أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الخميس، إن “الجزائر تحتاج في هذه الأوقات الحساسة إلى ترتيب الأولويات تفاديا لمآلات مجهولة العواقب، يتوجب علينا أن نتجاوز معا وبسرعة الوضع السياسي الراهن للخوض في القضايا الجوهرية للبلاد”. وفي أول خطاب له بعد أدائه لليمين الدستورية في حفل نظم بقصر الأمم، قال تبون إن “الجزائر اليوم تحتاج في هذه الأوقات الحساسة إلى ترتيب الأولويات تفاديا لمآلات مجهولة العواقب وبناء عليه كنت قد أعلنت أن الدولة ستكون مصغية للتطلعات العميقة والمشروعة لشعبنا نحو التغيير الجذري لنمط الحكم والتمكين لعهد الجديد قوامه احترام المبادئ الديمقراطية ودولة القانون والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان”. وأدى تبون قبل ذلك اليمين الدستورية، بحضور جميع الهيئات العليا في الأمة طبقا للمادة 89 من الدستور التي تنص على أن رئيس الجمهورية “يؤدي اليمين الدستورية أمام الشعب بحضور جميع الهيئات العليا في الأمة، خلال الأسبوع الموالي لانتخابه ويباشر مهمته فور أدائه اليمين”. وأضاف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بأن “الجزائريين سطروا تاريخا جديدا يوم 12 ديسمبر بتلبية نداء الجزائر وأعادوا الجزائر إلى سكة الشرعية الدستورية والشرعية الشعبية التي لم يطعن فيها أحد”، مبرزا أنه “ثمرة من ثمرات الحراك المبارك، الذي استشعر بضمير ووثبة أنه لابد من حماية الدولة، وإعادتها إلى السكتة”. وقال إن “الأوضاع التي تمر بها البلاد تفرض علينا أكثر من أي وقت مضى أن نحسن حوكمتنا بمعالجة نقاط الضعف لبلدنا وإيجاد الظروف اللازمة لإعادة بعث النمو الاقتصادي وضمان إعادة النهوض ببلدنا وإرجاعها لمكانتها بين الأمم”. وأوضح رئيس الجمهورية أنه لرفع هذه التحديات “يتوجب علينا أن نتجاوز معا وبسرعة الوضع السياسي الراهن للخوض في القضايا الجوهرية للبلاد عبر انتهاج استراتيجية شاملة مبنية على رؤية سياسية واضحة تهدف إلى استعادة الشعب لثقته في دولته والالتفاف حولها بغية ضمان استقرارها ومستقبلها”، مشيرا إلى أن هذه الإستراتيجية “تهدف إلى استعادة هيبة الدولة من خلال الاستمرار في مكافحة الفساد وسياسة اللا عقاب وممارسات التوزيع العشوائي للريع البترولي”. علينا طي صفحة الخلافات والتشتت والتفرقة ودعا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الجزائريين إلى طي صفحة الخلافات والتشتت والتفرقة والعمل سويا من أجل “جزائر مستقرة”، قائلا: “إننا كلنا جزائريون ولا أحد أفضل من الآخر، إلا بقدر التضحيات ونكران الذات”. وفي هذا الخصوص، قال تبون: “يتعين علينا اليوم جميعا أن نطوي صفحة الخلافات والتشتت والتفرقة إنها (…) عوامل هدم وتدمير وقد أمرنا الله عز وجل بنبذ الخلافات والتنازع حتى لا نفشل وتذهب ريحنا”، مضيفا “إننا جميعا جزائريون ليس فينا من هو أفضل من الآخر إلا بقدر ما يقدمه من عمل خالص لجزائرنا العزيزة”. وذكر في هذا السياق، بالتضحيات “الجليلة والجبارة المصحوبة بنكران الذات التي قدمها أجدادنا وآباؤنا في تحرير البلاد من الثورات الشعبية إلى الحركة الوطنية وصولا إلى ثورة نوفمبر المظفرة والمقدسة”. وأضاف رئيس الجمهورية مستطردا: “إننا اليوم ملزمون جميعا أينما كنا وأينما وجدنا ومهما تباينت مشاربنا الثقافية والسياسية (…) ولا خيار لنا إلا أن نضع اليد في اليد من أجل تحقيق حلم الآباء والأجداد وحلم شبابنا في الحاضر وأجيال الجزائر في المستقبل في بناء جمهورية جديدة قوية مهيبة الجانب مستقرة ومزدهرة مسترشدين ببيان أول نوفمبر الذي كلما انحرفنا عنه إلا أصبتنا عوامل التفرقة والتشتت والضعف والهوان”. تعديل الدستور خلال الأشهر أو الأسابيع المقبلة وجدّد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، التزامه بتعديل الدستور “خلال الأشهر أو الأسابيع المقبلة”، مذكرا بأهم التزاماته وعلى “رأسها تعديل الدستور الذي يعد حجر الأساس لبناء جمهورية الجديدة والذي سيكون خلال الأشهر المقبلة إن لم أقل الأسابيع المقبلة الأولى، بما يحقق مطالب الشعب المعبر عنها في الحراك”. وقال رئيس الجمهورية إن “الجزائريين مقبلون على بناء الجمهورية الجديدة”، مذكرا بالتزاماته