مباشرة بعد ترسيم حالة الشغور والإعلان عن تولي عبد القادر بن صالح منصب الرئيس المؤقت للجزائر، عمت ولايات الوطن تظاهرات حاشدة، لمواطنين عبروا سلميا عن رفضهم لاستمرار ما وصفوه ببقايا نظام بوتفليقة ورفع المتظاهرون شعارات ضد بن صالح، مرددين بصوت واحد “بن صالح ديقاج”. وبالآلاف، مشى الطلبة في مسيرات عبر العديد من ولايات الوطن منذ الساعات الأولى من صبيحة الثلاثاء، وفي نفس الوقت الذي بدأ فيه اجتماع النواب وأعضاء مجلس الأمة بقصر المؤتمرات بنادي الصنوبر بالجزائر العاصمة، كان الطلبة قد خرجوا في مسيرة حاشدة بالعاصمة للمطالبة برحيل الباءات الأربعة والتغيير الشامل للنظام، وبالرغم من أن قوات مكافحة الشغب منعت على مستوى نفق جامعة يوسف بن خدة، من السير، حيث استخدمت خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريقهم، إلا أن هؤلاء نجحوا في كسر الحاجز الأمني ليلتحقوا بساحة البريد المركزي. ومباشرة بعد الإعلان عن ترسيم حالة الشغور والتنصيب الرسمي لعبد القادر بن صالح رئيسا مؤقتا للجزائر، التحق عدد كبير من المواطنين بشوارع الحراك مرددين “بن صالح ديقاج”، كما هتف المحتجون بشعارات رافضة لتولي بن صالح قيادة الدولة وإدارة المرحلة الانتقالية باعتباره جزءا من النظام القائم، داعين إلى ضرورة رحيله وبقية رموز المنظومة، فيما صدحت حناجر أخرى بعبارات “يا صالح نحّي بن صالح”، وطالبت بالتزام نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش بوعوده التي أطلقها مؤخرا. وفي حدود الساعة الواحدة و22 دقيقة زوالا، أخلت مصالح الشرطة ساحة البريد المركزي بعد أن استعملت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، ومنعت قوات مكافحة الشغب، المحتجين من الاقتراب من سلالم البريد المركزي. وبالرغم من مطالب الشعب التي كانت بوضوح في الجمعة السابعة للحراك وأول جمعة من دون بوتفليقة والمتمثلة في رفض الباءات الثلاث “بن صالح، بلعيز وبدوي، وكذا دعوة العديد من الشخصيات المعارضة على غرار المحامي مصطفى بوشاشي والحقوقي مقران آيت العربي وبن بيتور إلى إنشاء هيئة رئاسية جماعية وحكومة توافقية، إلا أن ما جرى صبيحة الثلاثاء في قصر الأمم شكل صدمة قوية للشعب الجزائري، ودفعه أن يطلق نداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن يسجلوا حضورهم بقوة يوم الجمعة المقبلة للمطالبة برحيل بن صالح ومن معه. مظاهرات حاشدة عبر عديد الولايات بعد تولي بن صالح رئاسة الدولة “يتنحاو قاع”.. ولا تنازل عن المادتين 7 و8 من الدستور شهدت مدينة بجاية، الثلاثاء، ثلاث مسيرات ضخمة، جلها مطالبة برحيل النظام والتي تزامنت وإعلان شغور منصب الرئيس وتعويضه برئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، حيث خرج في هذا الصدد العشرات من المتقاعدين في مسيرة انطلقت من محيط دار الثقافة وسط المدينة وصولا إلى مقر الولاية للمطالبة بالتغيير الجذري للنظام رافضين في نفس الوقت مراوغة الحراك الشعبي من خلال تنحية بعض الوجوه والإبقاء على أخرى. من جهتهم، خرج عمال المصالح الاقتصادية لمديرية التربية في مسيرة مطالبة بالتغيير الجذري للنظام، رافضين في نفس الوقت بقاء بن صالح وبدوي وبلعيز كما طالبوا برحيل سيدي سعيد، أما المحامون فقد شنوا إضرابا عن العمل. متظاهرون يطالبون بتفعيل المادتين 10 و11 كما خرج طلبة وأساتذة وعمال جامعة “عبد الرحمن ميرة” لبجاية في مسيرة حاشدة انطلقت من القطب الجامعي “تارڤة أوزمور” وصولا إلى مقر الولاية، رافعين العديد من الشعارات المطالبة برحيل النظام القائم بكل رجالاته منها “يتنحاو ڤاع” و”الخامسة سقطت.. جاء الدور على الباءات” و”لا لإعادة بناء النظام” و”لا لسياسة المراوغة وتضييع الوقت”. كما طالبوا بمحاسبة كل رؤوس الفساد وغيرها من المطالب والشعارات، حيث عبر المشاركون في هذه المظاهرة عن رفضهم المطلق لقرار تعيين بن صالح رئيسا للدولة ولو ليوم واحد، حيث يطالب هؤلاء بتطبيق المواد 7 و8 و9 و10 و11 و12 من الدستور والمرور بذلك إلى تشكيل حكومة انتقالية منبثقة من الشعب. وشارك في هذه المسيرة العديد من الأساتذة الذين رفعوا صورة زعيم نقابة “الكلا” الراحل “عاشور إيدير” بالإضافة إلى الأستاذة المحامية زوبيدة عسول التي حضرت إلى بجاية من أجل إلقاء محاضرة حول الحراك والأزمة السياسية التي تعيشها البلاد. “يا قضاة.. يا قضاة افتحوا الملفات!” كما، خرج، الثلاثاء ، المئات من الطلبة والأساتذة بالمسيلة، في مسيرة جابت شوارع رئيسية، دعما للحراك الشعبي، وتأكيدا على استمرار أسرة جامعة محمد بوضياف في هذا المسعى إلى غاية رحيل كل رموز النظام القائم، بعد استقالة الرئيس قبل أيام. المحتجون هتفوا مطولا، برفض بقاء الباءات الأربعة في سدة الحكم، وهو ما يعد استفزازا صريحا ووقوفا ضد الإرادة الشعبية، التي عبر عنها الجزائريون منذ 22 فيفري. وردد المتظاهرون الذين توقفوا على مستوى مجلس القضاء ومبنى الولاية، إضافة إلى المحكمة، شعارات تُطالب النيابة والقضاة، بالتحرك السريع من أجل محاسبة العصابة التي نهبت الخيرات والثروات واستنزفت أموالا طائلة دون حسيب أو رقيب، مثل “يا قضاة يا قضاة افتحوا الملفات واحبسوا العصابات”، و”الجيش جيشنا ونحن صناع القرار”، و”يا بوضياف يا بوضياف خدعونا أصحاب السعيد”. ودعا الطلبة والأساتذة، إلى ضرورة الرحيل الفوري لكل من بن صالح، بدوي وحكومته، بوشارب وبلعيز، وكذا الأفلان والأحزاب التي تسير في فلك النظام، مؤكدين على مواصلة الحراك والتمسك بسلميته وحضاريته إلى غاية تحقيق هذا المطلب الذي تشترك فيه الأغلبية من الجزائريين. طلبة يدعون إلى حل البرلمان كما، نظم صبيحة الثلاثاء ، طلبة مختلف جامعات تيزي وزو، مسيرة سلمية حاشدة انطلقت من جامعة مولود معمري ووصلت إلى ساحة الزيتونة وهذا بعدما جابت مختلف أرجاء المدينة، حاملين ومرددين عديد الشعارات الداعية إلى إسقاط النظام. ورافضين تعيين بن صالح رئيسا للدولة. ودعا الطلبة إلى حل البرلمان. كونه لم يعد شرعيا بحسبها. وعادت أجواء الحراك الشعبي مجددا إلى مدينة جيجل، بعد أيام فقط من الدخول الجامعي، حيث نظم العشرات من طلبة جامعة جيجل الثلاثاء مسيرة سلمية جاب خلالها الطلبة شوارع جيجل مطالبين بتغيير جذري للنظام الحالي، ورفع الطلبة لافتات تحمل شعارات الجزائر حرة ديموقراطية وأخرى مطالبة بالاستجابة لرغبة الشعب بصفته مصدر السلطات، وكان المكتب الولائي للتنظيم الطلابي “الصوت الوطني للطلبة الجزائريين” بجامعة جيجل قد أعلن التحاقه رسميا بالحراك الشعبي، وإثر حصوله على اعتماد مكتبه الولائي بجيجل. بدورهم، خرج نهار الثلاثاء، طلبة جامعة أكلي محند اولحاج بالبويرة في مسيرة عبر أحياء عاصمة الولاية مرددين هتافات رافضة لتعيين عبد القادر بن صالح كرئيس للدولة، معتبرين العملية باطلة بالنسبة إليهم باعتبار أن الشارع يرفض تعيين بن صالح، رفقة العديد من الوجوه المحسوبة على الرئيس السابق، وقد رفع الطلبة في مسيرتهم التي كانت سلمية لافتات كتب عليها “يتنحاو قاع”، “الشعب يرفض بن صالح”، وغيرها من الشعارات التي تعبر عن رفضهم لما تمخض عن اجتماع البرلمان بغرفتيه، من ترسيم شغور منصب رئيس الجمهورية وتسمية بن صالح رئيسا للدولة وفق ما تنص عليه المادة 102 