ظاهرة الحراقة لاتزال مستفحلة خيم الحزن والأسى مجددا على البيوت الجزائرية في مدينتي سكيكدة وعزابة، عشية شهر رمضان الكريم، بفقدان 13 من أبنائها في رحلات للهجرة السرية انطلاقا من مدينة نابلالتونسية، ولم ترد عنهم اية معلومات تؤكد وفاتهم أو بقاءهم على قيد الحياة، مما فتح مجددا ملفا داميا تتحاشى الجزائر الخوض فيه، نظرا لما تربطها من علاقات ديبلوماسية مع جارتها تونس، غير ان عائلات المفقودين تتحرك هذه الايام بين ولايتي سكيكدةوعنابة وتجري سلسلة من الاتصالات مع شخصيات ومسؤولين في الدولة ونواب في البرلمان طلبا للمساعدة للعثور على أبنائها المفقودين، سواء كانوا أحياء في السجون، ام موتى في مصالح حفظ الجثث بمستشفيات تونس وإسبانيا وإيطاليا. * * نائب برلماني يطالب بإجراء تحليل الحمض النووي للتعرف على مصير "الحراڤة" * * ولم تتوقف عائلات "الحراڤة" من مراسلة المعنيين للتدخل لدى السلطات التونسية والايطالية قصد الإفراج عن "الحراڤة" المفقودين منذ سنة 2007 أو استرجاع جثثهم لدفنها بالجزائر، خاصة فيما يخص تعذيب جزائريين واستنطاقهم في سجون سرية، أشهرها حادثة موت "الحراڤ" الشاب "هادف رياض" من ولاية عنابة الذي توفي على التراب التونسي، وكان رفقة ستة من "الحراڤة"، هم مفقودون لحد اليوم، ويرجح ان تكون السلطات التونسية قد ألقت القبض عليهم قرب سواحلها. * * ثلاثة ملايين دينار تونسي لاسترجاع جثة "حراڤ" * * عائلات الحراڤة المفقودين والمقدر عددهم بأكثر من 500 حراڤ لا تزال تحارب من أجل الوصول الى معلومات عن أبنائها، فلا يوجد بيبت من عنابةوسكيكدة ومدن الساحل إلا وتألم بفقدان احد ابنائه حيث رفع صوت القران عاليا حزنا على المفقودين من ولايات سكيكدةعنابة والطارف وبجاية منذ بداية السنة فقط، ناهيك عن "الحراڤة" غير المصرح بهم. * إلتقينا مع صابوني بو بكر الصديق من الساحل الغربي لولاية عنابة ناشط في جمعية "العثور عن الحراڤة " ووالد الشاب فيصل "حراڤ" مفقود كان مع الضحية رياض ومن بين الستة حراڤة المفقودين منذ تاريخ 19 ماي 2007 جاء لولاية سكيكدة للتعاطف مع عائلات الحراڤة ال13 المفقودين رفقة ناشط أخر في نفس الجمعية يدعى السيد كمال بلعابد والد الحراڤ مروان الذي فقد في 18 أفريل 2007 صرح لنا صابوني بأن أبنه واصدقاءه كانوا أحياء عندما دخلوا التراب التونسي بدليل مكالمة أجريت معهم عبر هاتف نقال مسجلة بالتاريخ والساعة دامت 289 وحدة وتنقل الوالد الى تونس بحثا عن إبنه فعثر على القارب الذي أبحر فيه الحراڤة الستة عند مرفأ بميناء الهوارية للصيد بإقليم أقليبيا وكان المركب سليما وغير محطم. * * العائلات تطالب بإجراء فحص الحمض النووي للتعرف على جثث "الحراڤة" * * "حتى لا تحرق جثث أبنائنا ولا يصلي في جنازتهم اليهود والمسيحيين في إيطاليا واسبانيا نريد حلا من السلطات الجزائرية لاسترجاع جثث الحراڤة الجزائريين، من خلال إتخاذ إجراءات عملية تتمثل في تحليل الحمض النووي لأولياء الحراڤة ومقارنتها بالحمض النووي للجثث قصد التعرف عليها بشكل سريع "هذا