في “تعديل الدستور بصفته حجر الأساس لبناء الجمهورية الجديد، دستور يقلص صلاحيات رئيس الجمهورية ويحدد عهداته باثنتين غير قابلة للتجديد ويجسد الفصل بين السلطات ويحدد حصانة الأشخاص ولا يمنح للفاسد أي حصانة في الملاحقة القضائية ويحمي الحريات والحقوق وحق التظاهر وأخلقة الحياة السياسة ورد الاعتبار للمؤسسات المنتخبة من خلال قانون انتخابا جديد يحدد شروط الترشح ويجرم تدخل المال الفاسد في العمل السياسي وشراء الذمم، حتى يتمكن الشباب من الحصول على فرصة الترشح وتكون حملتهم الانتخابية من تمويل الدولة لحمايتهم من الوقوع فريسة في يد المال الفاسد”. بناء اقتصاد متنوع صانع للرفاه الاجتماعي في المجال الاقتصادي، وعد تبون ببناء اقتصاد متنوع صانع للرفاه الاجتماعي ويحصن الأمة من التبعية القاتلة للخارج. وشدد رئيس الجمهورية، على ضرورة بعث التنمية الاقتصادية من خلال مشاريع ومنشآت قاعدية كبرى وتشجيع الاستثمار المنتج وتنويع النسيج الصناعي عبر ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتنويع النشاط الاقتصادي الذي يوفر مناصب الشغل، مجددا تأكيده على العمل لتحقيق كافة الالتزامات التي تعهد بها أمام الشعب الجزائري، مبرزا حرصه على إعادة تنشيط الاقتصاد الوطني وتعزيزه. واعتبر تبون إصلاح النظام الضريبي ضروري لتحقيق الإقلاع الاقتصادي، حيث قال “سنقوم بإصلاح عميق للنظام الضريبي (..) نحرص على إقرار تحفيزات ضريبية وجبائية لضمان دفع للاقتصاد الوطني وخصوصا نسيج المؤسسات الناشئة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة”. وتابع رئيس الجمهورية يقول “سنعمل أيضا على تخفيف الأعباء الضريبية على المؤسسات من القطاعين العمومي والخاص وذلك من خلال وضع آليات خاصة كفيلة بتحقيق هذا الهدف كما سنحرص على تعزيز الاقتصاد المعرفي الخلاق للثروة ومناصب الشغل”. وجدد رئيس الجمهورية تأكيده على ضرورة ربط الجامعة بعالم الاقتصاد لضمان استغلال أفضل وأنجع للبحث العلمي في التنمية والتطوير الاقتصادي، مبرزا حرص الدولة أيضا على تعزيز قطاع الطاقة أكثر والعمل على تطوير استثماراته خصوصا في مجال الطاقات المتجددة. في هذا الصدد قال تبون: “سنعمل على تشجيع قطاع الطاقة وخصوصا الطاقات المتجددة والنظيفة (..) من الضروري أيضا تعزيز تواجدنا الطاقوي في القارتين الآسيوية والأوروبية وتعزيز صادراتنا الطاقوية خصوصا من الطاقات المتجددة”. وعلى صعيد الجبهة الاجتماعية، قال تبون إن الدولة ستعمل جاهدة على الارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن ودعم قدرته الشرائية خصوصا الطبقة المتوسطة والهشة، مجددا تأكيده على “إلغاء الضريبة على أصحاب الدخل الضعيف” وفق ما التزم به في مشروعه أمام الشعب الجزائري الذي يتضمن 54 التزاما وعد بتحقيقها خلال عهدته الرئاسية. وفي قطاع السكن أكد الرئيس حرص الدولة على القضاء على أزمة السكن حيث قال ” لن نرضى أن يبقى الجزائري يعيش في كوخ أو بناء هش”. ترقية قطاع الإعلام والقضاء على مشكل الإشهار العمومي وتعهد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بالعمل على ترقية قطاع الإعلام والتوزيع العادل للإشهار العمومي بين المؤسسات الإعلامية. وقال الرئيس: “وسائل الإعلام ستجد الحرية لكن في إطار الإلتزام بالقانون والآداب العامة والتحقق من مصادر المعلومات، سنعمل بشكل جدي على حل مشكل الإشهار العمومي بصفة مهنية”. وبخصوص الإعلام الإلكتروني، أوضح الرئيس بقوله: “سنعمل على جعل الإعلام وسيلة للإبداع ودعم الصحف الإلكترونية”. وسام استحقاق لكل من عبد القادر بن صالح والفريق أحمد قايد صالح أثنى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون على أداء السلطة الوطنية للانتخابات وقال إنها: “تمكنت في ظرف وجيز من كسب الرهان وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة”، كما شكر “المترشحين الذين خاضوا الرئاسيات بصدق ومكنوا الشعب من فرصة الاختيار السيد خدمة للوطن”. كما خاطب تبون، رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، مثنيا على “تحمله مسؤولية رئاسة الدولة، وبما أظهره من حكمة في إدارة شؤون البلاد في ظرف بالغ الحساسية بفضل خبرته الثرية