توفي، الإثنين، بأبوظبيبالإمارات، الباحث الشاعر الجزائري، عياش يحياوي، عن عمر ناهز 63 عاما. بعد يومين من خضوعه لعملية جراحية إثر إصابته بانفجار في الشريان التاجي ونزيف داخلي، وتجاوزه مرحلة الخطر، حيث كتب الأحد منشوراً على الفايسبوك يطلب الدعاء له، قبل أن يفارق الحياة الإثنين. وعمل الفقيد في مجال الصحافة منذ التسعينيات من القرن الماضي، قبل أن ينتقل إلى الإمارات ويشتغل كرئيس تحرير للقسم الثقافي بإحدى الجرائد المحلية ثم كباحث في التراث في عدد من الهيئات الإماراتية الحكومية. ونعت وزارة الثقافة وشعراء وكتاب وإعلاميون الفقيد يحياوي في منشورات حزينة على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي. عياش.. قامة أدبية فقدتها الساحة الجزائرية والعربية وقالت وزيرة الثقافة، مليكة بن دودة، في بيان تعزية لأسرة الفقيد والأسرة الثقافية والأدبية، إنها تلقت بكثير من الحزن نبأ انتقال الأديب والمثقف عياش يحياوي إلى جوار ربه، بعد عارض صحي في الإمارات. وأكدت الوزيرة أنه برحيل عياش يفقد الوسط الثقافي الجزائري والعربي إحدى القامات الأدبية والفكرية، التي كتبت عن التراث وعن العلاقات الإنسانية، التي أهدت الثورة الجزائرية شعرا مميزا . وأشارت الوزيرة إلى أن صاحب رائعة "أنا الوطن وأنا الذات.." كان أيضا كبير الباحثين في "دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي" منذ 2007، ومحاضرا في "أكاديمية الشعر". ورثاه الشاعر الزجال رشيد بلمومن في مجموعة من الأبيات قائلا: كلما يموت شاعر، يكبر الشوك ع الڨمح. يخشان كف لرض، حتّى تولّي الطرُڨ ما تعڨبش الحفيانيين/ ربّي يرحمك عياش يحياوي.". وبدوره، الروائي عبد الرزاق بوكبة، بعد تعزيته عائلة الفقيد، قرر على لسان أسرة المقهى الثقافي أن يطلق اسم الشاعر عياش يحياوي على خامس مكتبة تطلقها في مقهى. وقال: "لقد كان الفقيد المرحوم بإذن الله صاحب روحٍ مبادِرة. أطلق جائزة لقبش في الشعر، ومشروع متحف في مسقط رأسه من ماله الخاص.". الشاعر لخضر فلوس كتب على صفحته بالفيسبوك عن الراحل: "رحل الشاعر عياش يحياوي في الغربة وهو الذي كان يحلم بالعودة محملا بعدة مشاريع في مدينته". وأضاف فلوس: "لكن مشيئة الله كانت أسرع، كم تمنيت أن يكون خبر وفاته إشاعة ولكن لا يمنع حذر من قدر، تغمده الله برحمته الواسعة". وزير الثقافة الأسبق عز الدين ميهوبي، كتب على التويتر معزيا الراحل وأسرته: أعزّي نفسي في رحيلك، أخي عيّاش، وأعزّي والدتك وإخوتك، وكل الأهل والأقارب وأصدقاءك في كل مكان، راجيا من المولى عزّ وجل أن يشملك بشآبيب رحمته ومغفرته، وأن يظل اسمك نموذجًا للمثقف الوطني الأصيل، وأن تستفيد المكتبة العربية من آثارك في الأدب والتراث والرحلة. وأكدّ الروائي حاج صديق الزيواني أنّه "بوفاة الشاعر عياش يحياوي، المشهد الثقافي الجزائري يفقد وجها من صانعيه". المدرسة القرآنية مشروع عياش بعين الخضراء صفحة عين الخضراء بالمسيلة نعت ابن الحضنة بكلمات مؤثرة ورد فيها: "إنا لله وإنا إليه راجعون وأعظم الله أجرنا وأحسن عزاءنا في مصابنا الجلل، رحمك الله العزيز عياش.. يحياوي، تمنينا لو أمهلك القدر عدة أيام حتى تقص شريط المدرسة القرآنية التي كنت تحلم بأن تتركها حسنة جارية يحفظ فيها أبناء عين الخضراء القرآن الكريم، ولكن كما جاء في الحديث القدسي: "عبدي إنك