تميزت جلسة اليوم التاسع من المحاكمة في قضية "طحكوت"، بمحاولة هيئة دفاع المتهمين قلب الموازين، لصالح موكليهم، حيث قدمت كل ما لديها من الوثائق والقرائن التي تثبت أن هؤلاء طبقوا القانون بحذافيره، في حين قالت هيئة الدفاع عن الوزير الأول السابق أحمد أويحيى إن "أويحيى ضحي بنفسه وفضل السجن حرصا على الاستقرار"، فيما أكدت هيئة الدفاع عن عبد المالك سلال أن موكلها "خدام الدولة" ورغم ذلك فقد تعرض لحملة تشويه شرسة رغم أنه من عائلة ثورية. دفاع أويحيى: موكلنا ضحى بنفسه وبعائلته من أجل الجزائر قال الأستاذ بن كروادة "شئنا أم أبينا، موكلنا مازال متميزا بهيبته، فالله يهب الهيبة لمن يشاء وينزعها ممن يشاء"، وأوضح أن طحكوت عندما تحصل على المقرر والامتياز، فإن أويحيى لم يكن على رأس الوزارة الأولى، وأنه من المستحيلات السبع أن تكون لأويحيى حسب وظيفته فرصة لتبديد المال العام، نظرا لأن هناك الآمرين بالصرف والمحاسبة العمومية والتحقق من خلالها يعد أمرا بالصرف.. فلا يمكن ولا يستساغ وليس من المعقول بأن يتولى موكلي الأموال العمومية وصرفها على هواه، لأنه ليس له علاقة بها". وتابع المحامي "سيدي الرئيس، سبق أن قلناها أمام قاضي المحكمة الابتدائية ونرددها اليوم أمامكم بأن أويحيى لا علاقة له بأي متعامل كان وحتى طحكوت، سيدي الرئيس، كيف يعقل من منحنا لهم أصبحوا اليوم متهمين ومن لم نمنح لهم تحولوا إلى ضحايا؟.. كما أسهب الأستاذ بن كروادة أنه وفقا للدستور وصلاحيات الوزير الأول، ليس من صلاحياته إمضاء الصفات العمومية وطالب في الأخير بتبرئته من كل التهم المنسوبة إليه". ومن جهته، استهل المحامي محمد فطناسي مرافعته في حق أحمد أويحيى قائلا: "سيدي الرئيس، لا يختلف اثنان عندما نؤكد مما يستشف من الملف الضخم المطروح على هيئتكم بأن موكلي يحال على هذه المحكمة للمرة الثانية على التوالي لنفس الوقائع والتهم والأوصاف القانونية"، وأضاف "والغريب في الأمر أن أمر الإحالة لم يتوان عن استعراض الوقائع والإشارة إلى نفس المستندات ". ورافعت هيئة الدفاع عن الوزير الأول السابق عبد المالك سلال، لبراءة موكلها الذي وصفته برجل الدولة الذي مثل الجزائر بامتياز في غياب الرئيس، ليجد نفسه بين سندان التحقيقات والمحاكمات، ويؤدي الصفا والمروة بين المستشار المحقق وقاضي الحكم، مع تشويه سمعته عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالرغم من أنه من عائلة ثورية. وقال الأستاذة مراد خاذر إنه "فرض علينا "نقاش مزيف"، على أساس أنه يراد منا مناقشة وقائع ليس لها طابع جزائي لتصرفات الوزير الأول، في حين كان من المفروض التحقق من طبيعة المهام لهذا الأخير بأنها ذات طابعا سيادي في إطار سياسي، الكل من أجل تمثيل برنامج رئيس الجمهورية، وهذا النقاش تم فرضه على القضاء بأكمله". وتابع المحامي خاذر "السيد سلال هو رجل دولة وليس رجل نظام وأنه عمل طيلة حياته مؤمنا بقوانين الجمهورية ومنفذا لبرامج تم الموافقة عليها من مرشحي الشعب في غرفتيه، كما أنه بعد