التي كانت مفتاح النجاح في تكريس مقومات العمل المنسجم والتنسيق بين الرئاسة وقيادة الجيش، مما شكل جسرا آمنا للعبور بالبلاد إلى غد أفضل”. وحيا رئيس الجمهورية، بالمناسبة “الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير، على رأسه نائب وزير الدفاع المجاهد الوطني الصادق الفريق أحمد قايد صالح، على الدور الكبير، الذي لعبه في حماية السيادة الوطنية واستقرار البلاد وأمنها ووقوفها سدا منيعا في وجه محاولات التدخل الأجنبي والمؤامرات التي تستهدف وحدة الأمة ومرافقة الحراك لتحقيق مطالبه المشروعة، التي تحققت وما بقي منها، مجددا التزامه لتحقيق ما تبقى منها في إطار قوانين الجمهورية”. وبالمناسبة سلم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون وسام من مصف الاستحقاق الوطني برتبة “صدر” لكل من رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي نائب وزير الدفاع الوطني الفريق أحمد قايد صالح. تجديد رفض الجزائر لكل محاولات التدخل في شؤونها الداخلية جدد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن الجزائر تنأى بنفسها التدخل في الشؤون الداخلية للدولة كما ترفض التدخل في شؤونها الداخلية، وتلتزم بالمساهمة في مكافحة الإرهاب العالمي ونشر السلم والأمن العالميين. وفي خطابه، قال الرئيس: “ستظل الجزائر تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما ترفض بقوة محاولات التدخل في شؤونها الداخلية مهما كانت تلك المحاولات “، مبرزا أن “الجزائر تمد يدها لجميع الدول للإسهام في محاربة الإرهاب العالمي والجريمة والمنظمة والعابرة للحدود والمخدرات وكل الآفات الاجتماعية العالمية بهدف الإسهام بفعالية في تحقيق السلم والأمن العالميين”. من جهة أخرى، قال تبون إن بناء الصرح المغرب العربي الذي حلم به الآباء والأجداد “سيضل في قائمة اهتمامات الدولة الجزائرية”، مبرزا أن الجزائر “تسعى جاهدة للحفاظ على حسن الجوار وتحسين العلاقات الأخوية والتعاون مع كل دول المغرب العربي”. الصحراء الغربية مسألة تصفية استعمار كما أكد أن قضية الصحراء الغربية هي مسألة تصفية استعمار، مسجلة لدى الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، مضيفا أنه ينبغي أن تظل بعيدة عن تعكير العلاقات مع الأشقاء. وشدد تبون على أن الجزائر “ستسعى للحفاظ على حسن الجوار وتحسين علاقات الأخوة والتعاون مع دول المغرب العربي”، مؤكدا أنه “لن يصدر منها ما يسوؤهم أو يعكر صفوهم”. وقال في نفس السياق: “أعلن بوضوح أن الصحراء الغربية هي مسألة تصفية استعمار، وهي قضية بيد الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي وينبغي أن تظل بعيدة عن تعكير العلاقات مع الأشقاء”. كما أكد أن “الجزائر لن تدخر أي جهد في سبيل استقرار دولة ليبيا الشقيقة”، مؤكدا أن “الجزائر أولى باستقرار ليبيا ولن تقبل أبدا بإبعادها عن الحلول المقترحة للملف الليبي، وأنها تمد يدها إلى جميع الدول العربية دون استثناء”. وأشار إلى أن “الجزائر ستبقى تقف مع الشعب الفلسطيني ونضاله، وأن القضية الفلسطينية من ثوابت السياسة الخارجية الجزائرية، إلى غاية تحقيق حقهم المشروع في بناء دولة فلسطين المستقلة عاصمتها القدس الشريف”، داعيا “المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني وذلك بتطبيق كل قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة في إطار الشرعية الدولية”. وختم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خطابه بأنه تحمل المسؤولية الكبرى من أجل بناء الجمهورية الجديدة في إطار ثورة أول نوفمبر، مخاطبا الشعب بقوله: “ساعدوني وشجعوني وكونوا سندا لي .. صوبوني وقوموني إذا جانبت الصواب.. كونوا الجدار المنيع الذي يحميني لبناء جزائر العدل والقانون والأخلاق لا يظلم فيها أحد”. وستكون أول مهمة سيضطلع بها رئيس الجمهورية، هي تعيين الوزير الأول “بعد استشارة الأغلبية البرلمانية”، مثلما تنص عليه المادة 91 من الدستور، بالإضافة إلى “تعيين أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير الأول الذي ينسق عمل الحكومة “وتعد هذه الأخيرة” مخطط عملها وتعرضه في مجلس الوزراء”، حسب المادة 93 من الدستور.