تريد وأنا أريد ولا يكون إلا ما أريد"، إلى جنات الخلد عياش، رحمك الله.. دعواتكم بالرحمة والمغفرة". من جهته، الكاتب رابح خدوسي، تذكر أياما قضاها مع عياش وقال: "الصديق الأديب الباحث عياش يحياوي يفارق الحياة في أبو ظبي… حيث استقبلني وأكرمني وجال بي المدينة.. وحدثني عن مشروعه إقامة متحف ثقافي بالمسيلة وسارية للراية الوطنية ارتفاعها 62 مترا… ومدرسة قرآنية، رحمك الله صديقي عياش… إنا لله وإنا إليه راجعون.". ولم يخف الروائي عبد الوهاب منصور حزنه بوفاة يحياوي وكتب: "حزين لموت الشاعر عياش يحياوي.. رفقة جميلة عشتها معه في وهران.. اللهم ارحمه واغفر له واجعل مثواه الجنة وارزق أهله وذويه الصبر والسلوان.. البقاء لله وحده.". الإعلامي بتلفزيون دبي، سلام الصغير، قال بحسرة عن رحيل صديقه الشاعر عياش يحياوي: "رحم الله عياش، كان صديقا لي، كان يحدثني مؤخرا عن ترتيبات بنائه مدرسة قرآنية في مسقط رأسه بعين الخضراء، وكذلك متحف ومزرعة بها شويهات وعنيزات، رحل عياش صديق العصافير في غربته وترك خلفه كل شيء، أنا مفجوع وحزين جدا". عياش يحياوي تعرف أكثر عليه عياش يحياوي، المولود في عام 1957، يعدّ كبير الباحثين في "دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي" منذ 2007، ومحاضرا في "أكاديمية الشعر".. تقلد عدّة مناصب، حيث شغل منصب رئيس "مكتب الخليج"، وعمل محررا في صحيفة الخليج، ثم نائب رئيس القسم الثقافي، ثم رئيس القسم الثقافي، ومدير التحرير، وكان عضواً في لجنة تحكيم "رابطة أديبات الإمارات"، و"مهرجان الشعر العماني"، و"جائزة لطيفة بنت محمد لإبداعات الطفولة"، والعديد من المسابقات الأدبية التابعة ل"وزارة الثقافة والإعلام". من مؤلفاته الشعرية: ديوان "تأمل في وجه الثورة" عام 1982، وديوان "عاشق الأرض والسنبلة" عام 1986، وديوان "ما يراه القلب الحافي في زمن الأحذية" عام 2000، و"قمر الشاي" عام 2008، و"جزر الإماراتالمحتلة"، كما ألف عدة كتب أدبية، منها "ابن ظاهر شاعر القلق والماء" عام 2004، و"العلامة والتحولات" عام 2006 ، و"أول منزل دراسة وحوارات حول 50 مثقف من الإمارات" عام 2007، و"لقبش"، و"السهم الأبكم مثقفون انتبهوا لعبوره وكتبوا" عام 2010. نال عدة جوائز، منها "جائزة العويس للإبداع" لعام 2015، و"جائزة لقبش للإبداع الشعري"، و"جائزة أحسن كتاب حول الإمارات" من مسابقة "معرض الشارقة الدولي للكتاب" لأعوام 2004 و2006 و2007. رثى مديرها الراحل علي فضيل وغادرها منتصف التسعينيات عياش يحياوي أحد أبرز أقلام "الشروق" عياش يحياوي، الذي كتب له أن يتوفى في الغربة بعيدا عن وطنه الأم، صار باحثا كبيرا في الأدب والتراث، واشتغل في الصحافة بالإمارات العربية المتحدة في مناصب متعددة، لكن قبلها مرّ على مؤسسة "الشروق"، حيث اشتغل في أسبوعية "الشروق العربي" وكتب اسمه بأحرف من ذهب فيهما. كان ل"الشروق" ومؤسسيها محبة خاصة عند الراحل عياش يحياوي صاحب "عاشق الأرض والسنبلة" و"لقبش" ومؤلفات أخرى أثرت المكتبة الجزائرية والعربية. في شهر أكتوبر الماضي عندما فقدت الساحة الإعلامية أحد قاماتها، الراحل علي فضيل، المدير العام لمجمع "الشروق"، لم يتوان عياش ولم يتأخر في تقديم واجب العزاء، فكتب رثاء وهو في ديار الغربة، معزيا فقيد الإعلام علي فضيل وعائلته قائلا: "التعازي الصادقة لآل فضيل.. رحمك