مرور سنة من فتح التحقيق اتضح ومن دون جدال أن الملفات المطروحة على القضاء، بما فيها الملف الحالي، ما هي إلا محاولة لوقف النشاط وبرنامج الدولة وحكومتها في دخول الميدان الصناعي، لاسيما "تركيب السيارات"، والهدف منه هيمنة الجزائر في هذا المجال على الصعيد الإفريقي لكن لو أردنا فعلا أن نجد الجواب نرجع إلى ما صرح به في مسرح المجلس الموقر، لمعرفة مدى حقيقة من يخدم الجزائر ومن هو ضدها". وإنه من المهم جدا يضيف المحامي "أن تعرف العامة من الجزائريين أنه تم فعلا الوقوع في خطأ لا يخدم الجزائر، عند فتح مثل هذه الملفات لأن مصلحة الجزائر توجد في حلول أخرى ولا عيب السلطة أن تتراجع وتفر وتقر بأنها وقعت في خطأ". وفي الأخير يقول الأستاذ خاذر "عائلة سلال هي عائلة ثورية من 22 شهيدا ولا يحق لأي أحد أن يشوه صورتها اعتمادا على ما يتداول به في مواقع التواصل الاجتماعي، التي تعد في حقيقة الأمر، وسيلة تستعملها أطراف معادية للجزائر وأختتم بأن هذه الخزعبلات تهدم كيان دولة مثلها مثل السلاح في الحرب". وفي خرجة غير متوقعة لدفاع الوزير السابق للنقل والأشغال العمومية عبد الغني زعلان في محاكمة طحكوت طلب من النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر تقديم "الاعتذار الرسمي" من زعلان "بدل التماسه لعقوبة 10 سنوات ضده، وأكد أن موكله التزم بتطبيق الإجراءات القانونية، ولم يقم بتبديد المال العام، ومع هذا فهو اليوم يحاسب مرتين، الأولى تحت قبعة وال، والثانية كوزير، رغم أن قضية "كراء الحافلات" كان هدفها إطفاء نيران الاحتجاجات، وتوفير وسائل النقل للمواطنين. وقال المحامي "موكلي استفاد من البراءة في قضية الحال، وإننا اليوم أمام محكمة استئنافية، ودور المجلس هو مراقبة مدى سلامة الحكم ومدى تأسيسه، ومدى قيامه على أسباب معقولة، فموكلي يعاقب على أفعال إدارية بصفته واليا وكوزير.. ومن المفارقة أن تتم متابعته مرتين على أفعال ارتكبت خلال الفترة التي تولى فيها منصب والي وهران، وأيضا أن تتم متابعته كوال خلال الفترة التي كان فيها وزيرا.." وأضاف "لما كان والي وهران فإن المؤسسات الاقتصادية كانت تلجأ إلى خيار الإيجار، وكان زعلان يبرق أولا بأول التقارير والملفات إلى الوزارة الوصية، والتي بدورها كانت توافق… بينما لما كان زعلان وزيرا للنقل ووالتمس ////زوخ اللجوء إلى الكراء وكانت كل قراراته قانونية سواء وقت كان واليا أو وزيرا للنقل". وتابع المحامي "سيدي الرئيس تصريحات زعلان أمام المحكمة وافية وكافية، بل ودافع عن نفسه بشراسة واليوم نحن أمام محكمة استئنافية، كما أن موكلي أكد مرارا وتكرارا، بأن لا علاقة له بالصفقات ولا بالملحقات، وأن كل ما قام به كوال أو وزير، هو من صميم صلاحياته، كما أن الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية، استبعد محاضر الضبطية القضائية وجعلها على سبيل الاستدلال ونطق بالبراءة، حيث لم يثبت أن زعلان قد أخل في إبرام الصفقات العمومية، كما لم يثبت أنه لم يتحل بالنزاهة المطلوبة باعتباره