استمعت محكمة الجنايات الابتدائية بالدار البيضاء، الأربعاء، إلى اعترافات إرهابيين استفادوا من قانون المصالحة الوطنية سابقا ثم عادوا لمعاقل الإرهاب في جبال الثنية ودلس وخميس الخشنة بولاية بومرداس، في الفترة الممتدة بين 1997 و2005 وإلى غاية 2016، ارتكبوا خلالها جرائم تقتيل وترويع وتهديد وابتزاز في حق المواطنين العزل وكذا نصب كمائن لوضع الألغام والمتفجرات لقوات الشرطة، وأقروا أثناء محاكمتهم بأن ضربات قوات الجيش أضعفت قوتهم وألحقت هزائم وخسائر فادحة في صفوفهم خلال السنوات الأخيرة. وكشف المتهمون البالغ عددهم 19 إرهابيا نشطوا ضمن عدة سرايا بكتائب "الأنصار" و"المهاجرين" و"أبو بكر الصديق"، خلال جلسة محاكمتهم دامت لساعات من نهار الأربعاء، عن أبرز أدوارهم والمهام الموكلة لهم من طرف قادتهم، وعن أسباب وظروف التحاقهم بالجبال، جعلتهم متابعين بتهم ثقيلة أمام القضاء تخص جناية الانخراط ضمن جماعة إرهابية مسلحة تنشط داخل الوطن وحيازة أسلحة وذخيرة ومواد متفجرة دون رخصة من السلطات وجنح طمس آثار الجريمة، حيازة مواد متفجرة وجنحة عدم الإبلاغ عن جناية، وكذا إدانتهم بعقوبات تراوحت بين عشر سنوات سجنا والمؤبد أمام مجلس قضاء بومرداس عن وقائع مشابهة. وحسب الملف، فقد تمكنت مصالح الأمن المختصة في مكافحة الإرهاب من توقيف شخص مشبوه إطار عملية التحري حول هوية الأشخاص المبحوث عنهم والمتورطين في قضايا إرهابية، وتعلق الأمر بالمدعو "ح،علي" والملقب ب"جبيل"، إرهابي فار توجه نحو مدينة وهران بعد انفصاله عن الجماعات التي كان ينشط بها بجبال الثنية، وأخذ معه كمية من العتاد والأسلحة والألغام وكذا بعض الأدوية الخاصة بالجروح، واستعمل اسما مستعارا ليستقر بالمدينة وتزوج هناك دون علم زوجته باسمه وهويته الحقيقية، ودون توثيق زواجه أو أبنائه في سجلات الحالة المدنية، وذلك باعتراف زوجته ووالدته، الأخيرة صرحت بأنها تولت عملية ولادة أبنائه الثلاثة بالمنزل حتى لا ينكشف أمره، واستغلالا لأرقام هواتف عائلة المتهم التي رفضت الإفصاح عن مكان تواجده تم تحديد موقعه وتوقيفه سنة 2016، أين اعترف خلال التحقيق بمكان ردم الذخيرة والأسلحة التي عثر عليها لاحقا من طرف الفرقة المختصة في البحث عن المواد المتفجرة، وهو ما تراجع عنه المتهم بالجلسة، غير أنه لم ينكر رغبته في الصعود إلى الجبال ومشاركته في أعمال إرهابية، بعد فراره بسبب متابعته من قبل محكمة عبان رمضان بجريمة قتل شرطي، إلى غاية تسليم نفسه واستفادته من المصالحة الوطنية ليفاجأ بالقبض عليه من جديد ومحاكمته على الوقائع ذاتها. وفي إطار التحري الذي باشرته الأجهزة الأمنية حول المتهم، توصلت إلى هوية عناصر إرهابية أخرى كانت رفقته قاموا بأعمال إجرامية مشتركة، فيما سلم آخرون أنفسهم لمصالح الأمن ليحالوا على المحاكمة عن التهم السالف ذكرها. ولدى مثولهم للرد على أسئلة القاضي حول ما تضمنه الملف ودور كل واحد منهم ضمن الجماعات الإرهابية، صرح المدعو "م،ب" أنه التحق بالجبال سنة 2005، بحثا عن فرصة للهجرة نحو أوربا ولم يكن لغرض القتال، غير أن المحكمة واجهته باعترافات سابقة حول تورطه في عمليات لقتل عناصر الشرطة وترصدهم لوضع قنابل وألغام بالمسالك والطرقات، إلى جانب قيامه بتجنيد عدد من الشباب الراغبين في الانضمام إلى صفوفهم. من جهته، اعترف المدعو"ع، ف" الملقب ب"العزيمة" خلال الجلسة أمس بأنه نشط لصالح الجماعات الإرهابية، برتبة "جندي"، حيث يتولى كل أمير قيادة عشرة جنود وتشكيل سرية خاصة به، مضيفا أنه لقب بالعزيمة لتمتعه بقوة وإصرار كبيرين خلال تنفيذ المهام الموكلة له، وأقر المتهم بأنه انخرط ضمن كتيبة "المهاجرين" بعد خروجه من السجن، وتسلم لدى وصوله سلاحا خاصا من نوع "كلاشينكوف"، كان يستخدمه في ترويع المواطنين ورجال الأعمال من خلال التوجه إلى مقرات عملهم لابتزازهم والحصول على الأموال لتمويل الإرهابيين وطلب الفدية. فيما صرح المدعو "موسى،ك" الملقب ب"حذيفة الجن" بأنه التحق بتنظيم ما يسمى القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مرغما ومجبرا من قبل الجماعات الإرهابية، وتعرض للضرب والتعذيب قبل التحاقه بمعاقل القتال في خميس الخشنة منذ 1996، إذ كان عمره آنذاك 17 سنة ، وعن دوره في المجموعة، أكد أنها اقتصرت في البداية على إطعام الإرهابيين وتوجيههم بالمسالك والطرقات وتقصي الأخبار، إلى جانب ذلك اعترف المتهم بأن قوات الجيش وجهت ضربات قوية للإرهابيين في الجبال لامتلاكها عتادا حربيّا ثقيلا لم تقدر أسلحتهم على مواجهتها، الأمر الذي أضعف تماسكهم وخلف منهم معطوبين وجرحى وتسجيل أعداد كبيرة من الوفيات على حد قوله. س.ع