يروي قائد عسكري عراقي سابق جانبا من وقائع الانهيار المفاجئ لجيش بلاده قبيل الاحتلال الأمريكي عام 2003 قائلا إن جميع القادة كانوا يتسابقون إلى استعراض القوة لطمأنة الرئيس السابق صدام حسين. ويقول الفريق الركن رعد مجيد الحمداني في كتابه "قبل أن يغادرنا التاريخ" والذي صدر حديثا في بيروت والقاهرة إن الحصار الدولي الطويل في التسعينيات أضعف القدرات القتالية للجيش العراقي، مبرزا أن العراق قبيل الغزو الأمريكي كان في حقيقته هشا وفي الظاهر قويا متماسكا قادرا على التحدي والصمود وكان جميع القادة "في مزاد كبير لعرض القوة ولا أبرئ نفسي من هذا.. كان من المعتاد طمأنة الرئيس... للمحافظة على مساحة الأمان الشخصية". ويضيف هذا القائد العراقي أن التيار السائد كان يجبر القادة على "الكلام الكبير" حتى لا يتهموا بالجبن والتخاذل. ويدلل على ذلك بأنه أوصى بنسف جسر القائد فوق نهر الفرات لتعطيل عبور القوات الأمريكية لكن تلك التوصية رفضت "لان السيد الرئيس لم يوافق على نسفه"، لكنه استدرك قائلا إن تدمير الجسر لم يكن ليغير كثيرا نظرا للتفوق الهائل للجيش الأمريكي الذي وصلت أرتاله الى مداخل بغداد ليلة الخامس من أفريل بعد أن دمرتها ألوف الصواريخ والقنابل لتسقط عاصمة العراق في التاسع من أفريل .. ويقول الحمداني انه لولا الحذر الشديد للقوات الأمريكية لسقطت بغداد في الخامس من أفريل بسبب القصف المتواصل للقوات العراقية، مضيفا أن عناصر من الحماية الشخصية لصدام واجهت في ذلك اليوم قوة استطلاع أمريكية ودمرت دبابتين "وقد راقب صدام هذا الموقف وهو جالس في مظلة انتظار الحافلات.. وهو في حالة أسى وذهول. وكاد الرئيس العراقي والقيادة يقتلون في مقر اجتماع سري في حي المنصور ببغداد بفعل المتعاونين مع القوات الأمريكية". ويضيف أنه منذ الخامس من أفريل بدأت معنويات المقاتلين في الانهيار وخاصة الجنود الذين "بدؤوا بترك دباباتهم وأسلحتهم منذ ذلك اليوم وبشكل تدريجي حتى وصلت أعداد المقاتلين يوم التاسع الى بضعة جنود وعشرات الضباط في كل لواء قتال". ويقول الحمداني إن المشهد يوم التاسع من أفريل كان معدا "بإخراج سينمائي في إسقاط التمثال الكبير" لصدام الذي شوهد في الوقت نفسه في حي الاعظمية ببغداد يشق طريقه "وسط مئات من المواطنين الذين كانوا يحيونه بإخلاص".