شخصية المرأة القوية يعتبرها الكثيرون ميزة، وهي كذلك إن بقيت لصيقة بصفة الأنوثة ولم تبارحها، لكن أن تتعدى الحدود وتصل إلى درجة التسلط والاستبداد فذلك الذي لا يقبله عرف، ولا يوافقه منطق، كونه يقلب الأدوار في الأسرة ويهدد استقرارها بحسب الأخصائيين، هذا فضلا عن إكساب المرأة لبعض معالم الرجولة أو جلّها وهو الأمر غير المقبول شرعا. وإن جئنا للخوض في موضوع تكبر المرأة وتجبّرها للدرجة التي يلغى فيها وجود زوجها، لمسنا تباينا واضحا في الآراء بين الجنسين، غير أنّ وجه الاتفاق يفضي إلى أن جبروت الزوجة نابع من ضعف شخصية الرجل بالدرجة الأولى، فهل الأمر كذلك حقا، أم أن التربية والمحيط وتفوق المرأة على الرجل من حيث المستوى والمكانة، كلها مغذيات للغرور وبالتالي من عوامل التسلط؟ بلال يقول: "المرأة المتسلطة هي إنسانة ناقصة ولا تملك الثقة الكافية في نفسها فتحاول أن تعوّض ذلك النقص بالتسلط على الرجل لتحتل مكانته وبالعامية "تحب تبين روحها" هذا فقط، فإن استشعرت خوف الرجل منها أو إذعانه لها تمادت أكثر وأصبحت هي الآمرة والناهية في المنزل وإن عرف كيف يقص جناحيها ويضع حدا لها عادت لحجمها الحقيقي وعرفت دورها"، أما سارة فتقول: "الأكيد أن المرأة لو تجد الرجولة في الزوج وتجده يقوم بكل واجباته على أكمل وجه فلن تتسلط عليه ولن تلعب دور الرجل، لكن إن وجدت العكس وكان هو غير مبال وضعيف الشخصية فمن البديهي أن تستلم زمام الأمور، هذا بغض النظر عن التسلط كطبع فطري والتسلط كعادة مكتسبة، مع الإشارة إلى أن التسلط الفطري يكبح من طرف الزوج". من جهتها ترى لينا أن "تسلط المرأة يعود في المجتمعات العربية وفي الجزائر تحديدا إلى شعور المرأة بشغور مكان الرجل ودوره في حياتها ودعم أسرتها فتتولى هي المسؤولية كاملة مما يولد لديها تسلطا على الرجل بإقصائه، وقد يكون ذلك وليد ضعف شخصية الرجل وقلة حزمه ونقص خبرته في الحياة"، وتشاركها سلوى الرأي غير أنها تشير إلى أن تربية المرأة في أسرة تكون فيها الوالدة متسلطة يكسبها تلقائيا صفة التسلط، فتحاول جاهدة إلغاء دور الزوج وتصرخ عليه وتنهره أمام الأبناء وهو ما يخلف أجيالا وأجيالا من النساء على نفس الشاكلة. وبمنطق آخر، وفهم مختلف يقول سامي بأن "تسلط الزوجة على زوجها أو أبنائها أو عائلة زوجها، ما هو إلا جسّ نبض للوضع الذي من خلاله تثبت بعض النقص الذي تعيشه أو عاشته في السابق أيام العزوبية، وهنا ستجد مربط الفرس إما من خلال ضعف شخصية زوجها وعدم قدراته على تحمل مسؤولياته كزوج اتجاهها أو اتجاه أولاده أو لمبررات أخرى تدخل في الاتفاق الثنائي بين الاثنين في تحمل الزوجة تسيير أعباء بيتها، وهذا الخطأ الذي يقع فيه العديد من الأزواج والذي أعتبره سببا كبيرا في توسع صلاحيات تسلط الزوجة". هذا ويضيف سامي بأن "هناك أمرا آخرا يفسح المجال لتعنت وتسلط الزوجة في بيتها اتجاه زوجها على وجه الخصوص أو أبنائها وهو المستوى الثقافي أو بالأحرى التباعد العمري بينهما، بالإضافة إلى وجود مفارقات مادية بين العائلتين كأن تكون هي من عائلة غنية وهو من عائلة بسيطة حتى لا نقول فقيرة، وهذه الأمور كثيرا ما تكون حتى في الأسرة التي يكون فيها راتب الزوجة أكبر من راتب الزوج أو عندما يكون الزوج عاطلا عن العمل والزوجة تعمل". عن رأي الأخصائيين في الموضوع يذهب الدكتور مدحت عبد الهادي، استشاري العلاقات الزوجية والأسرية إلى القول بأن "التسلط من أنماط الشخصية المعروفة التي قد يتسم بها الزوج أو الزوجة والتي تؤثر بالسلب على طبيعة العلاقة بين الطرفين، وغالباً ما تكون سبباً في إلغاء شخصية الآخر ومحوها"، موضحاً أن "اكتساب الشخصية المتسلطة يعود بشكل كبير إلى أسلوب تربية الزوج أو الزوجة، فهناك كثير من الزوجات اللاتي اكتسبن التسلط والشخصية القوية نتيجة لتأثرهن بأمهاتهن، حيث نشأن واعتدن على أن تتقلد أمهاتهن زمام الحياة الزوجية مع آبائهن، وغالباً ما يكون الأب ضعيف الشخصية وتابعا تاما للأم، فتسعى هذه الأم إلى أن تزرع في ابنتها هذه المعاني منذ ولادتها وأن تخلق من ابنتها نسخة مصغرة منها، فتنشأ الفتاة الصغيرة على هذا الوضع وتتعامل معه على أنه وضع طبيعي".