يرى الوزير والدبلوماسي الأسبق، عبد العزيز رحابي، أن فرنسا ترغب في أن توظف الجزائر في خدمة استراتيجيتها في إفريقيا ومنطقة الساحل، وجعلها "شرطيا" لها جنوب المتوسط. وأوضح رحابي في تصريحات ل"الشروق"، في رده على سؤال حول ماذا تريد فرنسا من الجزائر؟ أن باريس أن تملك نفوذا تاريخيا وامتدادا أمنيا وسياسيا واقتصاديا يعودان إلى أكثر من قرن في إفريقيا، وهو الامتداد الاستراتيجي الوحيد لفرنسا الذي يبرزها كقوة عالمية، ما يجعلها غير مستعدة للتخلي عن هذا النفوذ وهذا شيء طبيعي بالنسبة للدول الكبرى". وتابع السفير الجزائري الأسبق في إسبانيا، أن نفوذ باريس في المنطقة ليس تلقائيا وإنما يدخل في إطار سياسة خارجية توظف فيها السياسة والاقتصاد والتواجد العسكري، مبرزا أن غالبية حكام ورؤساء إفريقيا، موالين بدرجات كبيرة لفرنسا. ويضيف رحابي أن الإمكانيات التي تملكها الجزائر وخبرتها في مكافحة الإرهاب، جعلت باريس تعمل على استدراجها لتكون بمثابة شرطيها في المنطقة، وذلك لتوفير على نفسها يقصد باريس ما تدفع للمغرب لتجسيد السياسة الفرنسية في المنطقة. وذكر الدبلوماسي الأسبق دعم باريس للسياسة الإفريقية للمغرب وتوظيفها في تحقيق استراتيجية باريس في المنطقة، من خلال دعمه بالوسائل المادية والمالية للتواجد في إفريقيا، وكذا انحياز الموقف الفرنسي للرباط في دعم لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء الغربية، مشيرا إلى توظيف باريس كذلك الوجود القطري في إفريقيا عبر الجمعيات الخيرية المملوكة لبعض رجال الحكم والأعمال في الدوحة لخدمة استراتيجيتها. ويؤكد رحابي أن زيارة وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان للجزائر، لا تأتي فقط من زاوية نظرة باريس للجزائر على أنها ذلك الشرطي الذي يوفر عنها الكثير بقدرتها على مكافحة الإرهاب، وإنما تلك السوق الكبيرة التي تراها الملاذ الوحيد للخروج من أزماتها الاقتصادية، من خلال بيع الأسلحة بمختلف أنواعها. ويعتقد رحابي أن فرصة الجزائر لتفادي هذا الدور أو على الأقل لاستغلاله في صالحها، تكمن في أن لا تكتفي بالتواجد العسكري والأمني على مستوى حدودها مع دول الجوار خاصة دول الساحل، وإنما أفضل وسيلة لذلك، هي التواجد داخل هذه الدول سياسيا اقتصاديا من خلال تكوين جيوش دول منطقة الساحل وتدريب أجهزتها الأمنية، والدفع بالمعلمين والأطباء والبنوك الجزائرية والأئمة إلى التواجد في هذه الدول وبناء المساجد وتشجيع التجارة الخارجية فيها.