تحضر الحكومة لمخطط عمل لمكافحة الغش في عمليات الاستيراد بهدف احتواء الظاهرة التي تفشت بنسب واسعة ما تسبب في الحاق أضرار معتبرة للاقتصاد الوطني. ولتحضير هذا المخطط وجه الوزير الأول عبد المالك سلال مؤخرا رسالة الى كل من وزيرالمالية ووزير الداخلية والجماعات المحلية ووزير العدل ووزير الفلاحة والتنمية الريفية الى جانب مؤسسات عمومية أخرى. و كتب الوزير الاول في الرسالة التي تحصلت وأج على نسخة منها: " قد أعلمت بتضاعف حالات الغش في الواردات ما يشكل مصدر انشغال جاد للسلطات العمومية نظرا للخسائر المعتبرة الملحقة بالاقتصاد الوطني ما يستوجب التصدي لها بقوة ومثابرة". و أضاف السيد سلال في تعليمته أنه "نظرا للحيل المستعملة من طرف الغشاشين و التواطؤ الذي يستفيدون منه اضافة الى الثغرات الموجودة في نظام المراقبة الجاري أصبح من الضروري وضع تدابير استعجالية والتصدي لهذه الظاهرة وتخفيف اثارها على الاقتصاد الوطني لاسيما على احتياطات الصرف و الحفاظ على التوازنات الداخلية والخارجية للبلاد". وفي هذا الخصوص وتكملة لأشغال اللجنة الدائمة لمتابعة الوضعية الاقتصادية والمالية والتي تكمن مهمتها في اصدار اقتراحات تدابير عملية للحفاظ على التوازنات الداخلية والخارجية كلف الوزير الأول وزير المالية "بتنصيب وعلى وجه السرعة لجنة وزارية مشتركة مكلفة برسم مخطط عمل لمكافحة ظاهرة الغش في عمليات الاستيراد". وتتكون هذه اللجنة من ممثلين عن قطاع المالية (الضرائب والجمارك) والتجارة والأمن (الأمن والدرك الوطنيين) والفلاحة والجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية وممثل عن بنك الجزائر. و دعا الوزير الأول الى تنصيب هذه اللجنة للشروع في أشغالها بصفة "استعجالية" من أجل إيداع نتائجه في مهلة محددة عند شهر واحد على الأكثر. كما كلفت تعليمة الوزير الأول وزير المالية بأمر مصالح الجمارك بتعزيز المراقبة على مستوى الحدود لاسيما من خلال تنظيم عمليات مرور الحاويات عبر جهاز السكانير خاصة فيما يتعلق بالحاويات القادمة من "بعض البلدان التي تشكل خطرا" ووضع مع الجهات المعنية مراقبة مسبقة انطلاقا من موانئ الاقلاع من هذه البلدان. من جهة اخرى كلف كل من الدرك والأمن الوطنيين بتقوية وسائل التحريات وقمع الغش عند عمليات الاستيراد من خلال "تحديد المرتكبين والتواطؤ الذي يستفيدون منه واحالتهم أمام المحاكم المختصة". وكلفت تعليمة الوزير الأول ايضا وزيرا المالية والتجارة ب"اجراء عملية مراقبة السجلات التجارية للاستيراد" بهدف "كشف ظاهرة الكراء غير القانوني للسجلات والتساهل وتحديد المواقع غير المعروفة وخرق الممارسات التجارية الحسنة". ومن المتوقع أن تسفر هذه العملية التي ستجريها كل من مصلحتي الجمارك والضرائب عن "تطهير السجلات التجارية" و"وضع جهاز انذار مع البنوك التي يجب ان تراقب القواعد الاحترازية الأساسية فيما يخص توطين عمليات الاستيراد لمخاطر الاحتيال". و كان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد ترأس خلال ديسمبر المنصرم مجلس وزاري مصغر خصص لمتابعة التطورات المسجلة في سوق النفط الدولية التي شهدت انخفاضا حادا في أسعار البرميل وانعكاستها على الاقتصاد الوطني. و قد كلفت الحكومة للسهر على عقلنة الواردات وتعزيز مراقبة تمويل التجارة الخارجية لمنع جميع أشكال تهريب رؤوس الأموال. و قد أدى الارتفاع المحسوس لاستيراد السلع وانخفاض الصادرات الى تقلص كبير للفائض التجاري خلال سنة 2014 والذي بلغ 59ر0 مليار دولار فقط مقابل 73ر9 مليار دولار في 2013 ليكون بذلك أضعف فائض تجاري تحققه الجزائر منذ 1998. وخلال الثلاثي الاول من 2015 حقق الميزان التجاري عجزا قدر بنحو 73ر1 مليار دولار مقابل فائض بلغ 83ر1 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2014.