تعيش ولاية قالمة، هذه الأيام ومنذ ليلة الأربعاء الماضي، مأساة حقيقية، مصحوبة بحالة من القلق والترقب، بعد انتشار أخبار مفادها العثور على جثث ثلاثة أشخاص من بين الحراقة المفقودين في البحر منذ فجر الأحد ما قبل الماضي في السواحل التونسية. وبمجرد نشر صوّر الجثث التي لفظتها أمواج البحر بمنطقتي سجنان وبنزرت بتونس، حتى سارعت عائلات الحراقة 14 المنحدرين من مدينة قالمة، بالسفر إلى تونس، قصد التعرف على جثث أبنائها، فيما خيّمت أجواء الحزن والأسى على كل سكان المدينة الذين قضى بعضهم ليلة بيضاء، في الحديث عن هذه المأساة، بينما سارع آخرون إلى إطلاق مبادرات للتضامن مع الأهالي وتقديم لهم ما يمكن من مساعدات، حيث انطلقت مجموعة من الشباب من بينهم غطاسين صبيحة الخميس الماضي من قالمة باتجاه تونس، في محاولة منهم لمساعدة عائلات الحراقة في عملية البحث المضنية عن فلذات أكبادها. في وقت تعالت فيه أصوات المواطنين لمناشدة رئيس الجمهورية ووزير الشؤون الخارجية وكذا والي ولاية قالمة، للتدخل بغرض التنسيق مع السلطات التونسية قصد تكثيف عمليات البحث عن أبناء الولاية المفقودين في المياه الإقليمية التونسية، وتسهيل إجراءات نقل جثث الأشخاص الذين تعرفت عليهم عائلاتهم، فيما بقي الأمل قائما في العثور عن أحياء من بين المفقودين. كما سخرّت جمعية واستبقوا الخيرات ببلدية عين مخلوف سيارة إسعاف لنقل الجثث التي أكملت العائلات إجراءات نقلها إلى ولاية قالمة. وقد كان الشباب الحراقة البالغ عددهم 14 شابا تتراوح أعمارهم بين 21 سنة و30 سنة، ينحدرون من مختلف أحياء مدينة قالمة، بالإضافة إلى أرلعة أشخاص آخرين ينحدرون من بلدية شطيبي بعنابة، قد انطلقوا فجر الأحد المصادف لتاريخ 16 فيفري، ضمن فوج حراقة يضم 18 شخصا، من شاطئ الخليج الغربي ببلدية شطيبي بعنابة، باتجاه السواحل الإيطالية، لتنقطع بعدها أخبارهم نهائيا، ما دفع بعائلاتهم والمتضامنين معها إلى شنّ حملات بحث مضنية، بالاتصال بمختلف الجهات ومناشدتها للتدخل ومساعدتها في البحث عن أبنائها المفقودين في عرض البحر. وتجمعت العائلات قبل أيام بوسط المدينة ووجهت نداء استغاثة تلتمس فيه من الرئيس عبد المجيد تبون وكل السلطات المحلية والمركزية للتدخل ومساعدتها لمعرفة مصير أبنائها، الذين دفعتهم ظروفهم الاجتماعية إلى المجازفة بحياتهم ومحاولة العبور نحو الضفّة الأخرى، في وقت بقيت عائلاتهم بقالمة وعائلات الحراقة الأربعة المنحدرين من بلدية شطايبي بعنابة والتي تعيش أيضا نفس المأساة، تتمسك ببصيص أمل وتكتوي بنار انتظار أخبارهم، قبل أن ينزل عليها خبر العثور على جثث ثلاثة منهم لفظتهم أمواج البحر الأربعاء الماضي بشواطئ بنزرت التونسية.