يتخبط الطلبة الجامعيون في جملة من المشاكل الاجتماعية والدراسية والتي تؤثر بشكل سلبي في استعداداتهم الذهنية وتحصيلهم العلمي، وبالأخص عند الطلبة المقيمين في الإقامات الجامعية، فهم يتجرعون مرارة البُعد وفراق أهاليهم زيادة على نوعية الوجبات الغذائية المقدَّمة لهم والوضعية السيِّئة داخل الإقامة كغياب شروط النظافة، ليصبح الطلبة عرضة للإصابة بأمراض عديدة جراء اجتياح الحشرات والقوارض لمساكنهم. لا يَخفى عن أحد الواقع المرير الذي يعيشه آلاف الطلبة داخل أسوار الإقامات الجامعية والتي جعلتهم يضيقون ذرعا بها، فمنهم من لم يستطع تحمل المشقة والعناء فقرر التخلي عن الدراسة التي طالما حلم بها والمستقبل الموعود وأضواء العاصمة وبريقها ليعودوا مجددا إلى قراهم البسيطة. وآخرون عزموا على الصمود ومجابهة كل الصعوبات والمعوقات فدخلوا في احتجاجات عدة مرات بل واستغلوا صفحات التواصل الاجتماعي "فايسبوك" لنقل صور حية عن الجحيم الذي يعيشونه في الإقامة، حيث تتصدّر صور الأطعمة والوجبات التي تقدم للطلبة الجامعيين الصدارة نظرا إلى طبيعتها وطريقة تحضيرها. فقد نشر أحد الجامعيين على صفحته الخاصة صورة لطبق سلطة تسبح في الماء ومعها مجموعة من الحلزونات الصغيرة وهو ما يوحي أنها لم تغسل بشكل جيد أو لم تغسل تماما. كما تم مؤخرا تداول إحدى الصور على نطاق واسع على "فايسبوك" لطبق من "اللوبيا" يحتوي على حشرة طائرة في منظر مقزز. وقد علق عليه أكثر من 200 طالب جامعي اعتبروا تلك الصّورة غيضاً من فيض من "مسلسل رعب" يعيشونه يوميا. وهو الأمر الذي يثير سخط الطلبة الجامعيين وتذمّرهم باستمرار. حيث حدثنا "ف"، وهو طالب في كلية الإعلام والاتصال يقيم بإقامة الذكور "طالب عبد الرحمان"، بأن نوعية الطعام الذي يقدم لهم في الإقامة الجامعية وراء معاناته من العديد من الأمراض والمشاكل في القولون والمعدة والأمعاء. فالأكل يقدم لهم في ظروف غير صحية كالعدس و"اللوبيا" والتي تُطهى بحجارتها دون مراعاة ضرورة التنويع يوميا بين البقول والخضروات والعجائن. فالطالب الجامعي يقتني وجبته الغذائية ب3 دج. إلا أنه يدفع مقابلها وصفات طبية وتحاليل تفوق 5 آلاف دينار شهريا. في حين أكدت بعض الفتيات المقيمات في الإقامة الجامعية جيلالي اليابس بباب الزوار وأولاد فايت أن هاجس غياب النظافة هو الذي يؤرِّق الفتيات. تقول الطالبة "س": إن مشكلة الحشرات الطائرة والزاحفة وحتى القوارض تتكاثر داخل مساكنهم وأصبح جحيما لا يطاق، مردفة: "تصوري حتى الصراصير والقوارض أصبحت تتجول معنا بكل بحرية في داخل الغرف ولم تُجدِ نفعا معها المبيدات ولا الرش. والأدهى من هذا أنك تصادفينهم في طبق طعامك"، مضيفة: "حتى الحمامات والمراحيض في وضعية رثة. صحيح أن بعض الطالبات الجامعيات يتحملن مسؤولية نظافة الغرف، إلا أن الشطر الأكبر يقع على عاتق الإدارة المطالَبة بمراقبة نوعية الطعام والظروف الصحية التي يتم تحضيره بها بالإضافة إلى نظافة المساكن والمحيط". وحمّلت "و" زميلاتها في الإقامة الجامعية مسؤولية قلة النظافة فهن غير حريصات على تنظيف غرفهن ومسح الأرضية ومنهن من تُبقي الطعام في غرفتها دون حفظه بطريقة جيدة فمن الطبيعي أن تتكاثر الحشرات.
وإن تباينت آراء الطلبة واختلفت، لكنهم جميعا يتفقون على أنه أضحى من الضروري إعطاء أهمية للطلبة الجامعيين وتحسين ظروفهم المعيشية بدءا من النقل إلى الإقامة حتى يتحسن مردودهم العلمي.