الأسد، والقيادة السورية تقوم بتحصين تلك المنطقة بدعوى أنها مطمع للأجانب، حيث جعلتها أشبه بالمنطقة العسكرية، وقد تتحول في حالة لجوء بشار الأسد إليها إلى دولة قائمة بذاتها ما دامت تمتلك كل مقومات المقاومة السياسية والمالية وخاصة العسكرية، وسقوطها يتطلب مجزرة حقيقية، ومنذ زمن بعيد وأهل الشام من الطوائف مثل العلويين والدروز يلجئون إلى الجبال، كما حدث مع الأمير الأطرش، ولا يلبث هؤلاء بفعل الجوع والخوف من الهروب من الجبال، كما حدث مع المغني الشهير فريد الأطرش وشقيقته الفنانة أسمهان وشقيقهما فؤاد، الذي هربوا من جحيم التصفية الجسدية إلى مصر، رغم أن عائلة الأسد تمكنت من إنشاء محمية علوية في قلب دمشق التي صار أغنى من فيها وأنفذهم من العلويين، وعندما تلقت المعارضة ضربة قوية في حمص من قوات الأسد قيل إنه استعان بالقوات الموجودة في طرطوس واللاذقية، التي لا تبعد عن حمص بأكثر من 70 كلم، ولا مستقبل للأسد سوى إعلان دولته العلوية في جبال طرطوس.