قالت لجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، بأن "المحاكمة العسكرية، في العام 1992 لعباسي مدني، الرجل الأول في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، غير شرعية"، وقد طالبت نفس اللجنة السلطات الجزائرية "بدفع التعويض اللازم للجهة المتضررة". هذه الخرجة الغريبة والغامضة، إعتبرها فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الوطنية الإستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، بالخرجة السياسية غير البريئة، وشكلا من أشكال التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر. متسائلا عن حقيقة وخلفيات محاولة اللجنة "إحياء قضية عندها 15 سنة؟"، مؤكدا بأن "عباسي مدني شخصيا لم يطلب تعويضا ولا يبحث عنه". فاروق قسنطيني، أكد في إتصال أمس مع "الشروق اليومي"، أن مطالبة لجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، يندرج في سياق "التخلاط" والتشويش الذي تشنه من الحين إلى الآخر بعض الأطراف الأجنبية والمنظمات الحقوقية غير الحكومية من شاكلة منظمة العفو الدولية(أمنيستي) المعروفة بتقاريرها السوداوية عن تطور الوضع في الجزائر. ونقلت "الجزيرة" عبر موقعها على شبكة الأنترنيت، بأن "إقرار" اللجنة الأممية جاء بعد النظر في "الشكوى" المقدمة من طرف نجل عباسي مدني، نيابة عن والده، في العام عام 2003، وقد منح الحكم الذي صدر في 28 مارس الماضي، وتم الإعلان عنه أول أمس الجمعة، الحكومة الجزائرية "مهلة 90 يوماً للرد على فحوى القرار". وقال فاروق قسنطيني، في تعليقه ورده على "قرار" لجنة حقوق الإنسان الأممية، بأن "موقف الجزائر واضح ومعروف، هو الرفض والتكذيب"، وأشار رئيس اللجنة الإستشارية التابعة لمصالح رئاسة الجمهورية، بأن هذا التحرك "معزول" من قبل "أعداء" يقفون ضد مسعى السلم والإستقرار في الجزائر، مشيرا إلى أن هذه الخرجة الإستعراضية الجديدة، "هجوم ضد المصالحة"، وتأتي موازاة مع إستفادة العديد من المتورطين في المأساة الوطنية من تدابير السلم والمصالحة الوطنية، كما جاءت في وقت تحاول فيه التنظيمات الإرهابية إعادة الرعب إلى ذاكرة الجزائريين من خلال تنفيذ إعتداءات مسلحة. ويشار إلى أن لجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، المؤلفة من 18 "خبيرا قانونيا"، أشارت في حيثيات قرارها، حسب ما أورده "راديو سوا" الأمريكي، إلى أن "الحكم الصادر بحق عباسي مدني من قبل المحكمة العسكرية ينتهك البند 14 من الإتفاقية الدولية للحقوق السياسية والمدنية"(..)، وهو الإدعاء الذي إعتبره المحامي فاروق قسنطيني باطلا ولا أساس له من الصحة، حيث أكد أن المحاكمة التي تمت "غيابيا" بسبب إنسحاب عباسي وزميله بلحاج، أنذاك، كانت "من إختصاص المحكمة العسكرية طبقا للقوانين الجزائرية"، مضيفا في ذات السياق، "وقد تمت المحاكمة بطريقة قانونية بالإستناد إلى ملف ومعطيات". وذكر تقرير اللجنة الاممية، بأن الجزائر "فشلت في تبرير اللجوء للقضاء العسكري، الذي يتعارض مع النظام القضائي المدني، من أجل محاكمة مدني"(..)، كما إعتبرت الفترة التي قضاها عباسي مدني قيد الإقامة الجبرية "بمثابة حرمان تعسفي من الحرية بما في ذلك منعه من الحصول على الإستشارة القانونية اللازمة خلال تلك الفترة". ومعلوم أن المحكمة العسكرية بالبليدة، أصدرت في العام 1992، حكما بالسجن على عباسي مدني ب 12 سنة، بعدة تهم، أهمها تهديد أمن الدولة، ولم يكمل عباسي سجنه، حيث أطلق سراحه في سنة 1997، ووضع تحت الإقامة الجبرية إلى غاية جويلية 2003، مع إلزامه بمجموعة من الممنوعات، خاصة في المجال الإعلامي والسياسي، قبل أن يغادر بعدها الجزائر إلى قطر التي يقيم فيها حتى الآن. جمال لعلامي: [email protected]