كان كافيا أن نلقي نظرة سريعة على الكوخ الذي تقطنه عائلة "ز. سليم" لنشكل صورة عن حجم المأساة الإجتماعية التي يعيشها وأفراد أسرته المشكلة من 6 أبناء، شاءت الظروف أن تكون حياتهم ترحالا بين الفضاءات الفلاحية شرق ولاية بسكرة بحثا عن القوت، وقد استقر بهم حظهم في منطقة فلاحية نائية جدا ما كدنا نصل إليها إلا بشق الأنفس في يوم حار جدا على مسلك فلاحي صعب للغاية، بمنطقة زمورة. كنا على علم بأن 3 أبناء من أصل 6 يعانون من إعاقة حركية وقد أكد لنا ذلك "فاعل خير" الذي كان دليلنا إلى تلك المنطقة الوعرة وما إن وصلنا حتى شاهدنا بنتا صغيرة تحبو بسرعة والإبتسامة تعلو محياها، ما بعث فينا قليلا من الأمل سرعان مازال لما راح الأب سليم يحكي قصة زواجه ومعاناته اليومية من أجل سد رمق أسرته التي تشكلت بداية من عام 1999 تاريخ زواجه من ابنة خاله، وقد تم وقتها عقد قرانهما من طرف الجماعة في منطقة فلاحية بإحدى بلديات دائرة سيدي عقبة، وكان عقد الزواج الرسمي والقانوني آخر ما يفكر فيه الزوج سليم الذي كان همه الوحيد تحصيل لقمة العيش. وبمرور السنوات أنجب 6 أبناء يتذكر فقط العام الذي ولد فيه كل واحد منهم أكبرهم عقبة المزداد عام 2002، ناجي المزداد عام 2004 وحمزة المولود في العام الماضي كلهم أصحاء. أما الثلاثة الباقون منهم معاقون حركيا وهم سهام التي تمشي بصعوبة المولودة عام 2000، وفطوم التي تحبو المولودة عام 2004 والطفل شعبان الذي لا يقدر على الحركة المولود عام 2001. جميع هؤلاء المذكورين غير مسجلين في مصالح الحالة المدنية لافتقار الأب لدفتر عائلي، سألته عما إذا كان يرغب بجد في تسوية وضعيته فأجاب: "بالتأكيد غير أنني لم أتمكن من التوفيق بين هذا الواجب وبين تحصيل قوت العائلة، بصراحة همي الوحيد هو الحصول على عمل استرزق منه قبل الذهاب والإياب جريا وراء تسوية الوضعية الإدارية لعائلتي" بتفكير سليم "الساذج" يكون قد أضاع عن جهالة حقوق أبنائه المعاقين، أو ربما يجهل أن الدولة تدفع وتوفر لهم العلاج المجاني وحتى الدواء، وربما سيضيع حق ابنه عقبة في الدراسة وعمره 5 سنوات، وسيكون خلال الموسم الدراسي مؤهلا لولوج المدرسة إن استدرك الأب خطأه. وعن ذلك سألته فأجاب "أنا معدوم وليست لي إمكانيات تسمح بذلك، وما أتمناه هو أن أتمكن من تسوية وضعيته الإدارية وتسجيله في مدرسة قريبة من سكن جده ليزاول دراسته".. واستدرك سليم الحديث كاشفا عن عزة نفس قوية حيث قال: "لو أعرف أنك ملياردير ما طلبت منك فلسا" سألته أين ولد أبناؤه الستة فأجاب "في الدار، تحت إشراف حماتي أو إحدى النساء أو زوجة شقيقي" قلت له ربما تكون سبب الإعاقة صعوبة الولادة أو خطأ ما غير مقصود فرد متسائلا، "عن سبب إصابة فطوم، ونجاة ناجي من الإعاقة وكلاهما توأم" وفيما أكد محدثنا أن أبناءه خضعوا إلى التطعيم، ولم يستبعد مصدر طبي أن يكون قد حصل تأخر في ذلك خصوصا التطعيم عند الولادة مباشرة. ومهما يكن فإن وضعية سليم تتطلب تحرك مصالح النشاط الإجتماعي لمساعدته غير أن الذي لم نقدر على هضمه هو ما جاء على لسانه ومفاده أن زوجته ترافقه إلى العمل الفلاحي بعد مرور أسبوع أو أكثر بقليل عن الوضع وتضطر إلى ترك المولود وحيدا في الكوخ عرضة للتقلبات الجوية. في هذه اللحظات من اللقاء وضع سليم أنفته جانبا وحملنا نداء إلى فاعلي الخير راجيا مساعدته على تسوية وضعيته. لقاء/ حكيم عماري