عبد الناصر على بعد أيام من طلة هلال رمضان، أطلّ الهلال التركي، ليعلن موسما تركيا جديدا أكد أن هلال الإسلام لابد وأن يعود للظهور مهما طال أفوله، ومهما حاولت الغمامات العلمانية أن تحجبه عن الأنظار.. فجاء انتصار "غول" للترشح إلى أعلى منصب في قصر كمال أتاتورك، في الوقت المناسب ليضع الجيش التركي في حرج شديد ما بين تمسّكه بالعلمانية وبالديمقراطية وبضرورة إدخال البلاد "جنة" الإتحاد الأوربي أو قلب الطاولة كما فعل سابقا في وجه الرئيس الجديد وإعادة تركيا إلى عهود ما قبل الجيش الإنكشاري. وجاء انتصار "غول" متزامنا مع حملة صامتة في ألمانيا وأمريكا وأخرى معلنة في فرنسا ضد جذور حزب العدالة والتنمية من خلال إظهار صور زوجتي غول وأردوغان وهما متحجبتان بلباسهما الإسلامي الجميل وحكايا عن أيام الرجلين في البقاع المقدسة. ولكن الأتراك تمكنوا هذه المرة، بهدوء ولكن بكل تأكيد، من بلوغ الكرسي بعيدا عن "قيل" و"تطرف" و"تسرّع" بقية التيارات الإسلامية في العالم العربي التي ظلت منذ الوهابية والإخوانية والإنقاذية والحماسية والسلفية تقول الكثير وتتقن انتقاد ومحاربة الغير من دون إقناع الناس" بل من دون إقناع نفسها". حزب العدالة والتنمية وفّر للأتراك حياة إقتصادية أحسن من تلك التي عاشوها في الزمن الرأسمالي والليبيرالي عندما ظلت تركيا على الدوام "شحاذ" على أبواب كنائس الغرب، ووفّر أجواء ديمقراطية وضبط للنفس برغم الحواجز المزيفة التي وقفت في طريقه من الجيش ومن الغرب، ووفّر لهم الآن الطمأنينة بعيدا عن حروب رآها شكلية ضد قوانين منع الحجاب في المؤسسات وبيع الخمور والعلاقات التي تجمع تركيا بإسرائيل.. ووفر بالأساس للدول الإسلامية وأحزابها الأصولية نموذجا راقيا في كيفية تسلق السلطة، ليس بالخطابات الجوفاء وإنما بالعمل القاعدي الذي مكن شباب العدالة والتنمية الشارب من النبع الإسلامي من بلوغ السلطة دون أن يتمكن أي كان من التشكيك في نزاهة فرسانه وفي طرق بلوغه أعلى الدرجات تماما كما يفعل القادة الكبار في الدول الكبرى. قديما، قال الشاعر التركي ناظم حكمت "لا تحيا على الأرض كمستأجر بيت.. أو كزائر ريف وسط الخضرة ولتحيا على الأرض، كما لو كان العالم بيت أبيك.. والآن تنفست تركيا أشعار شاعرها الكبير!