فاتح صياد، رب عائلة من خمسة أفراد، في الخامسة والأربعين من العمر ينحدر من مدينة خنشلة، كان همّه أن يفتتح مطعما يقدم فيه أطباق منطقة الشاوية والجهة الشرقية عموما، ولكن لأسباب مالية وأيضا بسبب نقص المحلات المتواجدة في مكان مناسب، لجأ إلى تحويل سيارته النفعية إلى مطعم، وبعد أن سارت الأمور بالشكل الجيد، لم يستطع التفريط في المكان الذي جلب له الزبائن من كل مكان. يمتهن فاتح الطبخ التقليدي، من البوزلوف، والكرعين الممزوج بالفول والمطلوع الدزيري، الذي يعجنه ويطهوه بلمسته السحرية، على قارعة الطريق، بالمدخل الغربي لمدينة خنشلة، يقصده المسافرون وأهل المدينة، ومن كل ولايات، حتى صار منافسا لأفخم المطاعم، بمجرد أن يركن فاتح سيارته النفعية، عند مفترق الطرق، وتبدأ روائح أطباقه الشهية تصنع الحدث. يقول فاتح ل "الشروق"، بأنه يتعاون رفقة زوجته، بداية من الساعة الخامسة صباحا من كل يوم، لتحضير الأطباق التقليدية ذات المذاق المميز الذي سحر كلّ من تذوقها، حيث يعتمد فاتح وزوجته على المواد الطبيعية، حتى المياه يجلبها من المنبع الطبيعي الجبلي عين السيلان. وبعد تحضيرها وطهيها، تشرع الزوجة وفاتح، وحتى الأبناء، في نقل كل الأطباق ولوازمها من عتاد، وأجهزة ومواد نظافة إلى السيارة، باتجاه المقر الرسمي الدائم المفتوح على الهواء الطلق. ويلخص فاتح أمنياته في تحسين وضعه الاجتماعي من خلال الحصول مسكن يأويه مع عائلته ووالده المريض، والتخلص من الكراء الذي بعثر مشاريعه المهنية ومع ذلك تبقى متعة حياته، هناك بمفترق الطرق، عندما يحضر فاتح الطاولات لاستقبال زبائنه، بعد أن يحط رحاله بأطباقه في الهواء الطلق، وبين الحين والآخر يصل زبون ويطلب ما يريد، فهناك من يأكل في عين المكان، وآخرون يقتنون الفول لإكمال مسارهم، وسط إجماع على أن الأطباق تحكي صورة المنطقة الثرية بتراثها.