لم تتوقع الفتاة إكرام، 15 سنة، من البليدة، أن تقع في "مصيدة" أسلاك الضغط العالي، التي كادت تُنهي حياتها بطريقة مأساوية، مع نهاية العطلة الربيعية، وهي ترقد منذ الخميس الفارط بمصلحة الإنعاش بمستشفى الدويرة بالعاصمة. إكرام.. التي تدرس في القسم الرابع المتوسط، صعدت فوق سطح منزلها من أجل إصلاح "البارابول" حتى تتمكن من مشاهدة مباراة كرة القدم، التي جمعت المنتخب الوطني بنظيره القطري، فتعرضت لصعقة كهربائية بعد تماس صحن الهوائي المقعر بأحد الكوابل ذات التوتر العالي (30 ألف فولت)، القريب "جدا" من السطح، ما تسبب لها في حروق خطيرة على مستوى الأطراف والصدر، ونُقلت من قبل أعوان الحماية المدنية نحو مستشفى إبراهيم تيرشين بالبليدة ثم حولت نحو مصلحة الحروق بمستشفى الدويرة. وحسب تأكيدات الأطباء لعائلتها، فإنها لم تخرج من دائرة الخطر وهناك احتمال قائم ببتر إحدى ساقيها. غليان شعبي ورعب "الأسلاك" مستمر الحادث المأساوي الذي تعرضت له "إكرام" خلق حالة من الغليان وسط أهالي حي بن عمور بأولاد يعيش. وأعاد إلى الأذهان الصعقة الكهربائية التي كادت تودي بحياة طفل، شهر مارس من العام الفارط، وكذا إصابة عاملين كانا يشتغلان في البناء - قال محدثونا- وذكروا أن "مجازر الكهرباء" التي تستنزف أرواح المواطنين بحي بن عمور سببها التماطل في تحويل السلك الكهربائي ذي التردد المرتفع (30 ألف فولت)، وعدم دفنه تحت الأرض، ما جعله يشكل خطرا محدقا. ولطالما كان حل المشكل مطلبا شعبيا ومحل احتجاج السكان ومبعث قلقهم، وجعلهم يقدمون على قطع الطريق العام للفت انتباه الجهات المعنية، علها تسارع وتمنع وقوع ضحايا. وذكر ممثلون عن الحي، في معرض شكواهم إلى "الشروق"، أن بلدية أولاد يعيش تعهدت في إرسالية بتسديد مبلغ أشغال التحويل، بناء على الكشف الكمي والتقديري الذي أعدته مديرية توزيع الكهرباء والغاز لولاية البليدة بقيمة 5.230.972.54 دج، غير أن الحال، بسيدي سليمان أين يقع منزل الضحية إكرام و27 عائلة أخرى، لا تزال على ما كانت عليه، حيث تتقارب المنازل وأسلاك الضغط العالي، ولا يفصل بينها سوى مسافة 50 سم. ويعتقد المتضررون أن التماطل في الأشغال مرده إلى عدم دفع البلدية للمستحقات المالية، لتبقى الكوابل الكهربائية تشكل خطرا محققا وكذا عائقا جويا، حال دون توسعة المنازل والحصول على رخص البناء. البلدية تؤكد دفع تكاليف الأشغال و"سونلغاز" تنفي رئيس المجلس الشعبي البلدي لأولاد يعيش صرّح، في حديث إلى "الشروق اليومي" أن البلدية تقدمت بطلب تحويل خط كهربائي ذي الضغط المتوسط يمر بحي بن عمور، مؤكدا أن مصالحه دفعت مستحقات عملية التحويل التي قُدّرت ب 520 مليون سنتيم. وهو ما نفته مديرية توزيع الكهرباء والغاز بالبليدة. وأفادت مصادر "الشروق" أن مؤسسة سونلغاز أنهت أشغال الشطر الأول من العملية التي قدرت تكاليفها ب 520 مليون سنتيم والمتعلقة بتحويل أسلاك الضغط العالي إلى كابلات أرضية لما تشكله من خطورة، مؤكدا أن المؤسسة لم تتلق بعد التكاليف. وأوضح المصدر أن أشغال الشطر الثاني من حي بن عمور التي من المفروض أن تمس التجمع السكني مكان الحادث الأخير، بلغت تكلفته المالية مليارا و400 مليون سنتيم تتحملها السلطات الولائية، والصفقة قيد التوقيع، فيما قال قائمون على الشأن المحلي إن عددا من المباني بحي بن عمور شيدت بطريقة غير مطابقة ولم تحترم معايير السلامة، وأسلاك الكهرباء ذات التوتر العالي لم تمنع المواطنين من البناء تحتها مباشرة.