إطار ساميا في الدولة". ومن جهة أخرى، استدل الدفاع في هذا الصدد ب17 وثيقة تتعلق بشقين، الأول بشركة "إيتو" في وهران، أما الثانية، فهي تتعلق بالمؤسسة الوطنية للنقل الحضري وشبه الحضري "إيتوزا" في العاصمة، وقال إن "عبد الغني زعلان بانتهاء الإجراءات التحضيرية لا علاقة له بعد ذلك بالصفقات… وكنا ننتظر من النيابة العامة الاعتذار لأن أمر الإحالة برأ ساحة موكلي إلا أنها التمست تسليط عقوبة السجن ل10 سنوات وعليه نلتمس تأييد الحكم المستأنف". دفاع مدير أملاك الدولة: موكلي منح "الخردة" لطحكوت وصف الأستاذ بوروشة، محامي الدفاع عن مدير أملاك الدولة للجزائر السابق بوعلاق صالح، القطعة الأرضية التي تحصل عليها محيي الدين طحكوت بباب الزوار والتي منحت له في إطار الاستثمار بمجرد "خردة"، وأن موكله توبع بسبب أمر الإحالة الذي لم يتضمن الدلائل والقرائن التي تثبت أنه خالف القوانين والتعليمات، رغم أن السلطة السلمية التابعة له تشكره وتحييه على ما أداه خدمة للجزائر. وقال المحامي "سيدي الرئيس قاضي الحكم للمحكمة الابتدائية لسيدي أمحمد بنى حكمه على النقاط التالية: وهي أن موكلي أصدر مذكرات لخفض الأتاوات على القطعة الأرضية الواقعة ببلدية باب الزوار، وهذا التخفيض سبب أضرارا جسيما لخزينة الدولة قدر ب14 مليار سنتيم، كما أن موكلي قام بتسيير الأتاوات في ظرف لا يتعدى شهرا، وأنه لم يكن هناك معاينة ميدانية للقطعة الأرضية، وأنا أقول لكم سيدي الرئيس إن موكلي بوعلاق صالح لا يصدر مذكرات لخفض الأتاوات، وعن كيفية حصول طحكوت على القطعة الأرضية، فإنني أقول لكم إنها حقيقة تحصل عليها بموجب محضر، رفقة 11 متعاملا أي أنه لم يتحصل عليها لوحده بل هو يحمل رقم 12". وكشف الأستاذ بوروشة بخصوص تحديد القيمة التجارية للقطعة الأرضية أن هذه الأخيرة تخضع لثلاثة معايير، الأول هو مادي ويقيم حسب شكل القطعة وتضاريسها، والعامل الثاني يتعلق بوضعية القطعة حسب المكان، وقال إن "القطعة التي استفاد منها طحكوت هي عبارة عن "خردة" وليس لها أي قيمة بالنسبة للمنطقة، لأنها تقع بمحاذاة السكة الحديدية وتقع في تضاريس منحدر يعني أن المستثمر سيصرف عليها أموالا كبيرة، كل هذه الأمور تقلل من القيمة الاقتصادية للقطعة، فنحن عندما نسمع بباب الزوار يهيأ لنا أنها موجودة في مركز الأعمال.. ولكن لا، سيدي الرئيس، فهي قطعة أرض مهجورة وغير قابلة للبناء، ووفقا للدراسات فقيمتها تمثل 50 بالمائة من القيمة الأصلية ومن أجل ذلك تم تقييم الأتاوات". وتابع "سيدي الرئيس، ورد في أمر الإحالة أن موكلي خفض الأتاوات بقيمة 70 بالمائة، لكن في الحقيقة أنه أضاف 20 بالمائة على سعرها المقدر ب50 بالمائة وهذا وفقا للقانون، ورغم ذلك فإن المستثمر طحكوت رفع تظلما أكد فيه أن القطعة الأرضية لا تستحق هذه المبالغ، ومديرية أملاك الدولة نفسها قدرت أنها لا تدخل ضمن قطع الأرض ذات الأهمية الكبرى، ووفقا لذلك، تم تحديد قيمة الأتاوات، كما أن الكلمة الأخيرة ترجع للوالي لا لبوعلاق صالح". مديرو الإقامات