يتجه المجلس الدستوري رسميا نحو إلغاء انتخابات 4 جويلية المقبل، لغياب المترشحين “الجادين” في الوصول إلى كرسي الرئاسة، فبعد ثبوت انسحاب رؤساء الأحزاب السياسية من خوض غمار هذه الانتخابات، بات من المؤكد أن الرئاسيات لن تجرى في الظروف الحالية، ليتحقق بذلك أحد المطالب التي رفعها الجزائريون في الحراك الشعبي. يبدو عمليا أن الرئاسيات التي دعا إليها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح لن تجرى، لغياب المترشحين الراغبين في خوض غمار انتخابات مثيرة للجدل ومرفوضة شعبيا، فبعد انسحاب رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، ورئيس التحالف الوطني الجمهوري بلقاسم ساحلي، والمترشح الحر علي غديري، لم يبق في الساحة الوطنية سوى مترشحين غير معروفين لدى الجزائريين، ليتأكد رسميا أن شروط تنظيمها وإجرائها غير مناسبة وغير مقبولة. رخيلة: الحل يكمن في تطبيق المادة 103 من الدستور وفي انتظار إصدار المجلس الدستوري لبيان يؤكد من خلاله أن انتخابات 4 جويلية المقبل لن تجرى في وقتها، لعدم استيفاء المترشحين الشروط القانونية، يبقى التساؤل مطروحا لدى الجزائريين حول المخارج القانونية التي يمكن الاستناد عليها لتأجيل الانتخابات، خاصة وان هذا المطلب فرضه الحراك الشعبي. المادة 102 و103 من الدستور الحل الوحيد للبقاء في المسار القانوني، يرى الخبير الدستوري عامر رخيلة في حديثه ل”الشروق”، أن الحل يكمن في تطبيق المادة 103 من الدستور التي تخول للمجلس الدستوري أن يصدر فتوى قانونية تسمح بتأجيل الانتخابات بحجة عدم استيفاء المترشحين الشروط القانونية أو غياب الراغبين في خوض غمار هذه الانتخابات، مؤكدا أن المجلس الدستوري بعد 10 أيام أو أقل سيصدر قرارا في هذا الموضوع، يؤكد من خلاله تأجيل الانتخابات، وبالتالي – يضيف – المتحدث لن تكون هناك مرحلة انتقالية لاسيما وان السلطة متمسكة بالمسار الدستوري. بالمقابل، لم يستبعد الخبير الدستوري إمكانية اللجوء إلى المادة 102 من الدستور على سبيل القياس، باعتبار أن هذه الأخيرة تنص على مخرج قانوني آخر يمكن من خلاله تأجيل الانتخابات لمدة 90 يوما ويبقى رئيس الدولة عبد القادر بن صالح في منصبه إلى غاية إجرائها، قائلا: “الفرق بين المادتين يكمن في كون المادة 102 تكون في الحالة التي لا يوجد فيها مترشحون”. من جانبه، يرى عميد كلية العلوم الإنسانية الدكتور يوسف قاسمي في تصريح للإذاعة “أن تطبيق المادة 103 من الدستور تعطي أفقا سياسيا لتأجيل هذه الانتخابات لوقت لاحق قد يصل لمدة 60 يوما إضافية يتم خلالها فتح حوار وتهيئة اللوجستيك التقني والإداري والقانوني والسياسي الذي يمكن المواطن للذهاب لهذه الانتخابات”، قائلا: “يجب الالتزام بالمسار الدستوري وفق حلول سياسية توافقية يستلهم من خلالها مطالب الحراك وكذلك مع الطبقة السياسية الفاعلة واحترام مؤسسات الدولة لأنها هي الإطار الذي يحمي الجميع”. “مترشحون” ينسحبون ساعات قبل نهاية الآجال وفي الوقت الذي كان يفترض أن يرسم فيه بعض رؤساء الأحزاب قرار ترشحهم لرئاسيات4 جويلية، أعلن التحالف الوطني الجمهوري، تعليق مشاركته في الانتخابات الرئاسية، وهذا إلى “غاية توفر الشروط المناسبة لنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي المصيري”. وأوضح الحزب في بيان له أن قرار تعليق مشاركته إلى “تاريخ لاحق”، جاء بعد تاكدهم من أن الشعب يرفض هذه الانتخابات، فضلا عن عدم اكتمال الآليات الدستورية والقانونية المؤطرة لهذا الاستحقاق “الهيئة العليا للإشراف والرقابة وتعديل قانون الانتخابات”، بالإضافة إلى “غياب التوافق السياسي لدى أغلبية الفاعلين في الساحة الوطنية”، وهو ما يجعل من هذا الموعد “فرصة أخرى ضائعة للحل وتأزيم الوضع”. وأكدت التشكيلة السياسية ذاتها، أن ترشيح أمينها العام بلقاسم ساحلي “مشروطة بضرورة مرافقة الحل الدستوري والانتخابي، بجملة من الإجراءات السياسية لطمأنة الرأي العام الوطني، وترميم الثقة المهزوزة بين السلطة والحراك الشعبي”. ونفس الشيء جاء على لسان رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، الذي أعلن عدم إيداع ملف الترشح لرئاسيات 4 جويلية، لدى المجلس الدستوري، حسب بيان للحزب، أعقب اجتماع مكتبه الوطني. وأرجع الحزب سبب تراجعه عن الترشح للرئاسيات إلى حالة الغموض والجمود الذي يسود ويدفع إلى انعدام التحضير الحقيقي والجدي لهذه المرحلة الهامة، وعدم تنصيب اللجنة المستقلة المطلوبة لتنظيم الانتخابات.