أول قصة في الدنيا انطلقت برجل وامرأة، والله عزوجل خلق آدم بيديه ونفخ فيه من روحه واسجد له الملائكة ونصره على ابليس واستمرت التكريمات ثم ادخله الجنة وقال له لها فيها ما شئت... لكن المالك الجديد للجنة وما فيها استوحش ولم يأنس فخلق الله له امرأة منه لمدى القرب واللحمة الواحدة فكانت حواء هي الحياة التي يستطيب بها كل شيء. س : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أنا فتاة في ريعان الشباب تزوجت حديثا من شاب في مقتبل العمر وهو يقبلني في نهار رمضان، وأنا أتحرج من ذلك، وأستحيي من منعه، لأنني عروس جديدة فهل هذا العمل يؤثر على صيامنا أم لا، أنيرونا أنار الله وجوهكم؟ ج : قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى : "ولا أعلم أحدا رخَّص فيها لمن يعلم أنه يتولد عليه منها ما يفسد صومه". ولقد ذهب المالكية في القول المشهور عندهم، وفي رواية للحنابلة إلى كراهة القبلة للصائم مطلقا بشهوة أو بدونها وسواء أكان المقبّل شابا يافعا أم شيخا هرما ، ودليل ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبل الرجل وهو صائم"، ومعلوم أن الأصل في النهي يحمل على التحريم ، ولكن لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم فيما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبّل وهو صائم، وكان أملككم لإربه"، فحمل النهي في الحديث الأول على الكراهة، خوفا من الوقوع في المحظور، لأن القبلة قد تجرّ إلى خروج المذي، فيتوجب على المقبِّل قضاء ذلك اليوم، أو خروج المني فيتوجب عليه القضاء والكفارة. أما إذا كان المقبل يملك إربه ويستطيع التحكم في نفسه بأن لا تكون القبلة سببا في فساد صومه، أو كان شيخا طاعنا في السن لا أرب ولا حاجة له في النساء فيرخص له في ذلك لانتفاء المقصود من كراهة القبلة، وبذلك قال مجموعة من أهل العلم، ومنهم الإمام مالك في رواية عنه محتجين في ذلك بترخيص النبي صلى الله عليه وسلم في القبلة للشيخ وهو صائم، ونهيه عنها للشاب .
س : أنا امرأة عندما كنت حاملا في الشهر التاسع، نزل علي الدم قبل وضعي لمولودي بستة أيام وصادف ذلك أن كان في شهر رمضان، فأفطرت تلك الأيام ظنا مني بأنني سألد في ذلك اليوم الذي بدأ فيه نزول الدم، ولكن تأخر موعد الولادة إلى ما بعد ستتة أيام ، فما حكم تصرفي هذا وشكرا؟ ج : نقول للسائلة الكريمة، بورك لك في الموهوب، وشكرت الواهب، ورزقت بره وبلغ أشده، أما بعد فإن نزول الدم، قبل الولادة بمدة يسيرة إذا كان مصحوبا بمقدمات النفاس كالألم، فيعتبر دم نفاس ولابأس بفطرك، وتركك للصلاة، وعليك قضاء تلك الأيام التي أفطرتها، دون الصلاة، أما الحامل التي ينزل عليها الدم ولا تصحبه علامات ومقدمات الوضع فإنه لا يعتبر دم نفاس بل هو دم علة وفساد، وعليها أن تصلي وتصوم .
س : كنت حاملا العام الماضي فأفطرت عدة أيام من رمضان، وكنت أنوي أن أقضيها فيما بعد، لكنني وضعت حملي، وبقيت أرضع في مولودي، وخفت إن قضيت تلك الأيام أن يؤثر ذلك على كمية الحليب التي يحتاجها رضيعي الذي كان ضعيفا في بنيته، ويعتمد في تغذيته على حليبي، إلى أن أدركني رمضان الموالي، فماذا علي أن أفعله، أفيدونا أفادكم الله؟ ج : لقد جاءت الشريعة الإسلامية للحفاظ على الأنفس، وبالتالي فأنت أفطرت حفاظا على نفسك يوم كنت حاملا، ثم بعد ذلك نفساء، كما حافظت على رضيعك بعد ذلك، فأنت لم تخالفي الشرع، بل أخذت بتعاليمه السمحة الرافعة للمشقة والحرج، وعليه نقول لك، إن تأخيرك للقضاء كان بسبب عذر شرعي، ولذا فأنت مطالبة بالقضاء فقط دون الفدية.
س : أنا امرأة متزوجة ولدي خمسة أبناء، وأثناء عادتي الشهرية يسوء مزاجي، وأصبح عصبية، لدرجة ضرب أبنائي، والمشاجرة مع زوجي لأتفه الأسباب، وصادف أن كنت حائضا فطلب مني إحضار العشاء فتجاهلته، فقذفني بحذائه، فغضبت غضبا شديدا وشتمته، وقلت له كلاما أستحيي من ذكره، فطلقني وأنا حائض، فما حكم الشرع في هذا الطلاق أفيدونا أفادكم الله وبارك الله فيكم ؟ ج : نقول للسائلة ولزوجها سامحكما الله على هذه التصرفات الطائشة لاسيما وأن لديكما خمسة أبناء يراقبون ما تصنعان، ويقتدون بما تفعلان، فكان الأولى بكما أن تعطيا الصورة الحسنة لهؤلاء الأبناء، وأن تبرزا الأخلاق الفاضلة في تصرفاتكما أمامهم، كما أنه كان من الأولى على الزوج أن يتفهم تصرفات زوجته خلال هذه الفترة الحرجة التي تؤثر على سلوكاتها، وعلى الزوجة أيضا أن تقدر ظروف الزوج الذي يأتي إلى البيت منهك القوى بعد عمل يوم كامل، أما فيما يتعلق بما فعله الزوج من طلاق فنقول بأنه يحرم على هذا الزوج أن يطلق زوجته في فترة الحيض أو النفاس، لأنه يعتبر من الطلاق البدعي، ويجب عليه أن يراجعها، ويطلقها في حالة الطهر الذي لم يمسسها فيه إن شاء، وذلك لما روي أن ابن عمر رضي الله عنه طلق زوجته وهي حائض، فذكر ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: "مره فيراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا" . وهذا الحكم خاص بالمرأة المدخول بها وغير الحامل، أما إذا كانت المرأة غير مدخول بها، فيجوز إيقاع الطلاق عليها وهي حائض لأنه لا عدة عليها، لقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا)، لأن الغرض من العدة معرفة براءة الرحم وكذلك الحال إذا كانت حاملا لأن العدة تنتهي بوضع الحمل، لقوله تعالى: (وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ).
أما فيما يتعلق بوقوع الطلاق فإن جمهور الفقهاء ومنهم السادة المالكية يقولون بوقوعه وتحسب عليك طلقة رجعية إن كانت الأولى أو الثانية، وطلقة بائنة بينونة كبرى إن كانت الثالثة بحيث لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك، وقد خالف في هذه المسألة كل من ابن تيمية وابن القيم إذ رأيا عدم وقوع الطلاق في الحيض لأنه بدعي.