الجامعية: الحلقة الأضعف أصرت هيئة الدفاع عن مديري الإقامات الجامعية خلال مرافعتها أمام هيئة المجلس، على ضرورة إسقاط كل التهم الموجه لموكليهم، وأكدت أنهم في الملف الحال تم إقحامهم دون أن تكون لهم أي مسؤولية باعتبار أن صلاحياتهم محدودة وغير مخولين باتخاذ قرارات ليست من اختصاص هؤلاء. وفي السياق، طالب دفاع المتهمة عائشة عبد الرزاق مديرة الخدمات الجامعية جزائر غرب ببراءتها من التهم المنسوبة إليها، ومنها جنحة تلقي مزية وسوء استغلال الوظيفية، وبرر طلبها ل80 حافلة نقل إضافية في الصفقة الممنوحة لطحكوت، بسبب كثرة احتجاجات الطلبة على نقص حافلات النقل، موضحا أن موكلته قامت بتنفيذ تعليمات وتوجيهات المدير العام للديوان الوطني للخدمات الاجتماعية. وفي مرافعته لصالح نجل طحكوت، قال المحامي دينار "سيدي الرئيس للأسف ملف طحكوت بلال مبني على وقائع لا أساس لها من الصحة"، وقال "كنا ننتظر أن يصدر قاضي الدرجة الأولى حكما ببراءة موكلي، لكن للأسف وقعت في حقه عقوبة قاسية، واليوم وفي ملف الحال نحن نتمنى استحداث محكمة "الاستثمارات"، وهو ما قاله الوزير الأول السابق أحمد أويحيى عندما قال "أنا ماديتش الامتياز بل القانون هو لي داه..؟ وأضاف المحامي "تمنيت لو كان قاضي التحقيق قد أخذ ما جاء في تقارير الإنابات القضائية، والأخطر من ذلك هو أن قاضي الدرجة الأولى قام بتحرير حكمه على طريقة "نسخ ولصق"، مع أن بلال طحكوت "عمرو مادخل البلدية وما يعرف الوالي ولا الأمين العام ولا وزير، ويتم اتهامه دون سند قانوني كما أننا لم نفهم ماذا حدث، كيف يستفيد كل من الوالي الذي منح قطعة أرض، والوالي الذي ألغى قرار الاستفادة من انتفاء وجه الدعوى، ويتابع موكلي جزائيا.. فقط لأن اسمه بلال طحكوت.. فأين هو الامتياز. أما فيما يتعلق بالقطعة الأرضية التي تحصل عليها بلال طحكوت أوضح المحامي أنه وباعتراف من الوالي فهي مجرد "خردة" وصرف عليها أموالا طائلة لاستصلاحها.. قائلا "بلال مستثمر جزائري لم يمنحوا له متيجة، بل أراض ذات طابع صخري في البيض واللجنة ذاتها تقر بذلك.. ففي 2018 تمت معاينة القطعة الأرضية، وأعلموه بأن مشروعه لم ينطلق وأرسلوا إليه إعذارات... بالله عليكم، أرادوا الربط بين فسخ عقد المشروع الخاص بالمستثمرة الفلاحية والمتابعة الجزائية.. طحكوت بلال هو من قدم طلب الفسخ، وهذا بعد الدراسة التي قامت بها وبينت أن الأرض جد صعبة للاستصلاح الفلاحي.. فأين الخطأ الذي ارتكبه.. وهل بلال طحكوت هذا الشاب الذي لم يتجاوز 26 عاما هو من سيضغط على الوزير أو يؤثر على الوالي".. وتابع بلال خدام عند باباه "وليس مسيرا ولا شريكا، ويخلص 100 مليون سنتيم وعندو 300 مليون سنتيم في الحساب البنكي وليس له لا دار ولا دوار ولا فيلات ولا سيارة لا عقارات في الداخل والخارج". من جهته، رافع الأستاذ محمد ميدني المتأسس في حق بلال طحكوت وأكد لهيئة المجلس أن موكله متابع على أساس أنه شريك في "سيما موتورز"، مع أنه بعيد كل البعد عن هذه الفرضية ولكن عنده أسهم فقط.