يضطر كثير من الأطفال والفتيان خلال الصائفة، للعمل في جني الثمار الموسمية من بطيخ، تفاح، مشمش، العنب... وغيرها، وذلك لتوفير نفقات العطلة ومصاريف الدخول المدرسي. ولأن رمضان هذه السنة تزامن مع بداية موسم جني مختلف أنواع الفواكه الصيفية، لم يجد عاملو الحقول خاصة من الأطفال ولتجنب حرارة الصيف الحارقة نهارا ومشقة الصوم، إلا الالتحاق بالحقول مباشرة بعد السحور. يعزف كثير من البالغين عن العمل في جني الثمار والخضر، لما في هذا النشاط من كد وجهد بدني، خاصة في فصل الصيف الحارق، ولهذا لا يجد أصحاب الحقول والفلاحون من حلّ إلا الاستعانة بالأطفال، مقابل منحهم أجرة يومية تتراوح بين 600 و800 دج، وقد يزيد هذا المبلغ في حال اجتهد العامل، وجمع صناديق أكثر من زملائه. ويمتهن هذا النشاط، خاصة الأطفال القاطنون ببلديات العاصمة الريفية وشبه الريفية، على غرار مفتاح، دويرة، سحاولة، بابا علي... نبيل في ال 14 من عمره واحد من هؤلاء، التقيناه بسوق عين النعجة وهو يعرض للبيع صندوقا واحدا من فاكهة التفاح، عن مصدرها يقول "صاحب الحقل الذي أعمل لديه، منحها لي لأنها شبه فاسدة، وأنا أبيعها بنصف الثمن، لأنها تصلح لصنع المعجون". ويضيف "قبل دخول شهر رمضان كنت أتنقل من عين النعجة إلى غاية حقل التفاح المتواجد ببلدية الأربعاء، وأتقاضى 600 دج لليوم، وإذا عملت بجدّ يزيد لي صاحب الأرض بعض النقود، كما يمنحنا الفاكهة التي تعرضت للتلف أو الإصابة". وعن أوقات العمل أخبرنا، أنه قبل دخول رمضان، كان يلتحق بالحقل ابتداءً من الخامسة صباحا إلى غاية منتصف النهار، لكن مع دخول شهر رمضان "امتنعت عن العمل، لأننا نبدأ مباشرة بعد السحور، وأنا لا أستطيع التنقل بمفردي إلى غاية بلدية الأربعاء" وأخبرنا بسعادة أنه سيستعمل النقود التي كسبها لشراء ملابس العيد. ويتنقل الأطفال العاملون في جني الفواكه والخضر، وحتى تقليم أشجار الفاكهة، من حقل إلى آخر؛ فبمجرد انتهائهم من الحقل الأول يباشرون العمل في حقل آخر. وكانوا قبل رمضان يقضون أكثر من 6 ساعات تحت أشعة الشمس الحارقة، خاصة مع ما يحتاجه العمل من جهد بدني. طفل آخر في ال 15 من عمره كان يبيع المشمش بالقرب من (نبيل)، هو يسكن ببلدية دويرة بالعاصمة، ويعمل بحقل لثمار الخوخ يتواجد بدوار الدكاكنة بذات البلدية، قبل رمضان كان يلتحق بالعمل قبل السابعة صباحا رفقة 15 طفلا آخر، ويقول "أعمل لأوفر أموالا لقضاء عطلة البحر على الشاطئ". واستبشر كثيرٌ من الأطفال العاملين بانتهاء شهر رمضان مع بداية أوت، وهو ما يمنحهم الوقت الكافي للتمتع بالشواطئ واللعب، ونسيان مشقة العمل في الحقول.