كشفت جسلة اليوم الأول للمحاكمة الثانية للإخوة "كونيناف"عن "امبراطورية العائلة المقربة من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعن استفادتها من مئات المشاريع والصفقات في قطاعات الري والطاقة والمناجم والنقل واتصالات الجزائر تقدر بآلاف الملايير عن طريق "التراضي"، كما أزال القاضي الستار عن التنازل "عن مؤسسات الدولة" بالدينار الرمزي، فيما واجه النائب العام "آل كونيناف" بحجم القروض التي تحصلوا عليها وكذا العقارات التي لا تعد ولا تحصى ليشكلوا بذلك "العلبة السوداء" للنظام السابق، فيما حاول المتهم الرئيس في قضية الحال رضا كونيناف أن يتنصل من المسؤولية من خلال محاولته تبرير حصوله على كل تلك "الثروة الفاحشة" تارة وعدم تذكر التفاصيل للمشاريع والصفقات التي تحصل عليها تارة أخرى. وقد انطلقت الأٍربعاء بالغرفة الجزائية الأولى للقطب الجزائي المتخصص لدى مجلس قضاء الجزائر، المحاكمة الثانية للإخوة "كونيناف"، برئاسة القاضي عبد العزيز عياد، ومستشاريه، حيث يتابع في قضية الحال 16 متهما، فيما وجهت للإخوة رضا، كريم، عبد القادر، طارق كونيناف، تهم ثقيلة تتمثل في تبييض الأموال والعائدات الإجرامية الناتجة عن العائدات الإجرامية بغرض تمويه مصدرها غير المشروع واكتساب وحيازة ممتلكات وأموال ناتجة عن عائدات إجرامية، تحريض الموظفين العموميين على استغلال نفوذهم الفعلي والمفترض بهدف الحصول من الإدارات والسلطات العمومية على مزايا غير مستحقة، التمويل الخفي لحزب سياسي والاستفادة من سلطة وتأثير أعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والهيئات العمومية الخاضعة لصالحهم في نوعية المواد والخدمات وآجال التسليم والتموين، وهي الأفعال المنصوص والمعاقب عليها بالمواد 389 مكرر، 389 مكرر 2 من قانون العقوبات والمواد 26/2، 32/1، 39، 42 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته. الدفاع يركز على "التقادم" ويطلب ببطلان إجراءات المتابعة في حدود الساعة الثالثة من مساء الأربعاء وبعد التأجيل والفصل في القضايا المبرمجة في الغرفة السادسة، أعلن القاضي عياد عن مباشرة المحاكمة، وشرع في المناداة على أطراف القضية يتقدمهم المتهمون الموقوفون ويتعلق الأمر بكل من رضا كونيناف، نوا طارق كونيناف، عبد القادر كريم كونيناف وقدور بن طاهر و12 متهما آخر غير موقوف، لتقوم بعدها هيأة الدفاع بتقديم الدفوع الشكلية، حيث ركز مجملها على "التقادم" في الوقائع، مع التماس بطلان اجراءات التحقيق في قضية الحال باعتبار أنه لم يتم التفريق بين المتهم كشخص طبيعي وكشخص معنوي. كما أكد الدفاع أن قرار الإحالة جاء مخالفا للقوانين، وطالب ببطلان اجراءات التحقيق في حق الشركات المتابعة كشخص معنوي والتي لم يتم سماعها خلال مراحل التحقيق ووجدت نفسها متهمة أمام محكمة سيدي أمحمد، كما حاول المحامون المتأسسون في حق المتهم بن طاهر قدور مسير شركات الاخوة "كونيناف" اللعب على حيلة التقادم باعتبار أن الوقائع مرت عليها أكثر من ثلاث سنوات، وبالتالي فإنها تسقط بقوة القانون. كما ذكرت هيأة الدفاع بتاريخ إبرام الصفقات الذي يعود إلى سنتي 2013 و2014 وهو ما يبرر حسبها وجود تقادم في