سنحت للجزائر حاليا الفرصة لأجل أن تسترجع بريقها في كل المجالات ومنها الرياضة التي لم تبق منها شعبيا سوى كرة القدم، وحتى هذه اللعبة تئن بالفضائح من شراء المباريات والمخدرات والعنف، ولا يمكن لنهضة كروية أو رياضية في أي فرع، أن تكون، من دون أهل الرياضة. لا جدال في أن نور الدين مرسلي هو أهمّ رياضي على الإطلاق من نافس وتغلّب على كبار العالم وأحرز في اختصاصه أي ألعاب القوى على كل الألقاب العالمية في الهواء الطلق وداخل القاعة، من ميداليات ذهبية في الألعاب الأولمبية إلى ألقاب عالمية إلى تحطيم كل الأرقام القياسية في المسافات المتوسطة، وهو إنجاز لم يسبق لأي رياضي جزائري في التاريخ وأن بلغه، ومن الصعب وربما المستحيل أن يحققه رياضي في الزمن القريب والمتوسط. دعّم نور الدين مرسلي تفوّقه الرياضي بتفوّق علمي من خلال إحرازه على شهادات كبرى من الجامعات الأمريكية، وتعلّق بالجزائر برغم المحن التي عانتها في أيام التتويجات ولو أراد المال والجاه لاختار جنسية أخرى ومنها الأمريكية التي سنحت له ورفضها في بداية العشرية السوداء التي كان فيها النقطة البيضاء الوحيدة في الحياة العامة في الجزائر. قال نور الدين مرسلي ل”الشروق” بأنه في إحدى السنوات وصله اتصال هاتفي من الرئاسة الجزائرية واقترحوا عليه وزارة الشباب والرياضة، وكان حينها في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولكنهم لم يتصلوا به بعد ذلك نهائيا، وعينوا شخصا آخر، وهو يرى الكثير من أبطال ألعاب القوى يحملون حقائب الرياضة ومنهم المغربية نوال المتوكل صاحبة ذهبية أولمبياد لوس أنجلس 1984 في سباق 400 متر، كما رأس اللاعب جورج ويه نجم الميلان السابق بلاده ليبيريا. يبلغ نور الدين مرسلي من العمر 48 سنة وبضعة أشهر، وهو ابن فلاح من بلدة تنس الساحلية، ومن عائلة رياضية معروفة حيث كان شقيقه الأكبر عبد الرحمان مرسلي من أشهر أبطال 1500 متر، وصار بعد ذلك مدربا له وتكفل من ماله الخاص بنقله إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث انفجرت طاقة نور الدين مرسلي وصار أكبر رياضي على مستوى الكرة الأرضية، عندما فاز بلقب بطولة العالم في ثلاث نسخ متتالية في طوكيو اليابانية وشتوتغارت الألمانية وغوتبورغ السويدية ما بين 1991 و1995، وحقق ذهبية أطلنطا في سنة 1996، وهي أرقام وألقاب شرفت الجزائر ورفعت رأسها وجعلت علمها في زمن الإرهاب يرتفع ويذكر في كل مكان، حيث سيطر مرسلي على المشهد العالمي لمدة فاقت خمس سنوات. لا أحد فهم لحد الآن سبب منح بعض الوجوه حقيبة الشباب والرياضة، وحرمان رجل متواضع ومتخلق وعاشق للجزائر وحاصل على شهادات من جامعات عالمية وله كاريزما خاصة تجعله محبوبا من كل الجزائريين، من هذا المنصب الكبير، لأن البطل الكبير لا يمكنه أن يرضى بقيادة وزارة وقطاع لا يوجد فيه أبطال. يسير نور الدين مرسلي نحو سن الخمسين، وإذا كان الحراك الشعبي يصرّ على أن تمنح الحقائب الوزارية للأكفاء من الجزائريين الذين تحدوا العالم وأبانوا عن فكرهم وثقافاتهم وإتقانهم لعديد اللغات، فلن نجد في عالم الرياضة مثل نور الدين مرسلي الذي زار كل بلاد العالم وعاش زمنا طويلا في الكثير منها ومُنح أوسمة من ملوك ورؤساء، وكان البطل الأوحد في تكريم خاص في موناكو، ونهل من كل الأمم ولن يجد فرصة ولن تجد الجزائر فرصة في تتويج أبنائها وتتويج نفسها بكفاءاتهم مثل منح حقيبة الشباب والرياضة للبطل الأسطورة نور الدين مرسلي رفقة من شرفوا الجزائر في الطب والهندسة والاقتصاد والثقافة حتى تكون للجزائر حكومة ترفع الرأس وتجعل الجزائريين يفتخرون بها. تحوّلت وزارة الشباب والرياضة في العقدين الأخيرين إلى وصمة عار، وحتى في الأزمات الكبيرة التي عاشتها الجزائر رياضيا ومنها ما حدث بعد مباراة “الخضر” كرويا أمام مصر سنة 2009 في أم درمان، لم تجد وزيرا قادرا على الدفاع عنها، ولا حتى الذي من بعده، فتدهورت كل الرياضات وفقدت الجزائر بطولاتها في كل الرياضات وحتى الرياضة الشعبية اختلطت بالكوكايين وبالفضائح، إضافة إلى النتائج الهزيلة التي صارت تحققها، ولولا بعض المهاجرين الذين تتلمذوا في المدارس الفرنسية لغابت الجزائر نهائيا عن الأضواء. ب.ع