ما قاله لنا السيد بلعابد وما تطالب به كل العائلات الموجوعة من فقدان أبنائها، وهو ما تطالب به عشرات العائلات من الذين فقدوا أبناءهم السنة الماضية انطلاقا من سواحل سيدي سالم بعنابة وقالوا بأن الجزائر تتاخر دائما في إيجاد الحلول التي تحفظ كرامة ابنائها عندما يتعلق الامر بالاهانة فما بالك الجثث التي لم تكرم بالدفن واحرقت امام أعين العالم ، فالاجراءات المعمول بها في إيطاليا مثلا هو حرق الجثة بعد شهرين من حفظها إذا لم يتم التعرف عليها لاستيلامها من طرف الدولة أو العائلات. * وقد اودع النائب بالمجلس الوطني الشعبي محمد الصالح بوشارب سؤالا كتابيا الى وزير الداخلية يزيد زرهوني قبل اختتام دورة البرلمان يطالبه فيها بفتح مكاتب على مستوى الولايات لأحصاء الحراڤة وإجراء تحاليل الحمض النووي أو ما يسمى البصمة الوراثية لعائلات الحراڤة المفقودين للكشف عن مصير ابنائهم لدى الدول الأوروبية ، وفي حال عدم تطابق أي تحليل مع اية جثة يعني أن الحراڤ لم يمت بل مفقود و يتطلب البحث عنه. * * ثلاثة ملايين دينار تونسي لاستراجاع جثة "الحراڤ" الواحد * * صرح لنا أهالي "الحراڤة" في ولاية عنابة بأنهم يخوضون حربا إدارية كبيرة مع السلطات التونسية لاسترجاع جثث ابنائهم في حال التأكد منها ووجودها فعلا بالمستشفيات التونسية، فقد تم استرجاع ثلاث جثث خلال السنتين الماضيتين بعد عناء كبير ورحلة بحث دامت اشهر طويلة، تمكن أولياء بعض "الحراڤة" الذين تنقلوا الى اقاليم في تونس بحثا عن ابنائهم من العثور على جثثهم بعد ورود معلومات تؤكد وجودها في مستشفيات تونس، وفرضت عليهم السلطات التونسية مبالغ مالية كبيرة دفعت لمصلحة نقل الجثث التونسية، ولم تكن العائلات تملك مالا كافيا لتسديد نفقات نقل الجثث فتم تنظيم حملة تبرع كبيرة في أحياء ومساجد عنابة لجمع أكثر من 10 ملايين دينار تونسي تمكن من خلالها أولياء "الحراڤة" من استرجاع جثث ابنائهم، أما الجثة الرابعة فتم استرجاعها بعد ان تدخل النائب في البرلمان بوشارب صالح عن حركة الاصلاح لاسترجاع جثة حراڤ من عائلة فقيرة عجزت عن دفع تكاليف نقله، فأجرى اتصالات مع القنصل العام في تونس لتقديم مساعدات للعائلة. * * * 300 "حراڤ" في سجون سرية عسكرية بتونس * * تتعامل السلطات التونسية مع "الحراڤة" الجزائرين الذين يدخلون ترابها او مياهها الاقليمية بصفة غير شرعية، وفق إجراءات قانون مكافحة الارهاب وتعتبر "الحراڤة" من المشتبه فيهم ويشكلون خطرا إرهابيا محتملا، وعلى هذا الاساس تقوم بسجنهم واستنطاقهم في سجون سرية. وقد وردت الينا معلومات من نشطاء في جمعيات حقوق الانسان بأن تونس تحتجز لحد الآن 300 جزائري "حراڤ" في سجون سرية في جزيرتي ؛زمبرا" و"جالطا"، وقد صرح لنا والد "الحراڤ" صابوني فيصل أنه تنقل عدة مرات الى تونس وقدم أموالا الى حراس سجون تونسيين مقابل إيفاده بمعلومات عن ابنه المفقود وعن حراڤة جزائريين اختفوا على التراب التونسي، والذين أخبروه بأن هناك أكثر من 300 جزائري حراڤ ألقت السلطات التونسية القبض عليهم.