تعرض بعض أهم الصحف الأمريكية للبيع راهنا في مؤشر جديد على الصعوبات التي تواجهها الصحافة المكتوبة للتكيف مع الحقبة الرقمية. فمجموعة "نيويورك تايمز" تريد بيع صحيفة "بوسطن غلوب". ومجموعة "تريبيون" تسعى الى ايجاد من يشتري صحيفة "لوس انجليس تايمز و"شيكاغو تريبيون" و"بالتيمور صن". وقد انتقلت صحف أخرى إلى مالكين جدد. ويشدد كين دوكتور امل في شركة "آوتسيل" للأبحاث "هذه الصحف الواقعة في مدن كبرى شكلت قوى إعلامية رئيسية في البلاد. وسجلت اسباقا صحافية على مستوى وطني". ويتابع المحلل قائلا "الا أنها كانت الاكثر تأثرا بالتغييرات والاضطرابات المرتبطة بالحقبة الرقمية". وقيمة هذه الصحف اقل بعشر مرات اليوم عما كانت عليه في ذروة نجاحها قبل عشر سنوات او عشرين سنة. ويقول كين دوكتور ان صحيفة "بوسطن غلوب" التي اشترتها مجموعة نيويورك تايمز في العام 1993 بسعر 1,1 مليار دولار "يمكن ان تباع راهنا بسعر 110 ملايين دولار". في العام الماضي بيعت صحيفة "شيكاغو صن-تايمز" بعشرين مليون دولار على ما ذكرت الصحف في حين كان سعرها 180 مليونا في العام 1994. أما مجموعة صحف في فيلادلفيا بينها "فيلادلفيا انكوايرر" فبيعت ب55 مليون دولار في مقابل 515 مليونا في 2006. في المدن الكبرى "تعتمد الصحف بشكل كبير جدا على الإعلانات المبوبة التي تراجعت بنسبة 75 بالمائة مقارنة بأعلى مستوياتها. وهي تتكبد كلفة عالية في التوزيع" على ما يقول آلن موتر المستشار المتخصص في مشاريع مرتبطة بالصحافة والتكنولوجيات. وهي تعاني من تراجع في مبيعات النسخ المطبوعة ومن منافسة مواقع الإعلانات المبوبة مثل "كريغ ليست" ولم تعد قادرة على المنافسة على صعيد المواضيع الوطنية والدولية الكبرى. اما كلفة تغطيتها لمنطقتها فعالية أيضا. ويقول موتر انه لن يكون بين الأطراف الشارية المحتملة "مجموعات صحافية باستثناء نيوز كوروب ربما" وهي إمبراطورية روبيرت موردوخ الإعلامية التي تمتلك خصوصا "وول ستريت جورنال" و"نيويورك بوست". لكنه يشير إلى ان موردوخ يشتري عادة أسماء بارزة لأنه يهتم بسمعة الصحيفة ونفوذها. وقد اشترى المستثمر وارن بافيت صحفا صغيرة يفيد محللون أنها في وضع أفضل بقليل، لكنه يتجنب الصحف الكبيرة التي تواجه صعوبات في تحقيق الأرباح مع اقتطاع كبير في النفقات وفي المحررين. وتخفض صحف مشهورة مثل "نيويورك تايمز" و"واشنطن بت" من نفقاتها إلا أنها تسعى بالتزامن إلى زيادة عائداتها الرقمية. فتعتمد "نيويورك تايمز" منذ العام 2011 اشتراكات الكترونية مدفوعة وباتت تسجل عائدات من هذه الاشتراكات تفوق عائداتها من الإعلانات. وتدرس صحيفة "واشنطن بوست" أيضا إمكانية فرض مقابل مادي على قراءة مقالاتها عبر الانترنت وبيع مقرها في وسط المدينة. ويتابع القطاع عن كثب اختبار خفض ايام الصدور الذي اعتمدته بعض الصحف اليومية مثل "نيواورلينز تايمز-بيكايون" التي تصدر بنسخ مطبوعة ثلاثة أيام في الأسبوع فقط مخفضة نفقاتها بنسبة 25 بالمائة مع المحافظة على عائدات الإعلانات على ما يقول دوكتور. ومع انه من غير المؤكد أن الاشتراكات الرقمية تكفي لاستمرارية الصحف فان الميل يذهب في هذا الاتجاه بوضوح. ويعتبر دوكتور ان ذلك "يشكل سبيلا لمستقبل مدر للأرباح" شرط "أن يبقى المحتوى قويا. الناس يريدون مزيدا من المعلومات المحلية ويريدون تحقيقات". ويرى المحلل أن الصحف التي تقوم باقتطاع صارم جدا لتسجيل النتائج على الذي القصير قد تعاني من هذا الوضع في حين ان تلك "التي تتتبع نهجا على المدى الطويل ستحصل على نتائج افضل".