الملف، وأفادت أن التهم الموجهة للإخوة كونيناف وحتى الشركات المعنوية هي نفسها نسخة طبق الأصل دون وضع اعتبار لشخصية ارتكاب الجريمة والعقوبة، ليطالب المحامون ببطلان إجراءات المتابعة وأمر الإحالة الصادر في القضية. ومن جهته، طالب المحامي شامة سماعين استدعاء الممثلين القانونيين الذين تم تعيينهم يوم 13 جويلية من قبل قاضي التحقيق لدى محكمة سيدي أمحمد ثم بعدها وبتاريخ 23 جويلية تم توجيه الاتهام للشركات المعنوية… وقال المحامي إن قاضي التحقيق لم يوجه أي اتهام للممثلين القانونيين ولم يتم سماعهم، وتساءل كيف أن شركات تتابع من دون وجه حق وهو ما تسبب في متابعة شركات ومؤسسات عالمية لا علاقة لها بالوقائع مع تجميد نشاطها وخلق مشاكل أدت إلى تعطيل مشاريعها الاقتصادية، مؤكدا أن المحاكمة العادلة تتطلب تطبيق القانون ولكل ذي حق حق سواء شخص طبيعي أو معنوي . وفي هذا الأثناء، يتدخل النائب العام ليرد على هيئة الدفاع قائلا "كل الدفوع تم تقديمها من قبل، أمام المحكمة الابتدائية وتم الرد عليها في الحكم المستأنف ومن أجل ذلك فالنيابة العامة تؤيد رد المحكمة وترفضها"، لتنسحب هيأة المجلس للمداولة. صفقات ومشاريع وقروض بالملايير وبعد المداولة قررت هيأة المجلس ضم الدفوع الشكلية للموضوع، ليقوم القاضي باستدعاء المتهم الرئيس في قضية الحال كونيناف رضا للمنصة. القاضي: أنت تعرف التهم المتابعة بها؟ رضا: نعم، سيدي الرئيس وإذا سمحتلي سأبرر لك نقطة بنقطة . القاضي: لكن لا تطل في الكلام.. اختصر. رضا: اسمحلي نتكلم الفرنسية.. في الحكم الصادر عن قاضي محكمة سيدي أمحمد وكذا الأمر بالإحالة في قضية الحال، تمت متابعتي كمسير ومساهم.. لكنني سيدي الرئيس أنا لست مسيرا وكنت مساهما في 6 شركات من مجموع 46 المعنية في الملف لأجد نفسي متابعا بتهم ثقيلة مع أن 99 بالمائة من المسيرين هم في إفراج وحتى مديري المشروع.. زد على ذلك فأنا في 2006 و2008 كنت مسيرا في كوغرال ولم امض أي وثيقة ومع هذا تابعوني بأفعال تعود إلى سنة 2007. وأضاف "في 2006 اشترينا في إطار الخوصصة شركة "كوغرال" لإنتاج الزيوت بالجزائر العاصمة ووهران، وفي جانفي 2007 تم حجز كل شيء من قبل مجلس المساهمات، وقد أمضيت عقد التجديد.. وهذا ما أمضيت يتابعوني بسببه، كما أمضيت ملفا آخر في 2009، يتعلق بملحق نشاط في الميناء لصالح الشركة من أجل الاستثمار في نشاط آخر، ويلومونني في الأخير بسبب مشروع، فنحن كنا نحتاج إلى مساحة في الميناء واللجنة التقنية هي من تتابع مراحل منح الامتياز المينائي". وتابع رضا قائلا "اشترينا شركة كوغرال ب420 مليار سنتيم عن طريق مناقصة وطنية … وفي الحكم تمت متابعتي على أساس لماذا طلبنا 4 هكتار ليتم إدانتي بسببها ب16 سنة حبسا، بالرغم من أننا نريد أن ننجز مشروعا ونستثمر في الجزائر، لكننا نجد اليوم أنفسنا محاكمين وشركاتنا ضائعة، كما أن التعليمة التي قالوا عنها أن وزير النقل والوزير الأول تمنع بعض الأمور إلا أنني وبعد الإطلاع على الملف خلال فترة تواجدي في الحبس لم أعثر على كلمة "ممنوع"… بل أن التعليمة تنص على أن الشركات التي لا تلتزم بالمشروع تعيد الأراضي، لأن هناك عدة شركات تحصلت على امتياز ولم تنجز المشروع. كما أننا دخلنا للحبس – يقول رضا كونيناف – من أجل 7000 متر مربع في ميناء الجزائر، كما يتابعوني بسبب مكالمة مع بواب عبد السلام مدير ميناء جنجن، فنحن قمنا بعدة اتصالات والمشروع كان بطيئا، لأنه كنا ننتظر رد الطرف البرتغالي. القاضي: من له حق منح الامتياز هو مدير أملاك الدولة، ما دخل مدير الميناء وما هي المعايير؟ رضا: سيدي الرئيس لا ليس هكذا. القاضي: أنت صاحب الشيء، كيف بن طاهر قدور هو من يحكم فيك؟ رضا: لكن هذه شركة، فيها أكثر من 3 آلاف عامل، لا يمكنني الاطلاع على كل شيء. ويقاطعه القاضي قائلا "هذه شركة عائلية كيف يسيرها بن طاهر دون علمك". القاضي مجددا: شركة "كوجيسي" وحصولها على كوغرال كان عن طريق التراضي البسيط، أليس كذالك..؟ رضا: لا، كانت مناقصة وشاركت فيها 7 شركات وفزنا نحن بها . القاضي: ما هي المعايير التي جعلتكم تتحصلون على هذه الصفقة بعد خوصصة الشركات العمومية؟ رضا: في وقت والدي رحمه الله منذ سنة 2003 إلى غاية 2006 وورثناها عن والدي.. وكان ذلك عن طريق مناقصة وطنية . القاضي: وماذا عن مشروع عين وسارة وقصر البخاري مع وكالة الوساطة العقارية…؟ رضا: لم أكن مسيرا وتم الحصول على المشروع في مناقصة وطنية وكنا عرض . القاضي: مشروع دراسة الطريق بين قالمة وعين وسارة من المسير. وتحلية المياه جيجل؟ رضا: لا أتذكر. القاضي: المديرية العامة لنقل الأنابيب حاسي رمل؟ رضا: لا أتذكر . وقد حاول القاضي استفسار المتهم حول المشاريع والشركات التي يسيرها وإن كانت عن طريق التراضي أم في إطار مناقصة.. فرد رضا كونيناف أنه لم يكن مسيرا لكل الشركات وليس على علم بكل الصفقات، بل البعض منها… أراد الظهور بمظهر غير العارف للصفقات. القاضي: 2500 مليار سنتيم قروض، هل تحصلتم عليها؟ رضا: لا يوجد في التحقيق.. ثلاث مراسلات للبنوك رجعت كلها سلبية ولا وجود لأي قرض مثلما تحدث عليها للأمر بالإحالة، والمحامون لديهم الإثباتات على ذلك. القاضي: حدثنا عن ملف عين وسارة وقصر البخاري مع شركة المقاولين للغرب وكوجيي، نسبة الإنجاز مشروع عين وسارة 0.24 بالمائة وقصر البخاري 11.5 بالمائة نسبة الإنجاز..؟ رضا: لا علم لي بهذه التفاصيل.. سيدي القاضي في ملف الضبطية القضائية يتابعوننا على أساس أن نفس العمال ونفس العتاد لما قدمنا العرض أمام اللجنة.. فهل مجمع المقاولون العرب و"كوجيسي" يغامرون ب25 شخصا ولديهم عمال بالآلاف . القاضي: لماذا لم تنطلق المشاريع، لأنه تحكم هنا وهنا؟ رضا: كان هناك مشكل في العقار مع الولاية وكذا مع سونلغاز وهو مذكور في تقرير الدرك الوطني لولاية المدية. القاضي: بالنسبة الملف اتصالات الجزائر وشركة "موبيلينك"؟ رضا: في أمر الإحالة يقول إن "موبيلينك" مع الجيري تيليكوم لم تكن هناك مناقصة دولية… لكن في الحقيقة كانت هناك مناقصة ولا علاقة لها بالصفقات أصلا، مبولينيك استثمرت 100 بالمئة بأموالها في المشروع في "حرية" مخادع الهاتف… وقمنا بعدها برفع دعوى نحن المساهمين قبلنا الدفع دون الذهاب للعدالة، لكن دفعنا 40 مليارا، لكن المديرة العامة رفضت وأصرت الذهاب للعدالة "هاذوك الناس مايتامنوش" وتم الدفع بناء على اتفاقية وبعد شهرين من تجميد حسابات "اتصالات الجزائر". القاضي: أنت متابع بجنحة تمويل الخفي..؟ رضا كونيناف: تابعوني بجرم تمويل حزب سياسي، لم أمول أي حزب سياسي. القاضي: يعني مترشح حر تقصد؟ رضا يرد ضاحكا لا علاقة لي بالسياس، لكن أريد أن أقول بأن قانون 2012 المتعلق بالانتخابات لا يمنع مساعدة المترشحين وتمويل حملتهم مهما كانت صفتهم وأنا منحت شيكا وهو مسجل في البنك، لتمويل حملة انتخابات 2014 للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وهذا بشكل قانوني وبكل شفافية. القاضي: في القروض "راك دوختني" يقولوا اخذت قرض ب1500 مليار وقدمت ضمانا قطعة أرضية أخذتها كامتياز، ما هذا؟ رضا: لا، الأرض هي ملكية خاصة وليست امتيازا، ولا ملكا للدولة وهي عمارة ليست ارض وحدها تم منحها كضمان للحصول على تمويل بنكي لمشروع جيجل .. قاعدة الحياة "تيغنتورين". القاضي: خط الميترو عين النعجة، كيف تحصلتم عليه؟ رضا: هذا مجمع وليس نحن فقط، فيه شركة عندها أسهم أكثر أول شطر الميترو ربحناه عبر مناقصة.. ولم نغير دفتر الشروط . القاضي: أنت مسير شركة كوغرال؟ ما هي الشركات الأخرى التي تسيرها؟ رضا: بلهجة مستغربة، كنت من قبل مسير كوغرال ولكن الآن لست مسيرا لأي شركة وحتى أن مسيري الشركات الأخرى لم تتم متابعتهم. النائب العام يقاطعه ويسأله: تم إعفاءكم من كل الديون في إطار الخوصصة لشركة "كوغرال" الجزائر و"كوغو" وهران وحصلتم على 120 مليار سنتيم قرض..؟ رضا: مجمع "كوجيسي" الذي حصل في إطار مناقصة عامة.. لكن كانت هناك عراقيل في المشروع وحصلنا على القرض في إطار تعويضات مالية لما تم صرفه، وقد تم التحايل علينا وقمنا بصرف مبالغ مالية على المشروع لم نتحصل على الأموال… اربع سنوات من التفاوض وهذا كلفنا كثيرا . النائب العام: هناك إشكال.. تقول لم يمنحوكم المال.. لما تقرر الدولة خوصصة مؤسسة عمومية اقتصادية على عتقها ديون ولما يقوم أحد بشرائها فإنه يقوم بشرائها مع الديون والارباح.. لكن انتم تحصلتم على إعفاءات من الديون وتسهيلات غير قانونية من مجلس مساهمة الدولة. رضا: لا ليس هكذا وأنت تتكلم عن 1500 مليار سنتيم لا وجود له. النائب العام: الامتياز العقاري في ميناء وهران الذي حصلتم عليه لا توجد فيه أشغال التهيئة ولا تسديد حقوق الإيجار منذ 2008. رضا: الإيجار تم دفعه. النائب العام: مخادع الهاتف في أي مدن وضعتموها؟ رضا: في بعض المدن ونقدر نقول أنه كان مشروعا سيئا بالنسبة لاتصالات الجزائر وهي نفس الشركة تقول أنه تأسفت لعدم حصولها على المشروع وحدها، لأنه مربح، لأننا كنا في 1171 بلدية بمجموع 17 الف مخدع هاتفي ولم يتم تشغيلهم بسبب خطوط الهاتف غير موجودة . النائب العام: عقار صناعي في باب الزوار استفدتم منه وتم تحويله لمقر شركة كوجيسي؟ رضا: العقار ليس في المنطقة الصناعية وتوجد هناك عدة مقرات لشركات معروفة هذا خطأ. النائب العام: التراخيص المنجمية يوجد تجديد بطريقة مخالفة للقانون؟ رضا: من المفروض يكون مدير المناجم هنا لو كان غير قانوني . النائب العام: عندك حساب فيه 234 مليون دينار ببنك "سوسيتي جنرال" تم سحب مبلغ 10 ملايير سنتيم؟ رضا: الأموال لم يتم سحبها "كاش"، بل عن طريق دفع بنكي لفائدة عائلتي باش نعيش ولادي.