قالت مصادر برلمانية، إن عبد العزيز زياري رئيس المجلس الشعبي الوطني، تلقى ملفا، يضم 13 قضية، متعلقة بفضائح وخروقات شابت تسيير المجلس، قبل وبعد ذهاب رئيسه السابق، عمار سعداني، شملت مستجدات التحقيق فيما أصبح يعرف ب "قضية مستشارة عمار سعداني"، وعددا من القضايا ذات العلاقة، منها ما تعلق بمسؤولية الأمين العام السابق والحالي أبو بكر عسول في هذه القضية، وذلك من خلال الأوامر بالصرف التي وجهها لمدير الموارد البشرية السابق عبد الله جعلاب. ويتمحور التحقيق، الذي باشرته الجهات المختصة، حول حيثيات استفادة "الآنسة المستشارة"، من جوازي سفر متزامني الصلاحية، الأمر الذي اعتبر خرقا للقانون الجزائري، الذي يمنع استفادة أي شخص، مهما كان منصبه، من أكثر من جواز سفر. وقد بينت التحقيقات الأولية، أن المستشارة السابقة، التي كانت نادرا ما تزور مبنى المجلس الشعبي الوطني، أن الجواز الأول صدر عن ولاية الجزائر، بوظيفة مضيفة، بتاريخ 13 مارس 2005 وتنتهي صلاحيته بتاريخ 12 مارس 2010، يحمل الرقم 544530 . في حين جواز السفر الثاني صادر عن قنصلية الجزائر بباريس بوظيفة طالبة، بتاريخ 22 مارس 2005، وتنتهي صلاحيته بتاريخ 18 جويلية 2005. وتقدر الفترة التي تفصل بين إصدار الجوازين بتسعة أيام فقط، ما يعني أن المعنية بحاجة إلى تقديم تبريرات لهذا الخرق القانوني، الذي قد تنجر عنه عقوبات جزائية، في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن جواز سفر ثالث، يحتمل أن يكون فرنسيا، وخاصة إذا علمنا أن الآنسة (ب. ص)، كانت قد غادرت إلى فرنسا من مسقط رأسها في سكيكدة، وهي صغيرة السن، ما يعني احتمال حصولها على الجنسية الفرنسية. وفي هذه الحالة، ستأخذ القضية منعرجا آخر، لأن القانون الجزائري، يمنع توظيف مزدوجي الجنسية في المناصب السامية في الدولة. ومن بين القضايا التي أثيرت في هذا الملف أيضا، توجد طعون في قضايا أخرى، من بينها قضية الموظفة السابقة بالمجلس (ع. م)، والتي تعمل حاليا، بمجلس الأمة، والسكرتيرة الخاصة بالأمين العام (م. ف)، إضافة إلى ما تعلق بفيلا هذا الأخير، الموجودة بعين النعجة، وأسماء نواب الرئيس وإطارات المجلس، الذين يغطون على الخروقات المسجلة على مستوى تسيير الغرفة السفلى، انطلاقا من مسؤولياتهم، وكذا أسماء النواب العاديين، الذين يستفيدون من امتيازات زائدة، مقارنة بغيرهم من النواب، وذلك من خلال المهمات إلى الخارج، وكذا الإقامة في نادي الصنوبر، والذين منهم رئيس ديوان عمار سعداني سابقا، الذي لا زال يحتفظ بالإقامة التابعة للمجلس، إضافة إلى ثلاثة من نواب الرئيس التسعة، الأكثر حظوة، في المهمات إلى الخارج.. مستشارة برتبة "طالبة" والسؤال الذي يبحث المحققون عن الإجابة عليه، هو لماذا عمدت الموظفة السابقة بالمجلس الشعبي الوطني إلى إخفاء وظيفتها الحقيقية، في جوازات سفرها، ففي الوقت الذي أكد فيه رئيس المجلس السابق، عمار سعداني، في تصريح سابق ل "الشروق اليومي"، أن هذه الموظفة هي "طيارة"، وليست "مضيفة"، كما يدل على ذلك جواز سفرها الذي يحمل الرقم، يتضح أن جواز السفر الصادر عن ولاية الجزائر في مارس 2005، يؤكد أن الآنسة (ب. ص) بوظيفة "مضيفة"، وخاصة