تلقت المديريات الولائية للتجارة، مراسلة من الوزارة الوصية حملت تعليمات تخص فرض رقابة استثنائية على جميع المتعاملين الاقتصاديين، وعلى وجه الخصوص المتعاملون الناشطون في مجال التجارة الخارجية، والشراكة مع الأجانب، حيث أطلقت المديريات حملة مراقبة لنشاط هؤلاء، والتدقيق في حساباتهم، وخلصت المراسلة إلى أوامر بتجميد نشاط كل متعامل لا يلتزم بأدنى شرط من الشروط، خاصة قاعدة الشراكة مع الأجانب، المعروفة ب51-49، وذلك في خطوة جديدة من الحكومة لحماية المنتوج الوطني، وتقليص فاتورة الواردات. وفي سياق المراسلة التي وجهتها وزارة التجارة لمديرياتها وضعت هذه الأخيرة مخطط للرقابة يشمل في شقه الأول مراقبة النشاط، ومدى قانونيته وتطابقه مع مواد النصوص التشريعية التي تحكمه، أما في شقه الثاني فيتعلق بالتنسيق مع مصالح الضرائب للتدقيق في مدى التزام المتعاملين الاقتصاديين في دفع الضرائب بكل أنواعها، كما يحمل مخطط الرقابة الذي أكدت مصادرنا أنه يحمل الطابعين البعدي والقبلي جانب منه التنسيق مع مصالح الجمارك للتضييق على عمليات دخول البضائع، خاصة غير المطابقة للمواصفات . وأكدت مصادرنا أن وزارة التجارة جادة في التضييق في إجراءاتها القاضية بحماية المنتوج الوطني من المنافسة الخارجية، وعلى اعتبار أن اتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوربي، وكذا مفاوضات الانضمام للمنظمة العالمية للتجارة، يعترضان مسار الجهاز الحكومي في اللجوء إلى أي إجراء إداري، لجأت الحكومة إلى تفعيل الجانب الرقابي والذي أكدت مصادرنا أن الأيام الأولى من الحملة كشفت تجاوزات خطيرة للمتعاملين، وستنتهي عملية دراسة وضعياتهم غير الشرعية بصياغة قرارات تجميد للنشاط إلى حسن التسوية القانونية. وتأتي إجراءات وزارة التجارة، موازية لتحضير الحكومة لمخطط عمل لمكافحة الغش في عمليات الاستيراد لاحتواء الظاهرة التي ألحقت أضرارا معتبرة للاقتصاد الوطني، في مقابل ظهور فئة من الأثرياء الجدد. ولتحضير هذا المخطط كان الوزير الأول عبد المالك سلال قد وجه مؤخرا رسالة إلى كل من وزير المالية ووزير الداخلية والجماعات المحلية ووزير العدل ووزير الفلاحة والتنمية الريفية، إلى جانب مؤسسات عمومية أخرى، يخطرهم بقلق السلطات العمومية للخسائر المعتبرة الملحقة بالاقتصاد الوطني، بسبب عمليات الاستيراد العشوائي وضعف الرقابة. وأشارت تعليمة سلال، التي أعلن فيها الحرب على" بارونات " الحاويات إلى الثغرات الموجودة في نظام المراقبة الجاري الذي أصبح عاجزا عن التصدي لظاهرة الغش في عمليات الاستيراد، الأمر الذي يؤكد ضرورة البحث عن حلول لتخفيف آثار هذه الظاهرة على الاقتصاد الوطني، لاسيما على احتياطات الصرف واستنزاف المخزون الوطني من العملة، والحفاظ على التوازنات الداخلية والخارجية للبلاد. وتبعا لأشغال اللجنة الدائمة لمتابعة الوضعية الاقتصادية والمالية والتي تكمن مهمتها في إصدار اقتراحات تدابير عملية للحفاظ على التوازنات الداخلية والخارجية جدد الوزير الأول تكليفه لوزير المالية الوافد الجديد على هذا المنصب أوامره بتنصيب لجنة وزارية مشتركة مكلفة برسم مخطط عمل لمكافحة ظاهرة الغش في عمليات الاستيراد، تجمع هذه اللجنة ممثلين عن قطاع المالية أي الضرائب والجمارك والتجارة والأمن على مختلف مصالحه والفلاحة والجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية وممثل عن بنك الجزائر. وكلفت تعليمة الوزير الأول أيضا وزيري المالية والتجارة بإجراء عملية مراقبة السجلات التجارية للاستيراد" بهدف "كشف ظاهرة الكراء غير القانوني للسجلات والتساهل وتحديد المواقع غير المعروفة وخرق الممارسات التجارية، ومن المتوقع أن تسفر هذه العملية التي ستجريها كل من مصلحتي الجمارك والضرائب بالتنسيق مع المصالح التابعة لوزارة التجارة عن "تطهير السجلات التجارية" ووضع جهاز إنذار مع البنوك التي يجب أن تراقب القواعد الاحترازية الأساسية فيما يخص توطين عمليات الاستيراد لمخاطر الاحتيال . ويأتي إعلان الحكومة ووزارة التجارة الحرب على المستوردين والمتعاملين الغشاشين في ظرف اقتصادي حساس تمر به الجزائر جراء الارتفاع المحسوس لاستيراد السلع وانخفاض الصادرات إلى تقلص كبير للفائض التجاري خلال سنة 2014 والذي بلغ 0.59 مليار دولار فقط مقابل 9.73 مليار دولار في 2013 ليكون بذلك أضعف فائض تجاري تحققه الجزائر منذ 1998. كما سجل الميزان التجاري عجزا قدر بنحو 1.73 مليار دولار خلال الثلاثي الأول من 2015 مقابل فائض بلغ 1.83 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2014.