أكد وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، أن "الدولة الجزائرية لم تتخل عن مكافحة الإرهاب ولم تحاول استغلاله كعائق لصالحها للإعلان عن وقف الإصلاحات الديمقراطية لفترة"، مشيرا أن الجزائر قدرت الصعوبة وكافحت الإرهاب مع سعيها لترقية الحريات دون اللجوء إلى توقيف مسعى الدمقرطة. وقال مراد مدلسي، بجنيف، أمام ممثلي خمسين دولة وعدد من المنظمات الدولية المجتمعين خلال الدورة الأولى للمراقبة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، أن الجزائر عملت بقناعتها وبفضل انضمام المواطنين أنها ستتمكن من القضاء على الجريمة وفتح الفضاءات التي كان يحق للمجتمع الجزائري انتظارها، مؤكدا بالقول "التزامنا بهذا النهج لا رجعة فيه اليوم"، مشيرا الى أن "الإرهاب يخادع من خلال ضرباته العشوائية وبحثه عن أهداف بسيكولوجية وسعيه للدعاية الإعلامية". وأوضح مدلسي أنه "لم يعد يمثل ذلك التهديد الذي كان يشكله على الأمة ولا على الهيآت ولا على العمل المنتظم لمصالحها العمومية"، وأردف قائلا إن "البحث على توازن عادل بين الحرية والأمن ليس بالأمر اليسير"، مشيرا الى أنه يمكن لجميع الدول التي تعرضت لخطر الإرهاب أن تشهد بذلك، وذكر أن الجزائر اجتهدت في معالجة إشكالية ظاهرة الإرهاب في إطار الشرعية مع الأخذ بعين الاعتبار ضروريات الحق في الحياة وكذا واجب حماية المواطنين "وهو أقل ما ينتظرونه من قبل المؤسسات الجمهورية المكلفة بالأمن والمحافظة على النظام العام". واستطرد وزير الخارجية يقول "لقد رسمنا من خلال مسعى صريح صورة حقيقية للوضع دون تضخيم أو إخفاء لإخفاقاتنا"، مضيفا "لقد استخلصنا الدروس لنا ولفائدة الآخرين"، معتبرا أنه فيما يتعدى الخسائر البشرية التي يتعذر تداركها لم يكن كفاح الجزائر للإرهاب عديم الجدوى، مضيفا أنه "مكن المجموعة الدولية من فهم آليات الإرهاب وتحليل مظاهره وإعداد إستراتيجيتها الخاصة لمكافحته وحماية مواطنيها". وأكد مدلسي أن الجزائر بوضع نفسها تحت دراسة المراقبة الدورية الشاملة لم تزعم يوما أنها تستجيب استجابة مطلقة لمقاييس حقوق الإنسان، ذلك أنه لا تسلم أية دولة في العالم من النقد في هذا المجال، مردفا بالقول "مواصلة الإصلاح التشريعي وإنجاز مختلف المشاريع التنموية في الجزائر.. اننا نتطلع إلى مضاعفة العمل كمّا وكيفا"، مشيرا إلى أن "خطابنا الحالي ليس ظرفيا، بل هو وليد قناعة عميقة ومسعى خطط له منذ أمد"، وأوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية، أن الجزائر ترحب "بالتوصيات التي ستقدمونها" من أجل حماية حقوق الإنسان وترقيتها بما يعود بالمنفعة على الشعوب. وأضاف مدلسي قائلا "هذا يبرز الاهتمام الذي يوليه البعض والبعض الآخر لتكريس حقوق الإنسان في الجزائر وبطريقة عامة تشجيعهم على هذه الآلية المحدثة والمتمثلة في المراقبة الدورية الشاملة التي تستند على الحوار و التعاون". وفي هذا السياق، ذكر الوزير أن "الجزائر باشرت انتقالها في سياق جد صعب"، مشيرا الى أن الإرهاب كان "من أعنف اعتداءات العهد المعاصرة، غير أنه لم يثن عزيمة الدولة الجزائرية على مواصلة مهمة إعادة صياغة الحكم ولا تأجيل تحرر الفضاء الاقتصادي".