يعيش العديد من تلاميذ الثانوية في الطور النهائي على وقع شد الأعصاب، إذ أضحى دنو وقت امتحان شهادة البكالوريا هاجسا ثقيلا يلازمهم ويسرق الراحة النفسية والجسدية منهم، حيث أن حالة التوتر والقلق الكبيرين هي ميزة يوميات هؤلاء التلاميذ الذين أرهقهم التفكير في هذا المنعرج الحاسم، مع تسارع عقارب الساعة المتجهة نحو امتحان مصيري تطبعه تحضيرات مكثفة وانشغال بما بعد البكالوريا، في ظل ترقّب يعتري مستقبل من لم يسعفهم الحظ في الفوز بهذه الدورة. وقبل أربعة أيام من الامتحان المصيري، كانت ل الشروق أحاديث وجولات مع طلبة البكالوريا وأساتذتهم، لتنقل أجواء اللحظات التحضيرية الأخيرة لشهادة يعتز كثيرون بحملها دروس التقوية والمراجعة الجماعية.. وجهتنا كانت لعدد من الثانويات بالعاصمة أين التقينا بمجموعة من التلاميذ في مختلف التخصصات العلمية والأدبية بكل من ثانوية الشيخ الحداد بباش جراح، وتوفيق المدني بالحراش وكذا ثانوية 621 مسكن بالكاليتوس. استفسرنا منهم عن درجة الاستعدادات النفسية والفكرية لديهم، فأكدوا لنا أن الأيام الأخيرة تعتبر من أصعب الأيام بالنسبة إليهم، حيث يزداد الضغط والتوتر النفسي، إضاثة إلى أنهم يبذلون جهودا أكبر، إذ يجدون أنفسهم في سباق مع الزمن، فيكثفون المراجعة وحل التمارين التجريبية ونماذج عن امتحانات سابقة، كما أن المكتبات والدراسة الجماعية هي ميزة المراجعة في الأيام الأخيرة زيادة عن الدروس الخصوصية التي يتم من خلالها تدارك النقائص ونقاط الضعف لديهم وإن كانت مرهقة جدا إلا أنهم اعتبروها المنفذ والمتنفس الذي يجدون فيه بعض الراحة، وتمنحهم نوعا من الثقة بالنفس طالما أنها تجعلهم أمام نماذج من امتحانات البكالوريا للسنوات الماضية وحتى لدول أخرى، مما يقلل نسبة التخوف عندهم، حيث أضحت هاجسهم الوحيد خاصة في ظل عدم استكمال بعض البرامج المقررة أو التي قدمت لهم في شكل مكثف مما جعل عملية الاستيعاب لديهم صعبة جدا لو لا اعتمادهم على الدروس الخصوصية، وهو الأمر الذي أثار استياءهم وبشكل كبير، على حد تعبير عائشة من ثانوية الشيخ الحداد وبلال من ثانوية توفيق المدني. وبعيدا عن جو المكتبات والدروس التدعيمية، وجد العديد من التلاميذ أمثال أسيا، حكيمة وصابرين في المراجعة الجماعية الحميمية بالمنزل فرصة مناسبة وجوا ملائما لاستدراك النقائص، إذ تسمح -حسبهم- بإضفاء نوع من المتعة وخفة الروح على الحسابات والمسائل المستعصية، وهو ما تضمنه الصداقة والدراسة الجماعية، إلا أن هذا الطرح لا ينفي وجود بعض التلاميذ مثل وليد وسارة من ثانوية توفيق المدني، حيث أكدوا لنا أن وقت الدراسة المكثفة بالنسبة لهم قد انتهى كما انتهت معه الدروس الخصوصية، مفضلين المراجعة الذاتية لبعض المسائل، معتبرين التوجه المكثف لتدارك الأمور في الآونة الأخيرة هو ما من شأنه توليد الضغط والتوتر النفسي. الثقة بالنفس... هي المشكلة ولعل