بعد تأخر يقارب الثلاث سنوات عن موعده، تبدأ اليوم فعاليات المؤتمر الحادي عشر للاتحاد العام للعمال الجزائريين، بفندق الأوراسي، في جو يسوده الفتور. ويبرز اسم الأمين العام الحالي، عبد المجيد سيدي سعيد، بمثابة الفارس الوحيد في سباق كان يمكن أن يشهد تنافسا كبيرا بين قياديي المركزية النقابية، لو لم تسجل مؤاخذات على طريقة التحضير لهذا الموعد، في سيناريو وصف بأنه "تخييط" مسبقا. وينعقد المؤتمر على وقع احتجاجات رفعتها القاعدة النضالية، بسبب ما وصف بعمليات التهميش والإقصاء، التي تعرضت لها العناصر المناوئة للقيادة الحالية، وذلك من خلال عمليات تعيين المندوبين الذين يمثلون القاعدة النضالية في المؤتمر، بحيث تم استبدال آلية الانتخاب بالتعيين، في محاولة لحسم نتائج المؤتمر مسبقا.وعلى عكس بقية المؤتمرات العشرة، التي سبق للمركزية النقابية أن نظمتها منذ إنشائها، كفرع جمعوي من فروع جبهة التحرير الوطني، لم يتم وعلى غير العادة، تنظيم المؤتمرات الجهوية الأربعة (الشرق والوسط والغرب والجنوب)، التي يفترض أن ينبثق عنها المندوبون الذين يشاركون في المؤتمر، تماما مثل ما حصل على مستوى بعض الاتحاديات الولائية.وتبرز من بين أهم الاتحاديات الولائية التي لم تنظم مؤتمرها، اتحادية ولاية العاصمة، التي تعتبر بمثابة صورة مصغرة عن أي مؤتمر تنظمه المركزية النقابية، نظرا لثقلها وثقل مندوبيها، وكذا تأثيرها على الولايات المجاورة، ما يجعل منها فارس الرهان الناجح عند حصول أي احتقان. ومن هذا المعطى يبرز اسم الأمين الوطني المكلف بالتنظيم، محمد الصالح جنوحات، الذي يشغل أيضا منصب أمين عام الاتحاد الولائي للعاصمة.وتؤكد مصادر مطلعة، من دار الشعب بأول ماي، إن المركزية النقابية يسيطر عليها إلى غاية اليوم الأول للمؤتمر الحادي عشر، توجهان، الأول، يصر على دعم بقاء عبد المجيد سيدي سعيد في منصبه تكريسا لمبدأ الاستمرارية، في حين يذهب التوجه الثاني، إلى الدفع بالرجل القوي والأمين العام الفعلي، محمد الصالح جنوحات، لخلافة سيدي السعيد، في محاولة لكسر الجمود الذي خيم على أقوى هيئة نقابية في الجزائر، وتسبب في خسرانها للكثير من نفوذها وانتشارها، لصالح هيئات نقابية قطاعية ناشئة.ويعتبر محمد الصالح جنوحات، الذي لم يكشف بصفة رسمية عن نيته في منافسة سيدي سعيد، الرجل الوحيد القادر على لعب هذا الدور، بعد إقصاء عمار مهدي، السيناتور عن الثلث الرئاسي، والأمين الوطني السابق المكلف بالتنظيم من عضوية الأمانة الوطنية، انطلاقا من تحكم جنوحات، في الكثير من المسائل التنظيمية على مستوى المركزية النقابية. ويأتي المؤتمر ال 11 في ظل في ظرف اجتماعي حساس، تطبعه الاحتجاجات المعبرة عن الوضع الذي آلت إليه الفئة العمالية، التي تبقى تعاني من انهيار القدرة الشرائية، بسبب الغلاء الفاحش، الذي تشهده مختلف المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع.