لفت عدد من معتقلي محتشدات الصحراء انتباه الرأي العام الوطني إلى أن بعض من نزلاء محتشد عين امقل بتمنراست توفوا بنفس المرض ( سرطان الكبد) ما رفع خشيتهم من تعرضهم إلى إشعاع نووي بحكم أن المنطقة عرفت تجارب فرنسا النووية. وبمناسبة حديث رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها فاروق قسنطيني على أمواج القناة الإذاعية الثالثة على حق ما يقارب 18 ألف من معتقلي الصحراء في التعويض بموجب قانون السلم والمصالحة الوطنية، عبر هؤلاء في تنقلهم على جريدة "الشروق اليومي" عن تذمرهم الكبير من إهمال السلطات لهم، وحرمانهم من حقوقهم المادية والمعنوية طوال السنوات الفارطة، زيادة إلى عدم تصنيفهم ضمن أي فئة من ضحايا المأساة الوطنية مثلما نص عليه قانون السلم والمصالحة الوطنية. وقال قسنطيني أمس إن من حق هؤلاء الاستفادة من التعويضات لان ميكانيزمات المصالحة الوطنية لا زالت سارية المفعول، لكن المعنيين تساءلوا عن الصدفة التي جعلت رئيس لجنة حقوق الانسان يتحدث عن الموضوع في في ظرف صدور تقرير لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة عن وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، مؤكدين أنهم باشروا الاتصال باللجنة منذ سنة 2003 وبرئيسها شخصيا دون ان يجد جديد في الملف. ويذكر أن ملف محتجزي مراكز الأمن في الجنوب ظل ملفا منسيا، ولم يجد هؤلاء أنفسهم بين الفئات التي ذكرها قانون السلم والمصالحة الوطنية والتي يستحق أصحابها التعويض عمّا أصابهم جراء المأساة الوطنية، حيث راسلت جهات على صلة بالموضوع رئيس الجمهورية شخصيا لإيجاد حل لهؤلاء وإدراجهم ضمن الفئات المستحقة للتعويض، إلى جانب القتلى وعائلات المفقودين والمسرحين من العمل، بموجب ما تمنحه مواد القانون من صلاحيات التقدير والتصرف . 18 ألف هو تقدير الأشخاص الذين أمضوا مددا تراوحت بين 6 أشهر إلى 4 سنوات بمراكز الأمن ال11 التي فتحتها السلطات لهم خصيصا في الصحراء بعيدا عن المراكز الحضرية، وقد اشتهرت تلك المراكز سنة 1992 بكونها في أقصى الجنوب الجزائري وسط الصحراء وقد عمرت بآلاف الشباب والكهول بين 17 سنة و65 سنة بين جانفي ومارس 1992 وكان أشهرها برقان، وادي الناموس، تمنراست وكذلك برج الأحمر وعين امقلعين صالح، المنيعة، برج عمر ادريس، بعد مداهمات للبوليس والجيش وقد خصت أشخاص اشتبه في علاقتهم وقتها بالجبهة الإسلامية المحلة. وحاولت هذه الفئة تنظيم نفسها للمطالبة بالحقوق مثل باقي الفئات التي اعترف لها القانون بالحق في التعويض، لكن اصطدمت الجهود برفض اعتماد جمعيتهم وصعوبة تكوين ملف إداري، كون الفترة التي قضاها المعنيون في مراكز الأمن لم تصدر بها وثيقة ولا اعتراف كون المعتقلين سرحوا بعد فترة الاحتجاز دون محاكمة ودون وثيقة من الأمن توثق أن تصنف تلك الفترة من حياتهم، مع أنهم لم يتابعوا في أية قضية. ويطالب هؤلاء بالتعويض المادي على الضرر الذي لحق بهم من جراء الاحتجاز خاصة أن العدالة لم تجد في ملفاتهم ما تتابعهم به، لكن في تلك الفترة تعرض كثير منهم على التسريح من وظائفهم، ورفض أصحاب العمل إدماجهم من جديد، لكن لم توجد أي وثيقة تمكنهم من إثبات قضائهم تلك المدة في مراكز الأمن. ومن الناحية الإجرائية يؤكد الأستاذ مروان عزي من خلية المساعدة القضائية لمجلس قضاء الجزائر أن هؤلاء يواجهون مشكلا حقيقيا في إعداد ملف إداري يثبتون به تعرضهم للضرر، وهو ما أكده المعنيون الذين أكدوا بالمقابل انهم يواجهون صعوبات جمة حين المطالبة بوثائقهم الإدارية وعلى رأسها جواز السفر رغم أن صحيفة السوابق العدلية لكل منهم خاوية من كل حكم أو متابعة قضائية. ويطالب اليوم هؤلاء باسترجاع حقوقهم المادية والمعنوية والسياسية التي سلبت منهم رغم كونهم مواطنون أبرياء، ذنبهم أنهم امضوا فترة احتجاز في معتقلات الجنوب، أصبحت بنفسها تهمة حرمتهم من جميع الحقوق. غنية قمراوي