إذا علمنا أن هذه الموظفة، كانت في هذه الفترة تقوم بجولات ماراتونية ومكوكية بين مختلف البلدان الأوربية وبلدان أمريكا الشمالية، رفقة الدكتور بوعلام طاطاح، المدير الفعلي لمعهد التكوين البرلماني، في إطار نشاطات المعهد ومهماته التكوينية، وعلاقاته، خاصة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي كانت ترعى وتؤطر التكوين البرلماني في الجزائر. وتؤكد الوثائق التي بحوزة "الشروق" أن الآنسة المستشارة "الأنيقة جدا"، لم تكن مجرد مستشارة، بل كانت مستشارة فوق العادة، بحيث كانت تقضي أغلب أيامها في عاصمة الجن والملائكة، باريس، حيث تقيم عائلتها، وكانت كلمتها مسموعة في الغرفة السفلى للبرلمان، حتى بعد إبعادها عن المجلس، بغرض الحد من انتشار الإشاعات التي كانت تروّج حولها، وإن كان ذلك تحت عنوان عطلة بناء على طلبها، لمدة سنتين غير مدفوعة الأجر، بدأت في الفاتح من جويلية 2007، وتنتهي في 30 جوان من سنة 2009، بدليل أن راتبها الشهري لم ينقطع حتى في عز هذه العطلة، بحيث كشفت تحقيقات أمنية، أن إدارة المجلس الشعبي الوطني، صبت في حسابها البريدي، الذي يحمل الرقم: ( 25 85 27 4 CCP : )، عدة مرتبات شهرية للمعنية، غير أن مصالح أبو بكر عسول، اضطرت إلى توقيف الراتب، بعد أن تناهى إلى علمها نتائج هذا التحقيق، متحججة بأخطاء بيروقراطية عادية. اختفاء المراسلة اللغز ومن أبرز ما سجل من مفارقات، في تعاطي إدارة الغرفة السفلى مع هذه الموظفة، التكفل بإقامتها في الفنادق داخل الوطن، وخارجه، ومن بين ما تم اكتشافه في هذا الصدد، حادثة "فندق الجزائر"، الذي حجزت به الآنسة المستشارة (ب. ص) في الفترة الممتدة ما بين 14 جوان 2005، إلى 18 جويلية من نفس السنة، ولما امتنعت عن دفع مستحقات الفندق، هددت مصالح الأخير باللجوء إلى الشرطة، وعندها تدخل الأمين العام للمجلس أبو بكر عسول لدى المدير العام للموارد البشرية والمالية والوسائل، عبد الله جعلاب، يأمره بالتدخل لتسوية مستحقات الفندق المالية، فرفض الأخير، طالبا منه مراسلة كتابية، وبعد أن تسلم الأمر المكتوب بتاريخ 17 جويلية 2005، قام بتحرير فاتورة مسجلة بتاريخ 18 جويلية 2005، تحمل الرقم 78064 2 . ومما جاء في هذه المراسلة الموقعة من أبو بكر عسول "يتعين عليكم اتخاذ الإجراءات اللازمة، والتكفل بالنفقات المترتبة عن ذلك (يقصد نفقات فندق الجزائر)، على حساب ميزانية المجلس الشعبي الوطني"، ليقوم بعدها مدير الموارد البشرية بتحرير فاتورة بقيمة 364568.00 دينار، لفندق الجزائر. وقد حاولت الشروق الاتصال به لإبراز موقفه من هذه القضية، غير أنه رفض الرد على الهاتف. وبعد تفجير هذه القضية، طلب رئيس المجلس حاليا، عبد العزيز زياري، من مديرية الموارد البشرية والمالية والوسائل، نسخة من مراسلة الأمين العام لمسؤول هذه المصلحة، السيد جعلاب عبد الله، غير أنه لم يتم العثور عليها، لكن بالمقابل تم استظهار الفاتورة الموقعة من مدير الموارد البشرية، لغرض سنعرفه بعد حين. ولم تكن حادثة فندق الجزائر هي الوحيدة في قضية "المستشارة"، بل لها أيضا قضية أخرى في فندق الشيراتون، تدخل المجلس أيضا لتسديدها، فضلا عن الإقامات العابرة، وهو أمر يبقى