سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"من الجزائر تعلمنا الجهاد ضد الاحتلال والإرهاب وأهلها ليسوا بمنأى عن القرآن" الشيخ محمد رشاد الشريف مقرئ المسجد الأقصى المبارك يفتح قلبه حصريا ل "الشروق"
مقرئ المسجد الأقصى: الشيخ محمد رشاد الشريف وصفوه بصاحب الصوت الذهبي في تجويد القرآن الكريم ولقبوه بخليفة شيخ المقرئين محمد رفعت.. استمعنا إليه وهو يرتل آيات من الذكر الحكيم وهو شيخ في الثالثة والثمانين من عمره، فلمسنا روحانية في التلاوة وملائكية متسامية في الترتيل، فلا عجب إذا علمنا أنه مقرئ المسجد الأقصى المبارك الشيخ محمد رشاد الشريف الذي فتح لنا قلبه في حوار حصري مع "الشروق". * * تعدد الدعاة في زماننا حتى أصبحوا مثل الذي يريد أن يصنع بابا وهو ليس نجارا * * الشروق: فضيلة الشيخ تمضي اليوم زيارتك الأولى الى الجزائر، لكنك تحفظ عنها الكثير وكأن السامع لما ذكرته في شأنها يستشعر أنك عشت وترعرعت فوق هذه الأرض التي تعرف جيدا كيف ترحب بضيوفها لا سيما إن كانوا من أهل القرآن؟ * ** (بعد أن صلى على النبي محمد)، فعلا هي زيارتي الأولى الى الجزائر لكن وجداني متعلق بهذه الأرض الطيبة، هي في مقدمة البلاد العربية والإسلامية التي تحتل مكانها في قلوبنا وقلوب سائر المسلمين، لأنها كباقي البلاد العربية والإسلامية ابتليت بالاحتلال الأجنبي، الذي طالت مدته وتفاقم ظلمه، لكن التاريخ كان كفيلا بجبر كسرها مرتين، إبان الاحتلال ولما ضربها الإرهاب، الجزائر عزمت بأبنائها جهادا على تطهير أرضها من عناصر الظلم والاضطهاد وكان أن قدمت قافلة من الشهداء، يعرف هذا كل مسلم وغيره، وسعدنا بزيارة الجزائر لا سيما ونحن نطأها في مثل هذه الأيام من الشهر الكريم، شهر رمضان المبارك وفي مناسبة كريمة، مناسبة القرآن الكريم. * * الشروق: شيخنا الفاضل، أنتم تعلمون جيدا أن الدولة الإسلامية لا تقوم إلا بعلماء الدين والذائدين عن قيمه، وبوصفكم علما من أعلام الإسلام في البلاد العربية ومن أصل طيب متصل بسيد الأمة محمد صلى الله عليه وسلم، كيف تقيمون الحراك الديني بالجزائر؟ * ** ليست الجزائر بمنأى عن القرآن وأهل القرآن فهي التي أقامت صرح الجهاد على قواعد القرآن المكينة وإن البلاد أو الأمة التي تتمسك أو تعود الى القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة وتجعلها مصدرا لقوتها وسعادتها تفوز فوزا كبيرا... إن تاريخ عبد الحميد ابن باديس القرآني يكشف عن عطائه الكبير في تربية الأمة على القرآن الكريم وتاريخه معروف وأثره كذلك، وقد زارنا قبل عشرات السنين في مدينة القدس والخليل موطن المسجد الأقصى وموطن السيد الخليل عليه السلام، العالم الجزائري الكبير محمد البشير الابراهيمي الذي كان يطوف البلاد الإسلامية معلنا راية التحرر والرجعة الى الله عز وجل، أذكر أنه قال في محاضرة له في مدينة الخليل "سأظل ءأناضل وأكافح من أجل قضايا المسلمين، خصوصا قضية فلسطين، سأظل كذلك مادام هذا اللسان يتحرك، الجزائر حقا بلد الإسلام والمسلمين ولعل تأكدي من هذا الأمر تضاعف وأنا مقيم بالأردن التي تعرفت فيها على عدد من الجزائريين الوافدين عليها وفودا رسميا وغير رسمي، كانوا يصلون خلفي في المساجد فيعربون عن إعجابهم وتأثرهم الشديد بالترتيل الصحيح وكثيرا ما دعوني الى الجزائر، وقد أذن لي الله أن أتشرف بهذه الزيارة والتي أتوجه الى الله أن يديم السعادة والخير على أرض الجزائر وأنا أزورها وتنتشر الأخوة بين أهلها ويكونوا بمنأى عن الاختلاف والعدوان، فإن المؤمنين إخوة أحبة ينبغي أن يتوجه اهتمامهم الى الإسلام والمسلمين وينبغي أن يصفى ما بين المختلفين بالتفاهم والمصالحة وتبادل المحبة والوئام. * * الشروق: فضيلة الشيخ أنتم وليد أرض مقدسة، أرض الخليل عليه السلام، كيف تشعرون بهذا الانتماء الطيب؟ * ** أعتز كثيرا لأني من مواليد مدينة الخليل التي يثوي فيها إبراهيم عليه الصلاة والسلام حقيقة وليس رمزا ومثوى السيد الخليل وزوجته سارة وولده إسحاق وزوجته رفقة، كلهم موجودون في غار شريف في الخليل، وأنا أعتز بهذا الجوار وبالأرض التي تشرّفتْ بخطوات محمد صلى الله عليه وسلم وعروجه اليها من السماء تلبية لنداء ربه الذي أرانا من آياته الكبرى، فقد عشنا في رُبى هذه الأرض وظلالها ورضعنا منها صافيا غدقا ونرجو من الله أن يزول ظلم المحتلين عنها. * * الشروق: بما أنكم فضيلة الشيخ أتيتم على الحديث عن احتلال الأرض المقدسة، كيف ترون إمكانية توحيد الصف الفلسطيني سياسيا ودينيا؟ * ** نرجوا أن يتوحدوا على كلمة الحق وعلى نصرة البلاد وترك الخلافات والاتفاق والتعاون على نصرة القضية وإخراج المستعمرين الصهاينة من البلاد. * * الشروق: طيب فضيلة الشيخ دعنا نعرج على ترتيل القرآن الكريم، حيث يعرف أنك تعلمته من الشيخ المقرئ محمد رفعت والذي تأثرت به كثيرا وأجدت التجويد والترتيل بمستواه، حتى لقبوك بخليفة "قيثارة السماء؟ * ** نعم، لقد بدأت تلاوة القرآن محاكيا للشيخ محمد رفعت، حقا هو شيخ المقرئين في وطننا العربي، علاقتي به روحية أنشأها المذياع الذي استمعت منه وأنا ابن 11 عاما في الصف الخامس الابتدائي الى الشيخ محمد رفعت مقرئ القرن العشرين وقرون قبلهم، فاستمعت إليه بشوق وبقيت على ذلك استمع اليه مدة طويلة الى أن تمكّنت بفضل الله من محاكاته بالموهبة التي أكرمني الله بها والوعي الفني وقرأت في الإذاعة في سنة 1942 واستمعوا إلي وظنوا أني الشيخ رفعت لأني أملك نفس صوته. * * الشروق: حديثك عن الشيخ محمد رفعت يوحي بأنك لا ترى في الوجود غيره مرتلا جيدا للقرآن، ألا يستهويك سماع القرآن من مقرئ آخر؟ * - أصنف باقي المقرئين في المرتبة الثالثة بعد الشيخ محمد رفعت وبعدي لأني أرتل بطريقته، هم في الحقيقة مجتهدون لكن لا أحد وصل الى مرتبة تجويد شيخ المقرئين محمد رفعت، ومع ذلك فقد استمع إلى الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ طه الفشني والشيخ محمد صديق المنشاوي. * * الشروق: فضيلة الشيخ تعرف جيدا أصول التجويد، فكيف تميز الحاذق فيها من المخل، وكيف تعرف السليم في الترتيل؟ * **الصوت الحسن ضروري في تجويد القرآن وإخراج الحروف من مخارجها الصحيحة ضروري أيضا ومعرفة أحكام النون الساكنة والميم الساكنة وأحكام المد وهذه أمور علمية تدرس. * * الشروق: شيء رائع أن تجتمع مواهب عديدة لدى شيخ يقرأ كتاب الله ويجيد ترتيله، هل لك أن تكشف لقراء "الشروق" ما أمدك الله من مواهب؟ * ** نعم، أكرمني الله بموهبة الخط والشعر العمودي وموهبة إجادة الألحان الموسيقية، تشرفت بتعليم القرآن وعلومه وأحكامه في المدارس والجامعات ودور القرآن، وتخرج على يدي العديد من الحفظة المتقنين للتلاوة، وتمكنت من محاكاة الترتيل "التدوير"، وقد نسب المؤتمر الاسلامي الذي انعقد بجدة تسجيل مصحف كامل بصوتي كي يستمع إليه العالم العربي والإسلامي. * * الشروق: ما رأيكم فضيلة الشيخ في ظاهرة الفتاوى التي كثرت وتعددت وتكون تأثيراتها السلبية على المسلمين غير العارفين بدينهم؟ * ** لا يتعرض للفتوى إلا أهل العلم وكل واحد يدلي بدوله في غير اختصاصه يسيء ولا يحسن كالنجار الذي يريد أن يصنع بابا أو خزانة وهو ليس بنجار، كل شيء له أصول وقواعد وهناك كثيرون خاضوا في هذا البحر ولم يثبتوا وجودهم، وأنا لا أرى منهم قدوة إلا الشيخ يوسف القرضاوي الذي زارني في الخليل وسعدت به كثيرا والشيخ سعيد رمضان البوطي ومحمد حسان، ومحمد موسى الشريف هذا العلامة والكابتن الطيار.