دعا مختصون إلى إعطاء الجماعات المحلية والمستوى الإقليمي، صلاحيات أوسع، خلال التعديل الدستوري المقبل، قصد إخراج البلاد من مركزية القرار، التي أثرت على التنمية المحلية بالبلاد وتسببت في هدر المال العام، وجعلت المواطن رهينة هيئات معينة، في وقت كان على الدولة منح صلاحيات أوسع للولاة والأميار، ليتسنى لهم التحرك وبسرعة لمواجهة أي أزمات بالمجتمع. اعتبر رئيس بلدية سيدي موسى علال بوثلجة، في تصريح ل”الشروق”، أن كل خطوة أو مسعى، يهدف لتوسيع هامش المناورة والتعامل للمجالس المنتخبة، وكل قوانين تطبيقية تعطي المكانة الحقيقية للجماعات المحلية “نرحب بها”. وحسب المتحدث، فإنه لطالما شكّلت الصّلاحيات الممنوحة بالخصوص للأميار، “عقدة للكثير من الناس، ويحسبون أن رؤساء البلديات تقتصر مهامهم، بل ويفضلون توزيع الأراضي والسكنات… وهذه مغالطة كبيرة”، داعيا إلى العودة لقانون البلدية الصادر في 1967، والذي كان شاملا. وحسب، بوثلجة، فإن كثيرين لا يُفرقون بين منصب رئيس البلدية ورئيس المجلس الشعبي البلدي، وهذا ما يدخلهم في مغالطات عديدة. وأضاف “عندما يصبح لرئيس البلدية كلمة الفصل في إقليم بلديته، ساعتها نتحدث عن التنمية المحلية، ومنح صلاحيات أوسع له، مع تجسيد ذلك في نصوص تطبيقية، بها نستطيع الوصول لمبدأ التضامن والتشارك بين البلديات، وهو ما يساهم في إعادة التوزيع العادل للثروات”. كما تطرق محدثنا، لمشكل “الأوامر بالصرف” التي جعلت “الأميار مأمورين بالصرف وليسوا أمرين، وأضحوا رهينة للمراقبين الماليين التابعين لوزارة المالية”، حيث أوضح “نحن آمرون بالصرف وبقوة القانون، ونتصرف في أموال البلديات التي نسيرها، لأننا على دراية باحتياجات إقليمنا، ولكن للأسف فنحن لا نتصرف في أي سنتيم دون الرجوع للمراقب المالي، وهذا ما يعيق التنمية المحلية”. ويعتبر بوثلجة، أن موضوع الجماعات المحلية، وخصوصا البلديات “لابد وأن يكون محل اهتمام الجميع، لأن البلدية هي الخلية الرئيسية للدولة، ومادامت مهملة من الدولة، فلن تكون قائمة لبقية المؤسسات الأخرى، لأن الإصلاح الشامل والحقيقي يبدأ من البلدية”، وحسبه، فإن رئيس البلدية هو الممثل الحقيقي للمواطنين وليس النائب البرلماني أو السيناتور، فبعض النواب لا يعرفون حتى أسماء البلديات بولايتهم”. ودعا بوثلجة، الى ضرورة فتح ورشات كبيرة، بشأن اعادة دور للبلديات في التنمية المحلية، شرط اشراك أصحاب الشأن بعيدا عن الخلفيات السياسية، ومختصين في القانون الدستوري “ونبتعد عن النقاش في مكاتب الوزارات، والذين لا يملكون أدنى تصور عن واقع البلدية، مع ضرورة تقوية مؤسسات الرقابة البعدية على غرار مجلس المحاسبة والمفتشية المالية”. بدوره، يرى الأستاذ بالمدرسة العليا للإدارة والمختص في القانون الدستوري، أحمد دخينيسة، أنه من الضروري أن يتضمن تعديل الدستور الجديد إدراج باب خاص باللامركزية والحكامة، وذلك بإعطاء صلاحيات أكثر واستقلالية للجماعات المحلية، وتثمين المستوى الإقليمي، والذي اعتبره المتحدث “منبعا للتنمية ولتفعيل تنفيذ السياسات العمومية”. وقال دخينيسة في تصريح للإذاعة الوطنية، الأحد، أنه من الأسس الواجب اعتمادها لتحقيق الديموقراطية التشاركية “هو اعتماد اللامركزية واللاتركيز، كآليتين متفاعلتين لتحقيق مقاربة الحكامة الجيدة، داعيا إلى تضمين الدستور مجموعة من المبادئ منها دسترة مبدأ التفريع وقاعدة التضامن، واقرار مبدأ التعاون بين الجماعات الإقليمية وحرية التعاون بين الولايات والبلديات، ودسترة الاستقلالية المالية وعقلنة اعانات الدولة”.