غير مبرر، لا سيما وأن الآنسة (ب. ص)، وضع تحت تصرفها سكن بعاملة نظافة في العاصمة. خطوط حمراء وقد ساهم انفجار قضية مستشارة سعداني وما خلفته من تداعيات بالمجلس، في انفجار حادثة أخرى لا تقل إثارة عن سابقتها كونها تسببت في طرد مدير الموارد البشرية والوسائل السابق، عبد الله جعلاب. وكانت بطلة هذه القضية، موظفة سابقة بمصلحة المحاسبة.. فبناء على شكوك انتابت مدير الموارد البشرية حول مدى صحة شهادتها الجامعية الصادرة عن جامعة مولود معمري بتيزي وزو، قام جعلاب بمراسلة مصالح هذه الجامعة، للتحقيق في شهادة الموظفة، ليتبين بعد رد الجامعة المذكورة، أن السيدة المطلقة (ع. م)، لم تدخل إطلاقا، جامعة مولود معمري. عندها اقترح عبد الله جعلاب على الأمين العام للمجلس أبو بكر عسول، حلين للتعاطي مع هذه القضية، إما عزل الموظفة على خلفية "تزوير" شهادتها، أو إحالتها على المجلس التأديبي. وبعد التشاور، أرجع عسول الأمر لجعلاب، الذي اقترح إحالتها على المجلس التأديبي، لتفادي كل ما من شأنه أن يقود إلى الحديث عن تجاوزات. بعدها أخبر عسول رئيس المجلس السابق عمار سعداني بالقضية، وعندها طلب سعداني من المعنية مغادرة المجلس لمدة أربعة أشهر، واعدا إياها بالعودة إلى عملها بعد هدوء العاصفة، وهو ما حصل، بحيث أعيد إدماجها في منصبها، برسالة من عسول إلى جعلاب يقول فيها "يعاد إدماج الآنسة (ع. م) في منصبها بأمر من رئيس المجلس". وقد مرت قضية الإدماج بسلام، غير أن اقتراحا قدمه المسؤول بقسم المحاسبة، السيد الوانشي، يقضي بترقية هذه الموظفة من الرتبة 16 إلى 19 في سلم الوظيف الخاص بالمجلس، أعاد الأمر إلى نقطة الصفر، بحيث رفض مدير الموارد البشرية المقترح، ليجد نفسه بعد ذلك متهما بالتزوير، بناء على شهادة من مسؤول مصلحة المحاسبة، يقول فيها بأنه تلقى أمرا من السيد جعلاب، بتضخيم كشف راتب هذه السيدة، ليتحول بذلك المتهم إلى ضحية والعكس صحيح. ورود في الغرفة العليا بعد ذهاب سعداني ومجيء عبد العزيز زياري على رأس المجلس، ظن مدير الموارد البشرية بأن الوضع قد تغيّر، فحاول مقابلة الرئيس الجديد، ليشرح له ما تعرض له من ظلم، غير أنه وبينما كان جعلاب في قاعة الانتظار المخصصة للضيوف، في انتظار موعد المقابلة، قامت جهات في المجلس بإرسال، بحسب مقربين من جعلاب، أحد عناصر البروتوكول بغرض استفزاز مدير الموارد البشرية الباحث عن الإنصاف، بعبارات مثل "يا المزور".. ليقع شجار بين الرجلين، وعندها قرر عبد العزيز زياري فصل عبد الله جعلاب، من دون أن يستمع له، في الوقت الذي كان يحمل نظرة سيئة تجاهه، روّجها ضده الموالون للأمين العام. هذا، ولا زال إلى غاية اليوم السيد جعلاب، الذي انطوى على نفسه بمسقط رأسه بولاية ڤالمة، ينتظر مقابلة رئيس المجلس عبد العزيز زياري، لتبليغه وجهة نظره من الإشاعات التي روّجت ضده، غير أن زياري لا زال غالقا الباب في وجهه. وفي محاولة لتدارك ما خلفته قضية طرد مدير الموارد البشرية السابق، قام زياري بطرد الموظفة (ع. م)، غير أن هذا الطرد انتهى بها إلى شغل وظيفة أسمى في مؤسسة تشريعية أعلى، وهي مجلس الأمة، وهو أمر لم تؤكده ولم تنفه جهات مسؤولة بالغرفة العليا. أ.أسامة