وطّدت نوال الزغبي الوصال بجمهور تيمقاد الذي غزا مدرجات ركح المسرح الروماني في السهرة الرابعة التي أدارتها على طريقتها ما دام الركح لم يعد يتّسع سوى لحنجرتها الدافئة وحركاتها، فطوال أكثر من ساعة من الزمن عرفت نوال كيف تمزج بين طبيعة سحر المسرح الروماني وشغف محبيها من جمهور ذواق لفنها. من شموخ شجرة الأرز استحضرت ذكريات لبنان الجميلة التي يعشعش فيها الفن كمّا وكيفا، ورسمت الحضور العربي بالتزام يجعل للفن دورا اجتماعيا سياسيا باعتباره أداة من أدوات التوصيل الممدودة للظهور الإعلامي للفنان، فظهرت الفنانة اللبنانية نوال الزغبي كالعادة أنيقة تحمل في بسمتها بصمة فنية سترسخ في تاريخ مشوارها الفني على حجارة المسرح الروماني. جسّدت الفنانة اللبنانية التي صرحت بأنّ سعادتها لا توصف وهي في غمرة النشوة بملاقاة جمهور في أجواء لا تختلف عن سهرتها التي أحيتها في الطبعة الرابعة والعشرين للمهرجان، والتي لا تزال تحتفظ بأروع صورها عندما ردّد الجمهور أغانيها عن ظهر قلب. تمكّنت صاحبة "فينو حبيبي أنا" و"إنت أغلى الحبايب" من استدراج الحضور للغور في أسرار النغمة العربية بما جادت بها قريحتها على ركح المسرح الروماني الذي كان رجعا لصدى أغانيها القديمة كانت أم الجديدة، وهو أصدق تعبير فني منها ضمن الاستثناءات التي تضع الصورة المشرقة للجزائر بفضل المهرجان الذي كسر الحواجز وبعث الأمل في وجود البذرة الخصبة التي تحتاج إلى تفاعل يساعد على توظيف الصورة التي صنعها الجمهور الجزائري الذي ردّد روائعها ورقص لإيقاعاتها مطوّلا. المطربة اللبنانية التي حظيت باستقبال رائع بمدينة الجسور المعلقة بمطار قسنطينة قبل أن تتّجه لولاية باتنة في رحلة لم تدم أكثر مما خصّت به جمهور تيمقاد من زمن فني على خشبة المسرح الروماني، أعربت عن سعادتها بوجودها في الجزائر والمشاركة في مهرجان مثل مهرجان تيمقاد الذي يعدّ أحد أهم عوامل التواصل بين الشعوب والثقافات فكسّرت كلّ الحواجز وتحدّت الطبيعة ولم تأبه بعناء السفر في جوّ لا تمثّل حرارته شيئا بالنسبة إليها مقارنة بحرارة ملاقاة الجمهور الذي يزيدها ثقة في النفس لربط أواصر الصداقة بين الشعبين اللبناني والجزائري. الفنانة اللبنانية التي تعرف بمواقفها اتجاه القضية الفلسطينية ويتأصّل فيها البعد العربي وتقدّر وظيفة الفن ثمّنت دور المهرجان الذي تتوقع له نجاحا باهرا، وثمّنت مجهودات الفنانين الجزائريين في تطوير الفن ووصفتها بالإيجابية. السهرة التي أبدعت فيها نوال فجالت وصالت على الركح دون عناء صنعت فيها دفء الحنان وهي تسترسل في أغانيها نزولا عند رغبة الجمهور، وأجبرت بالتالي على البحث عن سر ارتباطه بها بالنظر للروابط التاريخية التي تربط الشعب الجزائري بشقيقه اللبناني الذي عانى ويلات الحرب على مرّ عشرين سنة. لتودع نوال الزغبي الركح آملة في تكرار تجارب أخرى على هذا الركح بعدما تأكّدت من قيمة جمهور ذوّاق يثمّن قيمة الفن العربي وينصهر فيه فنيا ثقافيا حضاريا وتاريخيا، وبهذا الانطباع الجيّد الذي تركته الفنانة اللبنانية في هذه السهرة التي تحاكي فيها شجرة الأرز الأوراسية نظيرتها اللبنانية في مضامين السهرة الفنية التي تستحضر التاريخ وتعمّق الشعور العربي من خلال شموخ الشجرتين بجبال الأوراس والبلد الشقيق الذي ولد فيه الفن لبنان الشقيق.