لم تكد تمر أزمة ربيع الثقافة وعرض مارسيل خليفة مجنون ليلى في البحرين حتى استيقظ الشارع الثقافي على أزمة جديدة أثارت استياء الكثير من المثقفين والكتاب، بعد إقدام وزارة الإعلام هناك على منع رواية عبد الله خليفة الجديدة "عمر بن الخطاب شهيدا" بدعوة أنها احتوت على مغالطات تاريخية وشخصت الصحابة. الرواية صدرت في بيروت قبل شهرين ووزعت في كامل الدول العربية لكنها منعت في البحرين. وقد واستغرب مؤلف الرواية عبد الله خليفة أن تحتجز وزارة الاعلام روايته رغم صدورها في الخارج أصلا، وقد سبق لها أن وافقت على دخول رواية أخرى له وهي "رأس الحسين" في الوقت نفسه، قالت وزارة الاعلام في تصريح صحفي إن "إخضاع الرواية للرقابة هو إجراء طبيعي.، هذا ما دفع عددا من مثقفي وأدباء البحرين إلى تشكيل لجنة للتباحث مع وزارة الإعلام بشأن مصير الرواية التي قال عنها مؤلفها إنها عمل أدبي حول دور الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الفتوحات، وإقامة عدالة إسلامية والدفاع عن الناس وخاصة الفقراء. وقد أكد خليفة أن الشخصية الرئيسية أي البطل في الرواية هي عمر بن الخطاب كما هو معروف في التاريخ، وتشخيص الصحابة شيء قديم جرى في كتب السيرة والروايات المعاصرة كما فعل الكاتب أحمد علي باكثير قبل أجيال عندما كتب عن سيرة عمر عدة أجزاء بشكل قصصي. وعن استخدامه "الشهيد" في اسم الرواية، يقول "لأن الخليفة عمر بن الخطاب قُتل جراء مؤامرة فارسية خططها أبو لؤلؤة المجوسي وآخرون عندما طعنه أبو لؤلؤة بخنجر في المسجد، وبالتالي هو شهيد كونه لم يمت موتة طبيعية". وأضاف عبدالله خليفة أن الرواية "ركزت كثيرا على شخصية عمر بن الخطاب كبطل مناضل من أجل الناس العاديين واهتمامه بالنساء البسيطات والمرضعات، وعرضت الجوانب الإنسانية في شخصيته بشكل أدبي حديث وليس بشكل روائي سردي تقليدي". ولفت إلى أن الرواية هي "نص أدبي قائم على أحداث جرت لأنه يتناول رموزا إسلامية كبرى ولا نستطيع أن نبتكر فيه خيالا، لكن ما قام به من فتوحات كبرى هو العمل الخيالي في تلك العصور ونحن الآن لا نستطيع أن نحرّك حجرا". وفيما أصدرت وزارة الإعلام البحرينية بيانا تستغرب فيه طريقة تعامل الإعلام مع القضية، فإن مؤلف الرواية وصف إجراء الوزارة بأنه غير طبيعي أبدا "لآن الإجراء الطبيعي هو أي كتاب يصدر في الخارج يدخل البلد بشكل عادي، وأي كتاب يصدر في البحرين يحتاج ترخيصا، وهذا الكتاب دخل دولا عربية أخرى والوزارة لدينا تحتجزه منذ شهر، علما أنه سمح لكتاب سابق لي بالدخول وهو رواية "رأس الحسين" عن الدار العربية للعلوم في بيروت. وأشار إلى أن روايته "عمر بن الخطاب شهيدا" هو جزء في سلسلة بدأها ب "رأس الحسين" وسوف يصدر روايات أخرى عن علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما. واتهم عبد الله خليفة، ما أسماهم ب "المحافظين الدينيين"، أنهم " لا يريدون من أحد الاقتراب من الإسلام أصلا ويحاولون احتكار الإسلام وأي قوى أخرى تحاول أن تحترم رموز الإسلام وتكتب عنها تعتبرها شيئا غريبا". وكان خليفة قد صرّح لصحيفة "الأيام" البحرينية أن من احتجزوا كتابه هم "نسخة من تلفزيون قندهار فيما المشتغلون فيه عاجزون عن فك الخط وإجادة اللغة العربية، لتستعصي عليهم قراءة نص رواية "عمر بن الخطاب شهيداً" والذي كتب بلغة إبداعية بسيطة جدا، تبجّل شخصية عمر بن الخطاب وتظهره كبطل تاريخي عبر سرد فتوحاته ومواقفه من قضايا الناس والدفاع عنها". زهية منصر:[email protected]