خلّف إقصاء المنتخب الوطني للمحليين من نهائيات “الشان” الكثير من الاستياء وسط الشارع الرياضي الجزائري، خاصة أن ذلك تم بعد الخسارة بثلاثية كاملة خلال مباراة العودة التي جرت في ملعب مدينة بركان المغربية أمام محليي أسود الأطلس، في الوقت الذي اكتفت فيه العناصر المحلية الوطنية بالتعادل السلبي في مباراة الذهاب بالجزائر، ويأتي هذا الإقصاء بعد أيام قليلة عن صدمة خروج المنتخب الأولمبي من التصفيات المؤدية إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا المرتقبة نهاية هذا العام، عقب خسارته أمام غانا، وبالمرة فشل الطموح في الوجود مع المنتخبات المشاركة في أولمبياد طوكيو 2020. إذا كانت إقالة الفرنسي باتيلي قد صنفها الكثير من المتتبعين على أنها بمثابة تحصيل حاصل، بعد فشله في المهمة الموكلة إليه كمسؤول فني على المنتخبات الوطنية، وخسارته الرهان مع المنتخب الأولمبي والمحليين على التوالي، فإن الشارع الكروي لا يزال يتساءل عن مستقبل الكرة الجزائرية التي لا تزال عاجزة عن فرض نفسها من بوابة المنتخبات الشبانية، وفي مقدمة ذلك المنتخب الأولمبي ومنتخب المحليين، حتى إن الإنجازات المحققة منذ الاستقلال تعد على أصابع اليد الواحدة، ما يؤكد أن البطولة الوطنية لم تعد فضاء للتكوين وتنمية المواهب، بقدر ما هي مجال للبزنسة وتشجيع منطق الشكارة الذي أصبح حديث العام والخاص انطلاقا من النصف الثاني من المنافسة، فضلا عن المظاهر الأخرى التي لا تمت لأخلاقيات الرياضة بصلة، وفي مقدمة ذلك ظاهرة المخدرات التي أساءت إلى اللاعبين والأندية والكرة الجزائرية بشكل عام. كتيبة بلماضي شجرة تغطي الغابة ويتأكد من يوم إلى آخر، أن الإنجاز التاريخي الذي حققه المنتخب الوطني الأول هذه الصائفة، حين توج ب “كان 2019” بقيادة المدرب جمال بلماضي، أنه مجرد الشجرة التي تغطي غابة البريكولاج والفضائح السائدة في محيط “الفاف” الذي لا يزال يبحث عن نفسه، بسبب الأخطاء التسييرية الفادحة، وكذا القرارات غير المدروسة، بدليل أنه لم يأخذ العبرة من نكسة المدرب الإسباني ألكاراز، وأعاد السيناريو مع المدرب الفرنسي باتيلي الذي فشل في مهمته على جميع الأصعدة، ما جعل هيئة زطشي تقرر التخلي عن خدماته. يحدث هذا في الوقت الذي أجمع الكثير من المتتبعين، على أن عجز منتخب المحليين في اقتطاع تأشيرة التأهل لنهائيات “الشان” يصنف في خانة تحصيل حاصل، وهذا بناء على البريكولاج الذي لا يزال يسود هيئاتنا الكروية، وكذا ضعف البطولة الوطنية التي يبدو أنها غير قادرة على إنجاب لاعبين يمثلون المنتخبات الوطنية في المحافل القارية، ما جعل المنتخب الحنلي يخفق في التأهل ل”شان 2020″ بالكاميرون، بينما حسم المنتخب الأولمبي خروجه من سباق تصفيات كأس أمم إفريقيا المرتقبة نهاية هذا العام، وبالمرة عدم الحلم في تسجيل مشاركة جديدة في الألعاب الأولمبية، بمناسبة دورة طوكيو 2020، ما يعني في نظر البعض غياب استراتيجية الاستقرار والاستمرارية في العمل، بدليل أن انتداب الفرنسي باتيلي تم في أعقاب إقالة بوعلام شارف، ما جعل البعض يحمّل المسؤولية لرئيس “الفاف” زطشي الذي لم يمنح أهمية للمنتخبات الشبانية التي لم تتح لها المدة الكافية للتحضير، فضلا عن أسباب أخرى موضوعية وأخرى غير مبررة، فكان الإقصاء ثمرة من ثمار البريكولاج وإعادة الترقيع. إنجازات لا تتعدى أصابع اليد منذ الاستقلال والمؤكد، أن مهازل المنتخب المحلي والمنتخب الأولمبي وبقية المنتخبات الوطنية الشبانية لم تكن وليدة اليوم، بدليل أنها منذ الاستقلال لم تحقق سوى إنجازات قليلة لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، حيث إن أفضل إنجاز لأواسط “الخضر” كان التأهل لمونديال 79 والوصول إلى الدور ربع النهائي، بعد أن تسيدوا القارة السمراء بعناصر شابة من طينة عصماني وبويش وياحي وبن جاب الله وشعيب وبلعباس وغيرهم، فيما نال المنتخب الأولمبي الميدالية الفضية في دورة 93 من ألعاب البحر المتوسط التي جرت في فرنسا، بعد الوصول إلى اللقاء النهائي الذي خسروه بثنائية أمام تركيا بجيل تضمن أسماء واعدة، في صورة بن طلعة ودزيري وحمداني وعجالي وخياط وموسوني وزروقي وزكري والبقية، فيما كانت دورة “شان 2011″ فرصة لتنشيط الدور نصف النهائي، حيث خسر أبناء بن شيخة أمام تونس بركلات الترجيح، في دورة سمحت باكتشاف العديد من الأسماء المحلية البارزة التي تم إدراجها في تعداد منتخب الأكابر خلال مونديال 2014، حيث نال بعضها ثقة المدرب الوطني السابق خاليلوزيتش، على غرار جابو وبلكالام، ما يؤكد حسبهم أهمية الاستثمار في المنتخب المحلي وبقية المنتخبات الشبانية لتعزيز المنتخب الأول بلاعبين من صميم البطولة الوطنية، وهو الأمر الذي يفرض على رئيس الفاف مراجعة حساباته مجددا لتفعيل مهمة المنتخبات الشبانية، والمنتخبين المحلي والأولمبي كمجال لتدعيم المنتخب الأول في هذا الجانب، خاصة في ظل تأكيد بعض الفنيين والمسيرين أن استراتيجية التكوين يجب أن تكون من أولى أولويات الاتحادية إذا أرادت أن تمنح قيمة مضافة ل”الخضر” وللكرة الجزائرية بشكل عام.