القلق الذي طبع يوميات التلاميذ الممتحنين قد مس المعيدين أيضا الذين أبدوا قلقا بشأن مصيرهم، لكنه يتزايد بصورة جلية عند الممتحنين لأول مرة، وهو الأمر الوارد لدى أي مقبل على امتحان في وزن البكالوريا، ويمثل منعرجا هاما في حياته، وإن كان استطاع التخوف من الفشل وازدياد الضغط النفسي أن يسري إلى نفوس بعض التلاميذ وأخذ نصيبه منهم، إلا أنه لا يعدو أن يكون كذلك ولا يثني من عزيمتهم، إذ عبرت نسرين من قسم علمي في ثانوية 621 مسكن بالكاليتوس بقولها إن امتحان البكالوريا هو كأي امتحان قد يحتمل النجاح أو الفشل، لذلك لابد من الاجتهاد حتى ننجح. مترشحون آخرون أعربوا عن ارتياحهم وتفاؤلهم بالنجاح، معتبرين أن حالة التخوف عندهم عادية ولا تعني الفشل، وأضافوا أن التفكير في ما بعد البكالوريا مرهون بنتائج الامتحانات ولا داعي لاستباق الأمور. ولأننا لمسنا عند التلاميذ الذين حادثناهم رغبة في بصيص أمل من جهة رسمية ينفض عن كاهلهم عبء التفكير في ما بعد البكالوريا، فقد توجهنا إلى مديرية التربية أين التقينا بمدير التربية شرق وسط بولقرون رشيد، حيث نقلنا له انشغالات وانطباعات التلاميذ، وهي انشغالات لم يطرحها -حسبه- مستشارو التوجيه ولم يلمسوها، فقد ذكر أنه لحد الساعة لا يوجد هناك قرار رسمي من الوزارة يتحدث عن إجراءات ما بعد البكالوريا، إلا أن الأمر المؤكد هو أن الوزارة ستأخذ بعين الاعتبار كل القضايا وانشغالات التلاميذ، ولن تضحي بمستقبلهم، وستعطى للمعيدين فرصة كغيرهم للإعادة من خلال دورة ثانية أو أقسام خاصة، أو ترشّح حر... المهم أنها ستعمل على أن تكون لهم فرصة ثانية تضاعف حظوظهم في الفوز. نفسانيون: التوتر حالة طبيعية بالإمكان تجاوزها وعن حالة التوتر النفسي والتخوف من الامتحان الذي يعيشه التلاميذ أياما قبل الامتحان، أكدت لنا المختصة النفسانية، تواتي نبيلة، أن حالة الخوف هذه طبيعية، وإن كانت درجاتها تختلف من تلميذ لآخر، انطلاقا من شخصيته وثقته بنفسه وقدرته الذاتية، وإن كان التخوف والتوتر النفسي هذه المرة مرتبط بعوامل استثنائية، لكنها ليست مبررا للدخول في دائرة الفشل التي تزيد من التوتر والضغط النفسي، وهو ما يعتبر أهم أسباب الرسوب في أي امتحان.. كما أضافت أن الاستعدادات النفسية والفكرية هي الكفيلة بإعطاء نتائج إيجابية، وحذّرت المختصة في حديثها للأولياء من الإفراط في الدّلال أو تضييق الخناق على أبنائهم لأن هذا سيولد لديه ضغطا نفسيا ومسؤولية أكبر قد تقلل حطوظهم في النجاح. وبعيدا عن كل الأطروحات والتخوفات يبقى الأمر المؤكد هو أن الاجتهاد والتحضير الجيد والثقة بالنفس هي أسرار النجاح لدى أي ممتحن، ولابد من الإشارة إلى أن امتحان البكالوريا ما هو إلا امتحان عادي يكتسي أهمية كبيرة بالنظر للتغييرات التي يحدثها والآفاق التي يفتحها، وإذا تم النظر إليه بهذا المنظار فلن يكون من الصعب اجتيازه. زهية رافع