الله يا علي، علي الإنسان الكريم البشوش، لقد نزل عليّ الخبر مثل الصاعقة على الرغم من كوني لم أر المدير العام ل"الشروق" منذ غادرتها في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، لكنّ جانبا إنسانيا جميلا يتصف به علي فضيل لا يزال عميقا في ذاكرتي". وقال عياش: "حينما سمعت بأنّه أصيب بوعكة صحية خلال زيارته إلى فرنسا، توقعت أنّها وعكة عابرة، لكنها كانت النهاية الحزينة". وأضاف: "في هذه اللحظات الخاصة جدّا، أشد على يد رشيد فضيل وياسين فضيل وأوجه لهما تعازيّ الصادقة، وأنا متأكد من كونهما قادرين على الصمود ومواصلة الطريق للحفاظ على المؤسسة الإعلامية الكبيرة التي بناها المرحوم". وختم منشوره بقوله: "لا أكاد أصدق أنّ علي مات، لكنّه فعلا مات، وكلنّا ميتون، شريط طويل يعبر الآن ذاكرتي.. رحمك الله يا علي". وفي السياق، كتب الإعلامي، رئيس تحرير مجلة الشروق العربي، حسان زهار عن رحيل عياش يحياوي قائلا على صفحته الرسمية بالفيسبوك: "الفاجعة الأولى كانت بالمدير العام ل"الشروق"، الأستاذ علي فضيل، ثم التحق الدكتور الشيخ عشراتي كاتب ركن "حجرة في السباط" الشهير". وتابع زهار قوله: "وهاهو اليوم يودعنا الإعلامي البارز والشاعر المبدع والباحث الكبير عياش يحياوي". كما ذكر زهار في خبر مقال قصير نشره على موقع "زاد دي زاد" أنّه في أقل من ثلاثة أشهر فقدنا وفقدت الجزائر كلها ثلاث قامات من قامات الإعلام والإبداع". معتبرا في معرض حديثه أنّ "المفارقة كون الثلاثة اشتغلوا في "الشروق"، وكانوا في مرحلة من مراحلها أبرز أقلامها وأعمدتها". مشاريع خيرية أطلقها عياش يحياوي بماله الخاص.. من سيكملها؟ تدشين دار تحفيظ القرآن شهر مارس.. وضخ مئات الملايين من راتبه لبناء المتحف كان الراحل عياش يحياوي قد كشف في شهر نوفمبر الماضي، عن مشاريعه الخيرية وذلك في رده على تساؤل طرحه أحد المواطنين من مدينة عين الخضراء بالمسيلة. وقال يحياوي: "بدأت منذ أسبوعين في بناء دارين لتحفيظ القرآن الكريم بمالي الخاص وعلى أرضي، واحدة للأولاد والثانية للبنات، وسيكون هذا وقفا وهدية لأهلنا في عين الخضراء على مساحة إجمالية 23م /12م. من المنتظر أن ينتهي البناء خلال الربيع القادم، أمّا في ما يخص المتحف، فقد تم تحديد مساحة البناء وتم بناء سور للمتحف بمبلغ 250 مليون سنتيم، ولأنّ المتحف ذو طابع ولائي، فإنّ القانون يتطلب إنشاء جمعية ثقافية تكون هي المسؤولة عن المتحف خلال البناء وخلال التسيير، وقد وافقت على ذلك فورا، والمبلغ المالي موجود ومرصود للشروع في البناء، غير أنني لم أصرّح أبدا بأنني سأبني المتحف من مالي الخاص لا للصحافة ولا في صفحتي بالفيسبوك، بل قلت سأشارك من راتبي الشهري في البناء وأعتمد على التبرعات وهي كثيرة من جهات داخل الولاية وخارجها، لكنني مستعد للمساهمة بدفع مئات الملايين لبناء المتحف الذي سيكون لفائدة عين الخضراء وولاية المسيلة ولا علاقة له بي شخصيا… في مارس القادم، سأكون في عين الخضراء لافتتاح دار تحفيظ القرآن الكريم والتحاور مع الجهات المسؤولة في الولاية ومع الشباب المهتم لإنشاء الجمعية التي تأخر إنشاؤها بسبب وجودي المتواصل خارج الوطن، وأنتظر من شباب عين الخضراء التفاعل المطلوب لإنجاح مشروعي دار تحفيظ القرآن والمتحف، وهذا أقلّ ما يمكنني تقديمه ميدانيا لأهلنا في عين الخضراء".