ساعات فقط بعد دعوة عضو البرلمان الأوروبي، رافاييل غلوكسمان، تنظيم جلسة نقاش حول الأوضاع في الجزائر، حتى تبرأ من هذا المسعى أعضاء من داخل هذا الفضاء، الأمر الذي كشف عنه عضو المجلس الشعبي الوطني، نور الدين بلمداح. عضو الغرفة السفلى للبرلمان عن الجالية الجزائرية في الخارج، فتح نقاشا مع نواب أوروبيين إلتقاهم، فأبلغوه بصيغة التأكيد “فكان الرد سريعا منهم بأن لا علم لهم بالموضوع ويعتبرونه لا حدث لأنهم تعودوا على هذا النوع من الخرجات لضرب استقرار الجزائر”. كان لإدارة الظهر من البرلمانيين الأوروبيين، على مسعى زميلهم ذي الأصول اليهودية غلوكسمان، أول “انتكاسة” له، وهو الذي حاول جاهدا، تلطيخ الحراك الشعبي الذي دخل شهره العاشر، دون أن تسيل قطرة دم واحدة، لآلاف الجزائريين الذين ينزلون للشارع، للتعبير عن مطالبهم وآمالهم، في كنف الهدوء والسلمية، في مشاهد أبهرت العالم. هذا العالم الذي يتابع القمع الذي تمارسه الشرطة الفرنسية، في حق متظاهري “السترات الصفراء”، بلد البرلماني غلوسكمان، الذي تفادى إحراج سلطات بلاده، أبدى تجندا ودعما غير مسبوق للجزائر، وحتى من داخل القارة العجوز. فالشريك الأوروبي الكبير للجزائر، وعبر مفوضية الاتحاد الأوروبي، سارع إلى تهدئة الغضب الجزائري، بتأكيد الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية فيديريكا موغيريني على “احترام الاتحاد الأوروبي الكامل” لسيادة واستقلال الجزائر “البلد الجار وكذا الشريك السياسي والاقتصادي”. وأوضحت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية أمام النواب الأوروبيون بستراسبورغ خلال نقاش بالبرلمان الأوروبي تطرقوا خلاله إلى الوضع في الجزائري إن “الجزائر ليست فقط بلدا جارا لكنه شريك سياسي واقتصادي و بلد صديق، كما تعتبر الجزائر بالنسبة لكثير من المواطنين الأوروبيين بمثابة عائلة، لذلك فإننا لا نتحدث عن صديق من بين آخرين وإنما نتحدث عن بلد صديق جد مقرب منا”. وفي موقف آخر، عبّر الاتحاد البرلماني للمتوسط عن دعمه الكامل لتنظيم الانتخابات في الجزائر المقررة يوم 12 ديسمبر المقبل، غير مهتم المرة ب”المؤامرة” التي حيكت في ستراسبورغ الفرنسية. وفي موقف متقدم آخر، أكدت اسبانيا، عبر وزيرها للداخلية، فرناندو غراند كارلاسكا، أنها “تدعم” العملية الانتخابية المزمع إجراؤها ديسمبر القادم، مؤكدا أن الوضع الحالي في الجزائر هو “شأن داخلي”، وهذا يعني معارضة صريحة لخطوة البرلمان الفرنسي. واللافت في المواقف الدولية من تحرك البرلمان الأوروبي “المشبوه”، ما عبَرت عنه الصين أكبر شريك اقتصادي للجزائر، فهي لم تكتف برفض التدخل الأجنبي، حيث قال “إن الجزائر دولة شقيقة لا نريد أي تدخل من أي نوع في شأنها الداخلي”، ولكن شارك سفيرها في المسيرة التي جمعت الجزائريين، السبت، رفضا للمؤامرات الخارجية. وتوالت ردود الفعل المتقدة للخطوة الأوروبية، إفريقيا وعربيا، فأدان إتحاد البرلمان الإفريقي، تدخل البرلمان الأوروبي في الشؤون الداخلية للجزائر، معربا عن تضامنه ومساندته للمسار الانتخابي الجاري بالجزائر. وطالب البيان الصادر في ختام أشغاله، على خلفية لائحة البرلمان الأوروبي حول الوضع في الجزائر، ب”احترام سيادة الجزائر في إدارة شؤونها الداخلية طبقا لتطلعات الشعب الجزائري”، داعيا البرلمان الأوروبي إلى “عدم التدخل مستقبلا في الشؤون الداخلية للدول الإفريقية”. كما أكد البرلمان العربي، الجمعة، عن رفضه القاطع لقرار البرلمان الأوروبي بشأن حالة حقوق الإنسان في الجزائر، واعتبر البرلمان العربي، في بيان له، هذا التدخل سافراً في شؤون الجزائر الداخلية، مؤكدا تضامنه ووقوفه مع الجزائر في المرحلة الدقيقة التي تمر بها، ورفضه لأي تدخلٍ خارجي في شؤونها الداخلية. وبهذه المواقف من شتى بقاع العالم، حول أحقية الجزائر في الدفاع عن نفسها، ورفضها المؤامرات الخارجية، وجد البرلمان الأوروبي نفسه معزولا وحيدا، بل مدانا إلى أقصى الحدود، وبالمقابل، خلق حالة توافق لا محدودة بين مكونات المجتمع الجزائري.