من الدستور، حيث أكدوا بأن روح الدستور، ينبغي أن تحترم مع إرادة الشعب الذي يصر على المادتين 7 و8 من الدستور. زوبيدة عسول: النظام لم يفهم الدرس قالت الحقوقية زوبيدة عسول بمناسبة حلولها ضيفة على جامعة بجاية أين ألقت محاضرة حول الحراك، إن “الذين لا يزالون في الحكم لم يفهموا الدرس بعد” في تصريح لها عقب إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية وتعيين بن صالح رئيسا مؤقتا، مضيفة: “اليوم نحن غير معنيين بقرار تنصيب بن صالح على رأس الدولة كون المادة 102 قد تجاوزتها الأحداث”. وبرأي عسول فإنه حان الوقت للمرور إلى مرحلة انتقالية وإعادة النظر في كامل المنظومة القانونية التي تحكم العمل السياسي، وتعيين حكومة ذات كفاءات، “بإمكانها تسيير البلاد على قواعد صحيحة وبكل شفافية وإعطاء الحصيلة للشعب”، مشيرة إلى أنه “حان الوقت للشعب الجزائري أن يعرف كيف يسير المسؤولون.. أما قضية شغور منصب الرئيس فهو ظل شاغرا منذ 2013”- تؤكد عسول. بوهدبة: الشرطة تستمد سلطتها من ثقة الشعب وقوة القانون قال المدير العام للأمن الوطني عبد القادر قارة بوهدبة، الثلاثاء، إن الشرطة “تستمد سلطتها من ثقة الشعب الجزائري وقوة القانون”، وأعوانها “هم أبناء الشعب الجزائري”، وهذا في معرض رده على سؤال عن مدى اقتناعه بأداء عناصر الأمن خلال الحراك. وتابع بوهدبة، ضمن السياق ذاته، على هامش زيارته لولاية سطيف، إن تقييم أداء أعوان الأمن الميداني “متروك للمواطن، الذي لا شك أنه راض كل الرضا عن جهاز الشرطة”، مضيفا أن الأمن الوطني، هو “الآذان الصاغية والعين الساهرة لحماية الدولة”. الأمن يفرق المتظاهرين بساحة البريد المركزي طلبة الجامعات “ينتفضون” مجددا رفضا لبن صالح تجمهر الطلبة الثلاثاء بساحة البريد المركزي وذلك مباشرة من عودتهم من عطلة الربيع التي فرضها وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق، لدعم استمرارية الحراك الشعبي ورفض تعيين عبد القادر بن صالح رئيسا للبلاد. غير أن تدخل مصالح الأمن لإخلاء ساحة الاحتجاج وتفريق المتظاهرين باستعمال خراطيم المياه قد قلب الموازين رغم أن الحراك الشعبي لا يزال يحافظ لحد الساعة على سلميته. استأنف الطلبة احتجاجهم السلمي بساحة البريد المركزي، مباشرة بعد عودتهم من عطلة الربيع التي تم تمديدها بقرار من الوزير السابق الطاهر حجار، أين شرعوا في التجمهر في حدود الساعة العاشرة صباحا، رافعين لافتات تعبر عن مطلبهم الرئيسي وهو ذهاب جميع رموز النظام السابق، وليس رحيل بوتفليقة وحده، مع وقوفهم إلى جانب الجيش الشعبي الوطني. ورغم سلمية المظاهرة التي شارك فيها الطلبة الذين قدموا من مختلف المؤسسات الجامعية، إلا أن مصالح الأمن أقدمت على إخلاء ساحة البريد المركزي لتفريق المتظاهرين، أين استعملت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، فيما منعت قوات مكافحة الشغب المحتجين من الاقتراب من سلالم البريد المركزي. وانتفض الطلبة مجددا عبر مختلف ولايات الوطن، حيث خرج الطلبة بولاية مستغانم في مسيرة حاشدة انطلقت من وسط المدينة لتجوب أهم شوارع المدينة، مرددين شعارات رافضة لترأس بن صالح البلاد في هذه الفترة الحرجة، كما رفض الطلبة الباءات الثلاثة، معتبرين ما حدث التفاف على مطالب الشعب. كما استأنف الطلبة بجامعة وهران حراكهم الشعبي، بعد انقضاء عطلة الربيع، أين شاركوا في مسيرة حاشدة للتعبير عن رفضهم المطلق لتعيين عبد القادر بن صالح رئيسا للدولة، فيما التحق بالمظاهرة المحامون الذي نظموا بدورهم وقفة سلمية أمام مجلس القضاء لدعم الحراك والمطالبة برحيل النظام.