غادر ممثل البنك العالمي الجزائر بعد نهاية عهدته التي دامت حوالي ثلاث سنوات، بعد أن وجه سلسلة من الملاحظات حول الأداء الاقتصادي للحكومة الحالية، مما سبب حرجا لهذه الأخيرة حسب مصادر متطابقة. وقبيل مغادرة ممثله الجزائر، أصدر البنك العالمي تقريره الدوري حول الجزائر أنتقد فيه الطريقة البطيئة التي تدير بها الحكومة عملية الإصلاحات الاقتصادية من الجيل الثاني. حيث شدد التقرير على أن ريتم الإصلاح بطيء جدا، وأنه يشكل عائقا أمام الانفتاح الحقيقي للاقتصاد الوطني بل ويعيق اندماج الاقتصاد المغاربية التي تبحث كيفية الاستفادة من الفوائض المالية الضخمة التي تحققت للجزائر منذ 2000. وكشف أمس مصدر مطلع في اتصال مع الشروق اليومي أن البنك العالمي كان يفضل أن تكون له كلمة في طريقة إدارة إصلاحات الجيل الثاني في الجزائر من طرف الحكومة، غير أن تردد هذه الأخيرة، شكل امتعاضا للبنك وممثله في الجزائر الذي لم يتوانى في الإشارة إلى ذلك في مختلف التقارير التي يرفع إلى إدارة البنك دوريا. ويعتقد البنك أن الاقتصاد الجزائري وهو من الاقتصاديات التي لذيها موارد جيدة لم يعرف وتيرة انفتاح وخوصصة بالشكل الذي يعكس الصحة المالية والفوائض المحققة خلال السنوات الأخيرة، وهو ما جعل نسب النمو الإقتصادي المسجلة سنويا في حدود لم تتجاوز نقطتين بالمائة في القطاعات خارج المحروقات. ويعتبر البنك أن الإصلاحات من الجيل الثاني يجب أن تكون أيضا تحت مراقبته على اعتبار أن الاقتصاد الجزائري يعد واحد من بين 50 سوقا ناشئة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط واسيا وأمريكا اللاتينية، وبالتالي يتحتم على حكومات تلك الاقتصاديات السماح للبنك بمراقبة كل المعطيات المتعلقة بالمحيط الإقتصادي ومناخ الأعمال، ومتابعة النمو والإصلاح والانفتاح في بلد مثل الجزائر، يأمل البنك أن تمتد تأثيرات وضعيته المالية الجيدة إلى دول المنطقة المغاربية، على أساس أنها أي الجزائر دولة تقع في منطقة مواردها قليلة. وقال المصدر، إن البنك العالمي يمارس ضغوطا قوية على الجزائر من أجل اندماج الإقتصادات المغاربية حتى تتمكن بقية البلدان المغاربية الأخرى من الاستفادة من الفوائض القياسية المالية التي تتوفر عليها الجزائر والتي تفوق طاقة الاستيعاب التي تتوفر عليها السوق المحلية. ويعتقد كل من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، أن إصلاح القطاع المالي الجزائري خلال العقد الأخير، لم يحقق النتائج المرجوة رغم الصحة المالية التي توفرت للجزائر. وألمحت الهيئات المالية المذكورة إلى أن الصحة المالية الحالية غذت بشكل أكثر هدر ملايير الدولارات في مشاريع غير ناجعة من الوجهة الاقتصادية بسبب ترهل آليات الإدارة الاقتصادية، وبسبب السياسة المنتهجة التي عجزت عن التعامل مع المشاكل الأساسية التي أدت إلي شل الاقتصاد. ويؤكد البنك العالمي أن الجزائر لا تعاني مسألة سيولة بقدر معاناتها مع إدارة الشأن الإقتصادي بطريقة حديثة . فالجزائر التي حققت مداخيل قياسية منذ 2000 بلغت 277,836 مليار دولار لم تنجح حسب الهيئة المالية المذكورة في تحقيق إنذماج لاقتصادها في محيطة المغاربي بالشكل الذي يجعله قاطرة محركة لإقتصادات المنطقة المغاربية القليلة الموارد إذا استثنينا ليبيا التي تعد دولة نفطية أيضا. وحسب صندوق النقد الدولي فقد حققت الجزائر صادرات بلغت 21,718 مليار دولار سنة 2000 و 19,176 مليار دولار سنة 2001، ثم 18,832 مليار دولار سنة 2002، و24,646 مليار دولار سنة 2003، وبعدها 32,086 مليار دولار سنة 2004 قبل أن تبلغ سنة 2005 ب46,637 مليار دولار، وواصلت منحاها التصاعدي لتسجل 54,741 مليار دولار سنة 2006 وتقفز إلى 60 مليار دولار نهاية 2007. لكن ذلك لم يمكن الحكومة من تحقيق تقدم في مجال الإصلاحات الاقتصادية والمالية بالشكل الذي يمكنها من فك الارتباط الخطير بصادرات المحروقات يقول البنك العالمي، بل أن تلك المبالغ المتراكمة التي بلغت 277,836 مليار دولار ساهمت في زيادة خمول الحكومات المتعاقبة وتوجهها نحو التريث في الإصلاح الجوهري للنظام الإقتصادي. عبد الوهاب بوكروح