رشيد ولد بوسيافة من غريب الصدف أن يكون المتهم الأول في فضيحة الخطأ الوارد في النشيد الوطني واحد من أبناء الجزائر الأوفياء الذي اعتقد أنه قدم خدمة جليلة لبلده عندما أدرج النشيد الوطني في الكتاب المدرسي لينتهي به المطاف إلى المطلوب الأول وطنيا بتهمة الإساءة إلى التاريخ والسيادة والثوابت، هذا الرجل ولد أثناء الاستعمار في منطقة محرمة. من السهل إطلاق التهم والأوصاف على الناس، ومن السهل التغني بالوطنية والغيرة على الثوابت خصوصا وأن الضجة أثيرت أياما قلائل قبل الموعد الانتخابي فكان موضوع بتر مقطع " يافرنسا قد مضى وقت العتاب " مادة دسمة لمن يريد أن يظهر نفسه أكثر وطنية من غيره، لكن الصعب في الموضوع هو التوقف عند حقيقة ما حدث والبحث عن المسؤول الحقيقي. المفتش أحمد فريطس اختار الشروق ليبوح بما لديه في وقفة مؤثرة، ولم يجد وسيلة أقوى من الدموع ليعبر بها عن محنته، وعندما يبكي الرجل فإن الأمر جلل، كيف لا وأن الرجل متدين وحافظ لكتاب الله وهو الذي أصر أن يكون النشيد الوطني من ضمن الأناشيد المقررة في الكتاب فأدرج نصا موجود أصلا في مقررات وزارة التربية ، ليجد نفسه دفع أخطاء كل الذين أساؤوا إلى النشيد الوطني منذ أن كان مؤلف النشيد الشاعر مفدي زكريا على قيد الحياة ! لقد كشف المفتش فريطس العديد من الحقائق وبالوثائق و التسجيلات بالشكل الذي ينسف ما يقال على أن الخطأ كان متعمدا، وأن الأمر ناتج عن مؤامرة وغيرها مما يرد في الخطابات الرنانة، وأمام هذا الوضع فإن وزارة التربية مدعوة للتريث في الموضوع ومعالجة المشكلة بالحكمة واستبعاد طريقة وضع حد للفضيحة بتقديم كبش فداء.